استمع إلى الملخص
- أمثلة بارزة تشمل انتقال إيلون ماسك لتجنب الضرائب، واستفادة جيف بيزوس من الهيكلة الضريبية، وإنشاء وارن بافيت لصناديق استئمانية، وانتقال مشاهير لولايات بلا ضرائب.
- تعكس هذه الحالات التباينات في النظام الضريبي الأمريكي، ومع استمرار الانتقادات، تواجه محاولات الإصلاح مقاومة من القوى الاقتصادية الكبرى، مما يثير تساؤلات حول عدالة النظام.
شهدت الولايات المتحدة على مرّ العقود العديد من حالات التحايل الضريبي من قبل كبار رجال الأعمال الأثرياء الذين استفادوا من ثغرات قانونية وسياسات ضريبية متباينة بين الولايات لتقليل ما يدفعونه من ضرائب بشكل كبير. هؤلاء الأفراد، الذين يقفون على رأس كبرى الشركات والمؤسسات، استخدموا وسائل قانونية، لكنها مثيرة للجدل أخلاقيًا، لتجنب دفع مليارات الدولارات المستحقة لخزينة الدولة، ما أثار انتقادات واسعة من العامة والمشرعين.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك كان قرار رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك، مؤسس شركات مثل تسلا وسبيس إكس، والمستشار الأقرب حالياً إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بالانتقال من ولاية كاليفورنيا إلى تكساس في عام 2020. وجاء هذا الانتقال في سياق اعتراض ماسك على معدلات الضرائب المرتفعة في كاليفورنيا، التي تُعَدّ من بين الأعلى في الولايات المتحدة. وبفضل هذه الخطوة، وفّر أغنى رجل في العالم، الذي أصبح قبل أسبوعين أول فرد تتجاوز ثروته 400 مليار دولار، مئات الملايين من الدولارات التي كان سيدفعها ضرائبَ على الدخل والثروة، حيث لا تفرض تكساس ضرائب على الدخل الفردي.
أيضاً برزت حالة جيف بيزوس، مؤسس أمازون، الذي استفاد من الهيكلة الضريبية للشركة لتجنب دفع الضرائب على الأرباح لسنوات عديدة. وبين عامي 2007 و2011، سجل بيزوس أرباحًا شخصية تقدر بملايين الدولارات، لكنه لم يدفع أي ضرائب دخل فيدرالية بطرق قانونية، مستغلاً الثغرات الموجودة في النظام الضريبي الأميركي، وفقًا لتحقيق أجرته منظمة ProPublica في عام 2021. أضف إلى ذلك أن شركته أمازون، التي تُعَدّ من أكبر شركات العالم، دفعت ضرائب فيدرالية قليلة جدًا مقارنة بأرباحها البالغة مليارات الدولارات، بسبب اعتمادها على الإعفاءات والحوافز الضريبية.
وعلى سبيل المثال، في عام 2007، بلغت قيمة ثروة بيزوس حوالى 3.8 مليارات دولار، لكنه لم يدفع أي ضرائب فيدرالية بفضل استغلال الاقتطاعات الضريبية، مثل تلك المتعلقة بالخسائر الاستثمارية واقتطاعات الفوائد على القروض. وفي عام 2011، على الرغم من زيادة ثروته بمليارات أخرى، تمكن أيضًا من تجنب دفع الضرائب باستخدام استراتيجيات مشابهة.
وبين عامي 2014 و2018، زادت ثروة بيزوس بما يقرب من 99 مليار دولار، لكنه دفع ضرائب فيدرالية بقيمة إجمالية تقدر بحوالى 973 مليون دولار فقط، وهو مبلغ يمثل نسبة صغيرة جدًا من مكاسبه الفعلية خلال تلك الفترة. وتعكس تلك الأرقام التباين الكبير بين الضرائب التي يدفعها الأفراد الأثرياء مقارنة بالطبقات المتوسطة، وهو ما أثار جدلًا واسعًا في الولايات المتحدة حول عدالة النظام الضريبي.
وهناك طريقة أخرى شائعة للتحايل الضريبي في الولايات المتحدة، وهي إنشاء "الصناديق الاستئمانية Trust Funds"، حيث حوّل أشخاص مثل وارن بافيت، كما العديد من الأثرياء الأميركيين، جزءاً كبيراً من ثرواتهم إلى مؤسسات خيرية يسيطرون عليها، ما يسمح لهم بتجنب دفع الضرائب على هذه الأموال. وفي حين أن بافت دافع علنًا عن فرض ضرائب أعلى على الأثرياء وأصحاب المليارات، فإن استراتيجيته هذه وفرت له مئات الملايين من الدولارات.
الرياضيون والفنانون الأثرياء
ولم يكن الرياضيون والمشاهير من الأثرياء بمنأى عن هذه الاستراتيجيات، حيث قرر لاعب كرة القدم الأميركية الشهير توم برادي، الانتقال من ماساتشوستس إلى فلوريدا، حيث لا تفرض الأخيرة ضرائب على الدخل الفردي، ما وفر له ملايين الدولارات من الضرائب على عقوده الإعلانية الضخمة.
وشهدت الولايات المتحدة عدة حالات لتهرّب مشاهير من الضرائب، حيث استخدم بعضهم ثغرات قانونية أو الاستناد إلى استشارات مالية خاطئة لتجنب دفع الضرائب المستحقة. وكان من أبرز الأمثلة ويسلي سنايبس، الذي امتنع عن دفع الضرائب على دخله بين عامي 1999 و2004، ما أدى إلى سجنه لمدة ثلاث سنوات في 2008. كذلك، المغنية لورين هيل، التي أُدينت بعدم دفع نحو مليون دولار من الضرائب على دخلها بين 2005 و2007، وحُكم عليها بالسجن ثلاثة أشهر وغرامة مالية. أما الممثل نيكولاس كيج، فقد تراكمت عليه ديون ضريبية بلغت نحو 13 مليون دولار، وادعى أن ذلك كان نتيجة إدارة مالية سيئة من مستشاريه.
هذه الأمثلة وغيرها تكشف عن تباينات واسعة في النظام الضريبي الأميركي، الذي يسمح للأغنياء بتقليل ما يدفعونه بطرق قانونية لكن مثيرة للجدل. ومع استمرار الانتقادات، بدأت بعض الولايات والمشرعين بالضغط لإصلاح هذه السياسات، لكن مقاومة القوى الاقتصادية الكبرى تجعل تحقيق تغييرات جذرية أمرًا معقدًا وطويل الأمد.
في النهاية، يبقى السؤال الأكبر عن مدى عدالة النظام الضريبي وقدرته على تحقيق التوازن بين تحفيز الاستثمار والابتكار وضمان المساواة الاقتصادية.