لا يستبعد الاقتصادي الأميركي جوزيف ستيغليتز، الحائز على جائزة نوبل عام 2001، أن تعمد دول عربية إلى منع تصدير النفط إلى البلدان الداعمة لإسرائيل، كما حدث في حرب أكتوبر/ تشرين الأول قبل أكثر من خمسين عاماً، بما لذلك من نتائج على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة واقتصاديات بقية دول العالم.
يعبر الثمانيني ستيغليتز، عن رؤيته وفق خبرة كبيرة، إذ لم يكتف بعمله الأكاديمي الذي أهّله للفوز بجائزة نوبل، بل اطلع على كيفية صناعة واتخاذ القرار الاقتصادي في بلده وفي المؤسسات الدولية، حيث كان كبير الاقتصاديين ونائب رئيس البنك الدولي حتى عام 2000.
يرجح المحاضر في جامعة كولومبيا في نيويورك، والذي كان مستشاراً اقتصادياً للرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، أن ترتهن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية 2024 للآفاق الاقتصادية للأشهر المقبلة، والتي ترتبط في جزء منها بتطور الأحداث الجارية في الشرق الأوسط.
يتخوف مؤلف كتابي "انتصار الجشع" و"ثمن اللامساواة"، من تحقق فرضية، يراها أسوأ كوابيسه. تلك المتمثلة في مواصلة الاحتلال الإسرائيلي تجاهل الدعوات الدولة بوقف إطلاق النار في غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني شخص في حالة من البؤس منذ عقود.
يقدم شهادة حول ما رآه عند زيارته لغزة في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، عندما كان كبير الاقتصاديين في البنك الدولي. يقول في مقال في صحيفة لوموند الفرنسية مطلع الشهر الجاري إن ما شاهده كان مؤلماً، مؤكداً أن الوضع تدهور أكثر بعد فرص الحصار على غزة قبل نحو 17 عاماً.
يتصور أنه مهما كانت قوة ما حدث في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول (عملية طوفان الأقصى التي شنّتها المقاومة الفلسطينية)، فإن الشارع العربي لن يقبل بالعنف الذي تتعرض له غزة.
ولا يستبعد أن يتكرر ما حدث في 1973، عندما قامت الدول العربية في منظمة الدول المنتجة للبترول بمنع تصدير النفط إلى الدول التي تدعم إسرائيل خلال الحرب.
ويرى أن ذلك لن يكلف كثيراً البلدان المنتجة للبترول في الشرق الأوسط، على اعتبار أن ارتفاع الأسعار سيعوض تراجع الطلب، مشيراً إلى أنه ليس مفاجئاً أن يكون البنك الدولي ومؤسسات أخرى، حذرت من أن سعر النفط قد يصل إلى 150 دولاراً للبرميل. ويشدد على أن ذلك يمكن أن يفضي إلى انفلات التضخم الناجم عن العرض.
ويعتبر أنه في حال تحقق هذا السيناريو، فإنه سيتم تحميل الرئيس الأميركي جو بايدن مسؤولية ارتفاع الأسعار ويتهم بسوء تدبير الشرق الأوسط.
ويعتقد أن ذلك قد يحدث رغم النتائج الاقتصادية التي تحسب، في نظره لإدارة بايدن، التي تمكنت من إعادة الاقتصاد إلى سكة النمو بفعل قانون حول البنيات التحية وتقليص التضخم.
كما يرى أن ارتفاع أسعار الطاقة سيكون مدمراً بالنسبة لأوروبا. ويرى أن المديونية المفرطة لبلدان من الجنوب يمكن أن يتعذر التحكم فيها في حال تباطأ الاقتصاد العالمي، خاصة إذا ما ارتفعت أسعار الفائدة وأسعار النفط والسلع الغذائية.
ويؤكد أنه بعد الحرب على غزة، أضحى يرى الصعوبات في جميع مناطق العالم. ورغم العراقيل فإنه لا يستبعد احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مرجحاً أن يكون العالم قد دخل في أسوأ مرحلة منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
ولد جوزيف ستيغليتز في 9 فبراير/ شباط 1943 بمدينة غاري الواقعة في ولاية إنديانا الأميركية. حصل على الإجازة من كلية أمهرست سنة 1964، ثم التحق بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وحصل فيها على درجة الدكتوراه عام 1967.
تأثر ستيغليتز أثناء دراسته الجامعية ببعض أفكار المدرسة الكينزية في الاقتصاد، ولا سيما ما يتعلق منها بعجز الأسواق عن ضبط نفسها تلقائياً وضرورة تدخل الدولة من أجل ضمان سيرها بفعالية وتجنب الأزمات الدورية، لكنه وعلى غرار باقي الكينزيين الجدد لا يشاطر الكينزيين التقليديين السياسات الاقتصادية التي يقترحونها.
ألّف بغزارة في مختلف مجالات الاقتصاد ونشر العشرات من الكتب والمئات من المقالات الأكاديمية والصحافية، منها كتاب "مبادئ الاقتصاد الكلي" الصادر عام 1993 وقد طُبع مرات عدة، و"خيبات العولمة" في 2002، و"عندما تفقد الرأسمالية صوابها" في 2003، و"تجارة عادلة للجميع" في 2005.