يشكو تُجار للأسماك في قطاع غزة الضرائب الجديدة المفروضة من قبل وزارة الزراعة في الحكومة التي تديرها حركة "حماس" على مجموعة من أصناف الأسماك التي تُسوَّق إلى مُدن الضفة الغربية، فيما قالت الحكومة إن هذه الضرائب تتعلق بأصناف مستوردة، وإنها تهدف لإعطاء ميزة تسويقية أقوى للمنتج المحلي.
وقال تُجار إنهم تلقوا معلومات شفهية من دائرة الثروة السمكية في وزارة الزراعة، الخميس الماضي، تفيد بفرض ضريبة تقدَّر بـ5 شواكل على كل كيلوغرام من السمك المسوق للضفة الغربية من الأسماك المصرية التي تصل إلى القطاع عبر منفذ رفح التجاري، إلى جانب فرض 3 شواكل على كل كيلوغرام من سمك دنيس من المزارع المحلية. (الدولار يساوي 3.6 شواكل تقريباً).
وقال صاحب شركة أبناء سامي أبو حصيرة لاستيراد وتصدير الأسماك، عوني أبو حصيرة لـ"العربي الجديد"، إنّ الزيادة غير المسبوقة طاولت نحو 15 صنفاً من الأسماك المصرية، ومن أبرزها القاروص، الجرع، الجمبري بأحجامه، السردينة، السلطان، البكالايا، اللوكس الصخري، المليطا، المغازل، الجرع الكبير، وجرع المانول، والسويسي أو "المعكرونة" والصول، كذلك سمك الدنيس المحلي.
وبيّن أبو حصيرة أن تسويق الأسماك في المدن الفلسطينية يعتبر بمثابة إزالة العبء عن السوق المحلي، حيث يتوافر السمك المصري بكميات كبيرة، إذ تستورد الشركة الموردة للأسماك المصرية نحو 120 طناً شهرياً إلى قطاع غزة.
وأوضح أن المجمل الشهري لتسويق الأسماك للمحافظات الشمالية في الفترة الحالية لا يتخطى 600 طن شهرياً، بنحو 15 طن أسبوعياً مُقسمة على ستة أو سبعة تُجار بنسب متفاوتة.
ونبّه أبو حصيرة إلى أنّ القرار الجديد، والمتمثل بفرض ضرائب مرتفعة إلى هذا الحد على مسوقي الأسماك للمحافظات الشمالية (الضفة) يعتبر كارثياً، داعياً إلى إلغاء القرار، خاصة في ظل هامش الربح البسيط، إلى جانب البيع بالدين لمعظم تجار مدن الضفة، فيما يُطلب دفع الضريبة نقداً، علاوة على تحديد الكميات التي يسوّقها الاحتلال الإسرائيلي.
في الإطار ذاته، قال التاجر الفلسطيني عبد الرحمن العامودي، لـ"العربي الجديد" إنّ إدارة الثروة السمكية أبلغتهم بالقرار الصادر عن وزارة الزراعة، ما دفعهم إلى التوجه إلى ديوان المظالم، ومن ثم التقاء وكيل الوزارة لمناقشة القرار، الذي يعتبر من القرارات الصعبة على مسوقي الأسماك.
وأضاف العامودي أن هناك تكاملاً بين قطاع الصيد، وقطاع تسويق الأسماك، وأن آلاف الأسر تقتات من وراء قطاع الصيد ومن عملية التصدير. وتابع: "نقلنا الشكوى للمختصين والجهات المسؤولة، إلا أننا لم نحصل على أية إجابة أو طمأنات حتى اللحظة".
وقال تاجر فلسطيني آخر، فضّل عدم الكشف عن هويته، إنه فوجئ بالقرار الجديد، وقد قام برفقة مُسوقي الأسماك بتقديم اعتراض وكتاب للجهات المُختصة على نسبة الضرائب الكبيرة، خاصة أن تلك الأسماك تنقل للشق الآخر من الوطن، ولا تقع ضمن إطار التصدير.
وفي رده على أحاديث التجار ومسوقي الأسماك، ذكر الناطق باسم وزارة الزراعة في غزة أدهم البسيوني، أن ما فُرض من رسوم على كل كيلو، يتعلق بالأصناف المصرية، وصنف الدنيس المُنتج في المزارع، وأنّ ذلك "يأتي لإعطاء ميزة تسويقية أقوى للمنتج المحلي في قطاع غزة".
وقال البسيوني لـ"العربي الجديد" إنه لم تُفرض أي رسوم على أي كيلو يُنتج أو يُصاد محلياً من بحر قطاع غزة، باستثناء صنف الدنيس، وقد فرضت عليه رسوم بنسبة أقل، للضغط باتجاه إبقائه في قطاع غزة، على اعتبار أنه صنف نخبوي ويحتاجه الناس في القِطاع.
وأشار إلى أن ما فُرض من رسوم يقتصر على الأسماك المستوردة، خاصة أن تكاليف الإنتاج في غزة عالية، مقارنة بالدول الاقليمية، نظراً لظروف الحِصار الذي يمنع دخول شِباك الصيد، فضلاً عن المُلاحقة وتحديد مساحة الصيد، و"بالتالي إن الكميات والأنواع قليلة، ومن باب أولى إعطاؤها الفرصة التسويقية".
وأكد الناطق باسم وزارة الزراعة أن من أبرز أهداف الرسوم الجديدة، أن يبقى جزء من احتياجات أهالي قطاع غزة، في الأسواق المحلية، لإحداث توازن تسويقي ما بين احتياجات المواطن، وإعطاء قيمة اقتصادية وعائد مادي للصياد، عبر إبقاء القوة التسويقية داخل قطاع غزة.
ويعاني القطاع المحاصر من جانب الاحتلال الإسرائيلي أزمات اقتصادية مركبة، انعكست سلباً على أوضاع السكان الذين تتجاوز أعدادهم 2.2 مليون نسمة، إذ لامست معدلات الفقر 70%، فيما وصلت معدلات البطالة إلى 50%.