تونس: النجاة من الانزلاق نحو الإفلاس رهن صندوق النقد

08 ابريل 2022
القطاع المالي يتعرض لصعوبات عديدة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

انتقلت عدوى مخاوف الإفلاس إلى تونس، ما دفع السلطة إلى التأكيد على أن الوضع مختلف عن لبنان. ويزيد النمو الاقتصادي الهزيل وتأخر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي من مخاطر ذهاب تونس نحو سيناريوهات عديدة، ومنها الإفلاس، في ظل مناح سياسي متوتر يمنع الأطراف الحاكمة من الالتقاء حول حلول الإنقاذ.
ويعتبر خبراء اقتصاد أن تونس ليست في منأى عن المخاطر المالية، حيث زاد الجدل حول هذه الفرضية عقب تصريحات نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي عن "إفلاس لبنان ومصرف لبنان المركزي"، رغم النفي الرسمي من مسؤولين لبنانين آخرين، وسط تحذيرات من إمكانية وقوع تونس في مرحلة الانزلاق الحر للدولة.
بينما تعتبر السلطة أن الوضع في تونس لا يمكن مقارنته بلبنان، مستبعدة كل سيناريو الإفلاس، بحسب ما صرح به وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد، الذي قال إن الوضع في بلاده مختلف و"البنك المركزي التونسي يعمل بكل استقلالية للمحافظة على التوازنات المالية الكبرى"، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية.
وأوضح الوزير أن "البنك حافظ على سيولة كافية في خطوة لتفادي التوسع في تمويل الموازنة عبر الأوراق المالية أو التسبب في تضخم مصطنع".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

لكن اقتصاد تونس يعاني من صعوبات هيكلية زادت حدتها في الأشهر الأخيرة منذ إعلان الرئيس قيس سعيد عن تجميد أشغال البرلمان وإقالة الحكومة في 25 يوليو/ تموز الماضي بينما كانت البلاد تقترب من توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 4 مليارات دولار من أجل توفير موارد للموازنة والقيام بإصلاحات اقتصادية.
ويرى الخبير المالي آرام بلحاج أن درء خطر الإفلاس عن تونس مرتبط بمجموعة شروط يتعيّن تحقيقها في ظرف وجيز، ومنها النجاح في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والذهاب إلى حوار وطني من أجل وضع برنامج إنعاش اقتصادي حقيقي وجدي.
واعتبر بلحاج، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الإخفاق في تحقيق شروط الإنعاش الاقتصادي ووضع حلول حقيقية لأزمة التمويل سيذهب بالبلاد إلى السيناريو اللبناني أو ربما أخطر، بحسب قوله.
وقال الخبير المالي إنه بالرغم من وجود عديد أوجه التشابه بين البلدين، ومن بينها الأزمة السياسية، وتدهور المالية العمومية وتأخر الإصلاحات والانخفاض المستمر للترقيم السيادي (حسب التصنيفات الائتمانية)، إلا أن وجه الاختلاف العديدة بين تونس ولبنان تؤكد أن البلاد ما زالت بمنأى عن سيناريو الإفلاس الكارثي.
وأضاف المتحدث أن تونس لم تتخلف عن سداد ديونها الخارجية ولا يزال الاقتصاد يحقق نسب نمو رغم ضعفها، كما لا يزال التضخم عند مستوى 7.2 بالمائة، وهي مؤشرات مخالفة تماما لمؤشرات البلدان المفلسة التي يفوق فيها التضخم 100 بالمائة.
واعتبر الخبير المالي أن من عوامل الطمأنة أن تونس تفرض قيودا على حركة رؤوس الأموال الأجنبية، وهو ما يحد من إمكانيات هروب الأموال أو المس باحتياطي العملة الصعبة الذي يحكم عليه البنك المركزي السيطرة لمنع انهيار قيمة الدينار ومواصلة التزام تونس بسداد ديونها الخارجية واستقرار الجهاز المصرفي.

يرى الخبير المالي آرام بلحاج أن درء خطر الإفلاس عن تونس مرتبط بمجموعة شروط يتعيّن تحقيقها في ظرف وجيز، ومنها النجاح في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي


غير أن بنك الاستثمار الأميركي "مورغان ستانلي" قلل، في مارس/ آذار الماضي، من احتمال توصل تونس إلى اتفاق على برنامج قرض مع صندوق النقد هذا العام.
وافترض البنك مرور تونس بحالة من الفوضى في عام 2022، معتبرا أن عدم القيام بإصلاحات جوهرية يزيد من احتمال تخلّفها عن السداد في عام 2023 بسبب احتياجات التمويل المرتفعة.
وتحتاج البلاد إلى ما لا يقل عن 12 مليار دينار لتمويل موازنة هذا العام، من بينها أكثر من 7.5 مليارات دينار (2.5 مليارات دولار)، ستخصص لسداد أقساط الديون المستحقة هذا العام.

ويستحوذ الدين العام لتونس بحسب قانون الموازنة على82.57% من إجمالي الناتج المحلي في 2022، ويبلغ الدين الخارجي نحو 72.9 مليار دينار (24.8 مليار دولار)، بينما يبلغ الدين الداخلي 41 مليار دينار.
ويرى الخبير الاقتصادي خالد النوري أن القانون الأساسي للبنك المركزي وقانون المصارف يحميان أموال المودعين بنسبة عالية عبر صندوق ضمان الودائع البنكية، كما يتولى البنك المركزي يوميا ضخ 11.4 مليار دينار للبنوك حتى يتمكن الجهاز المصرفي من الإيفاء بالتزاماته إزاء العملاء.
غير أن النوري قال في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن الجهاز المصرفي معرض للانكشاف بسبب مخاطر تمويل المؤسسات العمومية التي تشكو عجزا قياسيا.