لم يكن الأحد 20 نوفمبر/ تشرين الثاني، يوماً عادياً، بل كان استثنائياً بكلّ المقاييس، في شوارع الدوحة... حركة دؤوبة في كلّ شيء، حافلات النقل العام، التي تحمل شعار مونديال قطر 2022، تجوب الشوارع من الجنوب إلى وسط البلاد، على نحو 300 مسار ضمن شبكة الطرقات المتطورة التي تخدم مختلف ملاعب والمنشآت والمعالم السياحية ومناطق الإقامة الخاصة بزوار البطولة.
وكان اتجاه الحافلات في اليوم المونديالي الأول، أمس، متركزاً نحو الشمال حيث حفل افتتاح المونديال في ملعب البيت بمدينة الخور شمال الدوحة بنحو 60 كيلومتراً. وكذلك سيارات الأجرة المعروفة محلياً بـ"كروة" محملة بالركاب. أما قطارات المترو التي يفوق عددها 100 قطار فلا تهدأ، وهي تقل الآلاف نحو محطات الحافلات، بالإضافة إلى السيارات الخاصة للمواطنين والمقيمين.
الحال ذاته في الأسواق، فسوق واقف التقليدي والمليء بالمطاعم والكافيهات والفنادق يغص بالناس من كل جنس ولون، وكذا الحي الثقافي "كتارا"، ودرب لوسيل، واللؤلؤة وسوق الوكرة القديم ومدينة مشيرب وغيرها.
أكثر من 1000 رحلة طيران
الحركة لم تهدأ في مطاري حمد الدولي، والدوحة، إذ رصدت "العربي الجديد" أمس الأحد، جدولة وصول 1094 رحلة عبر مختلف شركات الطيران، إلى المطارين، اللذين يشهدان تدفقاً كبيراً في الرحلات القادمة من أنحاء العالم، لمتابعة مباريات البطولة.
ويؤكد الرئيس التنفيذي للعمليات في مطار حمد الدولي، بدر محمد المير، أن جاهزية المطارين تأتي ثمرة تخطيط مبكر للتغلب على أي تحديات لاستقبال جميع رحلات شركات الطيران خلال البطولة، مشيراً إلى أنه مع تزايد هذه الرحلات بلغت الحركة الجوية للمطارين حاليا ما يقارب 90 حركة إقلاع وهبوط في الساعة.
واستبعد المكلف بتسيير أعمال الهيئة العامة للطيران المدني القطري، محمد فالح الهاجري، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية "قنا" أيّ عقبات مع الازدحام المتوقع في المجال الجوي القطري، نظراً للاستعدادات المبكرة التي اتخذتها الدولة والجهات المعنية للتعامل مع الازدحام المتوقع، وأيضاً تفادي أيّ عوائق قد تنجم عن هذا الازدحام.
رفع الطاقة الاستيعابية
رفع مشروع تطوير الحركة الجوية، الطاقة الاستيعابية إلى نحو 100 حركة جوية في الساعة، وأصبحت المسارات الجوية القادمة والمغادرة إلى دولة قطر 17 مسارا منفصلة عن بعضها، من أجل تحقيق انسيابية أكبر في الحركة وضمان أفضل للسلامة، فضلاً عن زيادة مناطق انتظار الطائرات في الجو وهي التي تستخدم أثناء فترات الذروة، وذلك لترتيب الطائرات أثناء الهبوط، تحسبا لمواجهة الزيادة الكبيرة المتوقعة في الحركة خلال فترة تنظيم كأس العالم، وفقاً للهاجري.
كما رفعت كفاءة إدارة عمليات الإقلاع والهبوط، بالوصول إلى إمكانية استيعاب ثلاث عمليات هبوط وإقلاع، في آن واحد.
وتحدث الهاجري عن برج المراقبة الافتراضي الذي يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط، وقال: "يتيح مشروع البرج الافتراضي في مركز قطر للمراقبة الجوية المقام في مطار حمد الدولي، للمراقب الجوي تغطية النقاط العمياء مما يساعد في تحسين وزيادة حركة الطيران اليومية، كما يمكّن المراقب الجوي من التحكم الكامل في حركة مرور الطائرات والمركبات ومراقبتها عن بعد.
نمو أعداد المسافرين 69%
يرى المستشار الاقتصادي والمالي، رمزي قاسمية، أن نمو أعداد المسافرين خلال الشهر الحالي بنحو 69% عن شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يعطي مؤشرا على التدفق الكبير للمشجعين مع بداية مباريات منتخباتهم، مشيرا إلى زيادة حركة الشحن الجوي فالدولة استعدت جيدا لتأمين المواد الغذائية وغيرها لزوار البلاد الذين يتوقع أن يتجاوز عددهم 1.2 مليون شخص، كما أن قرار السماح لدخول الدولة دون الحصول على تذكرة حضور المباريات، وبطاقة "هيا" سيزيد من أعداد زوار البلاد بعد 2 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وحول تأثيرات تدفق المشجعين على السوق المالي، يقول قاسمية في حديث مع "العربي الجديد" إنه لاستضافة المونديال تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على بورصة قطر، في الأولى ستستفيد العديد من القطاعات والشركات المدرجة في مقدمتها الاتصالات والعقارات والخدمات والسلع الاستهلاكية بالإضافة إلى قطاع الترفيه والسياحة.
يتابع: "سيظهر أثر كأس العالم على النتائج المالية للشركات المدرجة للربع الرابع من الجاري، والربع الأول من العام المقبل، فيؤدي لزيادة إيرادات تلك الشركات وبالتالي ارتفاع أرباحها، فيما يتمثل التأثير غير المباشر بإظهار دولة قطر كوجهة استثمارية مستقبلية مفضلة لدى العديد من الصناديق الاستثمارية والدول أيضاً، نتيجة البنى التحتية المتطورة والتي تضاهي أفضل الدول المتقدمة، ما يبرز الدولة الخليجية وجهة استثمارية، ويساهم في تحسين التدفقات النقدية والاستثمارية إلى الدولة وفي جميع القطاعات وإلى البورصة خصوصاً، إلّا أنّ هذا الأثر يحتاج إلى وقت ليس بالقليل لينعكس بشكل واضح على أداء البورصة.
يضيف المستشار الاقتصادي، أنّ انطلاق المونديال ونجاح قطر بتنظيم الحدث الكروي العالمي، والاشادات الدولية، من شأنه أن يحسن المزاج العام، للمواطنين والمقيمين، ما يعود بأثر إيجابي على البورصة ومختلف القطاعات الاستثمارية.
إقبال كبير على الأسواق
شهدت الأسواق والمولات التجارية الكبرى إقبالاً كبيراً من الزوار في أول أيام المونديال. وفي هذا السياق، يقول رجل الأعمال القطري، علي حسن الخلف، لـ"العربي الجديد" إنّ ازدحام الأسواق، أمر طبيعي، نتيجة تدفق أعداد هائلة من الزوار إلى البلاد، مؤكداً استعداد الأسواق بشكل جيد، مستبعداً النقص في السلع الغذائية والاستهلاكية، في ظلّ تطور أساليب وطرق الشحن.
شهدت الأسواق والمولات التجارية الكبرى إقبالاً كبيراً من الزوار في أول أيام المونديال.
ويشير إلى ضرورة استقطاب هؤلاء الزوار وجعلهم يقيمون لأطول فترة ممكنة في قطر، لزيارة الأماكن السياحية والثقافية والترفيهية المتنوعة، بخاصة الآتون من أميركا الجنوبية والشمالية وأوروبا.
وحققت المولات الكبرى والمتاجر بمختلف الأسواق المحلية قفزة في المبيعات، وسط توقعات بأرقام قياسية في أرباحها خلال شهر المونديال. وكان الرئيس التنفيذي لبطولة كأس العالم 2022 في قطر، ناصر الخاطر، قد كشف في تصريحات صحافية، مؤخراً، أنّ العائدات الاقتصادية المنتظر أن تحصل عليها دولة قطر من تنظيم المونديال ستصل إلى 17 مليار دولار.
وقال الخاطر إنّ قطر ستجني عائدات في أثناء البطولة وبعدها، ومنها زيادة عدد السائحين، وهو من أهم المعايير التي وضعت لدراسة العائد المادي.