أظهر مسح قامت به وكالة "رويترز" أن النمو الاقتصادي في مجلس التعاون الخليجي، المكون من ستة أعضاء، سيظل قويا، لكنه سيتباطأ بشكل كبير العام المقبل مع تراجع الطلب على النفط بسبب ارتفاع الأسعار.
وانخفضت أسعار النفط الخام، أهم دعائم اقتصادات الخليج، بأكثر من 30% من أعلى مستوى لها في نحو 14 عاماً، والذي سجلته في مارس/ آذار عند 139 دولارا، حيث فاقت المخاوف من الركود العالمي وضعف الطلب، لا سيما في الصين، أثر الدعم من خفض كبير في الإنتاج المستهدف لتجمع "أوبك+"، وفقاً لـ"رويترز".
وأشارت الوكالة إلى أن الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، ما زالت تكافح بؤر تفش لكوفيد-19، وتتمسك بسياسة "صفر كوفيد"، التي تصر على القضاء التام على المرض، ما ألقى بتبعاته على النشاط الاقتصادي والطلب العالمي على النفط خلال الأشهر الأخيرة.
وقالت "رويترز" إن الصين مصدر رئيسي لإيرادات دول مجلس التعاون الخليجي. وأظهر استطلاع "رويترز" الذي أجرته في الفترة من 10 إلى 19 أكتوبر / تشرين الأول أن النمو الإجمالي للاقتصادات الستة التي يتألف منها المجلس الخليجي سيتباطأ إلى 4.2% العام المقبل، مقارنة بـ6.6% في 2022.
ونقلت الوكالة عن خديجة حقي، مديرة البحوث وكبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى بنك الإمارات دبي الوطني، أن "دول مجلس التعاون الخليجي استفادت من الارتفاع الحاد لأسعار النفط، الذي حول عجز الميزانيات إلى فائض، وزادت إنتاج النفط بما عزز نمو الناتج الإجمالي المحلي. لكن التوقعات بالنسبة لعام 2023 تشكل تحديا أكبر نظرا لقوة أميركا".
وأضافت خديجة حقي: "هناك بعض المخاطر التي تضغط في اتجاه خفض توقعاتنا للنمو في عام 2023 إذا تدخلت (أوبك+) لخفض الإنتاج استجابة لانخفاض الطلب على الخام العام المقبل، ومع احتمال تأثر الاستهلاك في ظل زيادة تكاليف الاقتراض".
وأظهرت التوقعات أن الاقتصاد في المملكة العربية السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة وأكبر مصدر للنفط الخام في العالم، وفي الكويت سينمو بنسبة 3.5% في عام 2023، بانخفاض عن توقعات بنسبة 8.1% و7.6% على التوالي هذا العام.
وبالنسبة لبقية اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، قالت رويترز إنه من المتوقع أن يتباطأ النمو في الإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان العام المقبل، مشيرةً إلى أنه في البحرين سيتباطأ إلى 3% من 3.4% هذا العام.
وتستفيد اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي من معدلات تضخم منخفضة، كون أسعار المستهلكين محكومة بالدعم الحكومي، كما يتم تحديد سقوف أسعار في بعض الأحيان، بينما تواجه اقتصادات الدول المتقدمة الأخرى ارتفاعًا حادًا في الأسعار لم تشهده منذ عقود.
وتوقع المسح أن ينخفض معدل التضخم في جميع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي العام المقبل. وتشير التوقعات إلى أن قطر والكويت والإمارات ستشهد ارتفاعًا طفيفًا في مستوى التضخم مقارنة ببقية الدول، بمعدل يقترب من 3%، لكنه يبقى أقل من مستوى هذا العام البالغ أكثر من 4%.
ومع تقليص اقتصادات كبرى من اعتمادها على النفط، تسعى دول الخليج العربية إلى تنويع مصادر إيراداتها. ويقول المحللون إنه على الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي النفطي قد ينخفض العام المقبل، إلا أن النمو غير النفطي قد يأتي عند المستوى نفسه أو ربما يكون أفضل.
ويقول رالف ويجريت، من شركة Standard & Poor’s Global Market Intelligence: "القاسم المشترك هو التركيز على السياحة، والتي لها أهمية كبيرة في الإمارات العربية المتحدة، كما أن خطط السياحة في المملكة العربية السعودية تثير الإعجاب بشكل خاص".
وأضاف: "الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأميركي سيزيد من الضغط على القدرة التنافسية الخارجية لدول الخليج لأن عملاتها مرتبطة بالدولار".
(رويترز)