لم تفلت الولايات التي تقع على أطراف السودان من عمليات التخريب المتعمدة على أيدي المتصارعين إذ يسعى كل طرف للسيطرة على مقدرات العديد من الولايات المهمة. وكان من أبرز هذه الولايات جنوب دارفور التي تحولت إلى مدينة أشباح.
واشتعلت الأوضاع المجتمعية في ولاية جنوب دارفور "غرب السودان" ولاسيما في عاصمتها نيالا، إذ تحولت نذر الحرب الدائرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى أعمال سلب ونهب للأسواق والمنشآت الحكومية والمؤسسات الاقتصادية لم تسلم منها هيئة الجمارك بالولاية والتي تحتضن عددا كبيرا من السيارات توطئة لإكمال إجراءاتها من قبل الإدارة.
وجنوب دارفور، هي إحدى الولايات الخمس التي تشكل منطقة دارفور في غرب السودان وتبلغ مساحتها نحو 127.300 كلم. مربع ويزيد عدد سكانها على 3 ملايين نسمة.
وطاولت أعمال التخريب رئاسة الولاية والمؤسسات الصحية والتعليمية هناك، إذ تعرضت تلك المقار إلى نهب ممنهج على مدار الأيام الماضية، ما دعا جميع المؤسسات والأسواق إلى إغلاق مقارها، في وقت تشهد فيه الولاية حرباً شرسة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ووفقاً لشهود عيان تحدثوا إلى "العربي الجديد" فإن مجموعة من قوات الدعم السريع حاولت اقتحام مقر القيادة العامة للجيش ولكنهم فشلوا في ذلك ما دعاهم إلى التوجه مباشرة إلى اقتحام الأسواق وكسر الأقفال ونهب المحال التجارية بخاصة في سوق الملجة الذى يبعد حوالى 5 كلم من سوق نيالا الكبير.
وتبعه اقتحام سوق المواشي الذى يبعد حالى 15 كلم من رئاسة محلية مدينة نيالا شمالاً وسوق موقف الجنينة الذى يقع على بعد 8 كلم من وسط المدينة.
وقال أصحاب محال تجارية منهوبة لـ"العربي الجديد" إنهم فوجئوا بمحالهم المغلقة خالية من البضائع بعد اقتحام القوات للأسواق إذ نُهبت كل البضائع، كما امتد النهب إلى أسواق الخضروات. وذكر مواطنون أنه تم خلع أبواب محال نهائياً ومن ثم نقل البضائع على ظهور سيارات ذات دفع رباعي إلى أماكن مجهولة.
وفي هذا السياق، قال التاجر على سالم لـ"العربي الجديد" إنّ عمليات النهب والسلب طاولت محلات الأثاث والصيدليات وغيرها، مؤكداً أن أغلب التجار لم يسلموا من الأعمال التخريبية ما اضطر كثيرين إلى نقل بضائعهم إلى المنازل لتخزينها، واصفا الأمر بأنه يشكل خطرا على المواطنين مع انعدام تام للأمن.
وقال مواطنون إن أسواق مدينة نيالا ظلت مغلقة تماما بما فيها السوق الكبير وسط المدينة الذي سيطر عليه الجيش وقام بتأمين كل مداخله.
وأوضحوا أنه السوق الوحيد في الولاية الذي لم يتعرض للنهب بعكس الأسواق الأخرى التي ما زالت أصوات الرصاص وأعمدة الدخان تتصاعد فيها، إذ لم يستطع المواطنون دخولها لشراء مستلزماتهم اليومية وخاصة الاحتياجات المرتبطة بشهر رمضان وعيد الفطر الذي بات قريباً.
ولفت مراقبون بالمدينة إلى أن سوء الأحوال الأمنية ينذر بخطورة الموقف في ظل وجود أسر فقيرة تعتمد في قوت يومها من خلال العمل اليومي في السوق، الأمر الذى سينعكس سلبا على مزيد من سوء الأحوال الأمنية.
ويقول المواطن عمار بخيت لـ"العربي الجديد" إن مدينة نيالا دخلت في ظلام دامس وانقطاع للمياه منذ السبت الماضي نتيجة للأوضاع الأمنية المتدهورة والتزم جميع المواطنين منازلهم، كما تعرض عدد من المواطنين إلى التهديد ونهب ممتلكاتهم الخاصة من داخل منازلهم من عصابات مسلحة، الأمر الذى أدى إلى نزوح كثيرين من بيوتهم خوفا من مخاطر السرقة والنهب والسلب.
وفى ظل الانفلات الأمني، شكا مواطنون من تعرضهم للضرب من قبل ملثمين في الطرقات ينهبون أموالهم خلال اضطرارهم للخروج بحثاً عن المياه.
ويقول التاجر بريمة إسماعيل لـ"العربي الجديد" إن بعض متاجر الخضروات والفاكهة واللحوم التي ما زالت تعمل وهي قليلة جداً شهدت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار بسبب قلة الوارد إلى الأسواق وإغلاق معظم المخازن أبوابها تحسباً لهجوم وتكسير ونهب من قبل العصابات المسلحة.
وفى ظل الأجواء الأمنية المتردية، هاجمت مجموعة من العصابات المسلحة وبعض المليشيات القبلية مقار المنظمات الأجنبية بمدينة نيالا ومنها مقار برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) ومؤسسة الرؤية العالمية، ومنظمة ميرسي كور، ومنظمة يونيسف ومنظمات دولية أخرى. كما هاجم المسلحون وزارتي المالية والصحة، فضلاً عن نهب سيارات قيد الترخيص بهيئة الجمارك.
وفيما يتعلق بالكهرباء ظلت مدينة نيالا تشهد انقطاعات متكررة في نهار وليلا مع ندرة في الخبز.
وشهدت المخابز تدافع المواطنين للحصول على الخبز فضلاً عن التهافت على السلع التموينية في بعض المناطق بالمدينة لتخزينها خوفاً من طول أمد الصراع المسلح بين الطرفين المتحاربين.