تستعد الحكومة التونسية لسداد ديون محلية مستحقة عليها للمصارف بقيمة تزيد عن 3 مليارات دينار، أي ما يعادل نحو مليار دولار، وهو المبلغ الأعلى الذي تسدده الدولة تحت هذا البند منذ تأسيس الشركة التونسية للمقاصة عام 1994.
وكشف الجهاز المركزي للأوراق المالية (التونسية للمقاصة)، في نشرته اليومية أن الإدارة العامة لإدارة الدين العمومي والتعاون المالي التابعة لوزارة المالية تستعد لسداد أذون خزينة بتلك القيمة، خلال الأيام المقبلة، وذلك في إطار الإيفاء بالتزامات الدولة تجاه مقرضيها المحليين.
ولم تكشف السلطات عن مصدر السداد، وإن كانت مصادر رجحت الحصول على قروض جديدة من البنوك عبر طرح سندات وأذون خزان لسداد الديون المستحقة.
وتشكل قيمة هذه الأذون قصيرة المدى مبلغا قياسيا بالنظر للحيز الزمني الوجيز المخصص لسدادها، بحيث لا يتجاوز يوم 20 يونيو/ حزيران الحالي.
وسبق أن تعثرت الدولة في سداد أذون خزينة بقيمة 800 مليون دينار في مايو/ أيار 2022 جرى تحويلها إلى سندات طويلة المدى يحل أجلها عام 2032.
وتلجأ حكومة تونس بشكل مكثف إلى المصارف المحلية للاقتراض من أجل تمويل الموازنة العامة وسد العجز مع تواصل انحسار مصادر التمويل الخارجية، بسبب تعثر الاتفاق المالي مع صندوق النقد الدولي وتأجيل المانحين مساعداتهم الموجهة نحو تونس إلى حين توقيع اتفاق القرض النهائي.
ويرفع اللجوء المكثف إلى الديون الداخلية من قبل الحكومة الأعباء على الموازنة والدين العام للبلاد الذي ارتفع نصيب السوق الداخلية من مجمله إلى نحو 43 بالمائة.
ووفق أحدث البيانات لوزارة المالية، بلغ الدين العام للبلاد 115.7 مليار دينار، أي ما يزيد عن 38 مليار دولار، من بينها 49.5 مليار دينار ديون داخلية (الدولار = نحو 3.1 دنانير).
ويقول الخبير المالي خالد النوري، إن إعلان السلطة المالية سداد هذه الديون لا يعني بالضرورة صرفها فعليا للمقرضين إذ تبنت السلطة منذ مايو أيار/ 2022 مسار مبادلة أذون الخزينة قصيرة المدى بأخرى متوسطة وطويلة المدى.
وأكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن استبدال أذون الخزينة قصيرة المدى بأخرى متوسطة وطويلة المدى تترتب عليه زيادة نسبة الفائدة التي تتحملها.
يتراوح معدل نسبة فائدة أذون الخزينة متوسطة وطويلة المدى بين 8.3 و9.9 بالمائة مقابل متوسط سعر فائدة للأذون قصيرة المدى لا يتجاوز 6 بالمائة، ما يمثل أعباء إضافية على الموازنة من ناحية وتأكيد السلطة على عدم تخلفها عن سداد الدين الداخلي من ناحية أخرى.
وتخصص إجمالا أذون الخزينة لتمويل الموازنة، حيث يصل حاليا إلى 24.3 مليار دينار، وفقا لأحدث بيانات البنك المركزي التونسي، بينما يرتفع حجم الدين الداخلي ككل إلى 49.5 مليار دينار من مجموع دين عمومي بقيمة 115.7 مليار دينار.
تلجأ حكومة تونس بشكل مكثف إلى المصارف المحلية للاقتراض من أجل تمويل الموازنة
ومن المنتظر وفقا لمعطيات قانون الموازنة 2023، أن تصل حاجيات تمويل الدولة إلى 23.5 مليار دينار منها 9.5 مليارات دينار تعمل السلطات على تعبئتها من السوق الداخلية وذلك لتمويل عجز الميزانية وتسديد ديون سابقة.
ومن المرجح أن تصل خدمة الدين (الأصل والفائدة) عن الاقتراض الداخلي إلى 12.1 مليار دينار مع نهاية العام الحالي.
وخفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف تونس إلى -ccc، مشيرة إلى أن النقص الملموس في التمويل الخارجي المتاح للبلد الشمال أفريقي، بما يتجاوز تصورها الأساسي، سيزيد الضغوط على احتياطيات النقد الأجنبي لديها.
وقالت الوكالة إن خفض تصنيف تونس الائتماني يعكس عدم اليقين بشأن قدرة البلاد على جمع التمويل الكافي لتلبية متطلباتها المالية الكبيرة.
وأشارت "فيتش" إلى أنه في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي، يمكن لتونس أن تحصل على تمويل خارجي في حدود 2.5 مليار دولار في 2023. وأعلن الاتحاد الأوروبي الأحد الماضي أنه سيقدم 900 مليون يورو كقروض مشروطة.