تستمر نتائج الحرب الروسية على أوكرانيا في فرض نفسها على كافة المستويات الاقتصادية والمعيشية، بما في ذلك مساهمتها بغلاء أسعار السلع والمواد الغذائية والأساسية الحيوية لحياة البشر، وهذا ما أكده تقرير دولي جديد متخصص، في وقت أعلن وزير الزراعة الألماني جيم أوزدمير أنه "قلق للغاية" بشأن تقييد الدول لصادراتها الغذائية بعد اجتماع مع نظرائه من مجموعة الدول السبع الصناعية.
وقال وزراء الزراعة في بيان مشترك صادر عن مجموعة السبع: "ندعو جميع الدول إلى إبقاء أسواقها الغذائية والزراعية مفتوحة واتخاذ الاحتياطات ضد إجراءات التصدير التقييدية غير المبررة"، فيما أعلنت "منظمة الأغذية والزراعة" التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، اليوم الجمعة، أن الأسعار العالمية للأغذية والأعلاف قد ترتفع بما يراوح بين 8% و20% نتيجة الصراع الدائر في أوكرانيا، ما سيؤدي إلى قفزة في عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في شتى أنحاء العالم، حسبما أوردت "رويترز".
وفي تقييم أولي للغزو الروسي لأوكرانيا، قالت الفاو إنه لم يتضح ما إذا كانت أوكرانيا ستكون قادرة على جني المحاصيل إذا طال أمد الصراع، إلى جانب حالة من عدم اليقين تحيط أيضاً بصادرات الغذاء الروسية، علماً أن روسيا هي أكبر مُصدر للقمح في العالم، بينما تأتي أوكرانيا في المرتبة الخامسة، وتوفران معاً 19% من الإمدادات العالمية من الشعير، و14% من إمدادات القمح، و4% من الذرة، وهو ما يشكل أكثر من ثلث صادرات الحبوب العالمية.
وقبل اجتماع "السبع"، برز موقف لوزير الزراعة الألماني عبّر عنه لمحطة تلفزيون زد.دي.إف بقوله إن أسواق الغذاء العالمية يجب أن تظل مفتوحة دون قيود على الصادرات لضمان الإمدادات للدول الفقيرة خاصة، بعدما تسبب الصراع في أوكرانيا في رفع الأسعار وشح الإمدادات.
وكان أوزدمير يتحدث قبل اجتماع لوزراء الزراعة في مجموعة الدول السبع الكبرى، الذي تستضيفه ألمانيا اليوم الجمعة، لمناقشة تداعيات الصراع في أوكرانيا على الأمن الغذائي العالمي، علماً أن ألمانيا تتولى حالياً رئاسة مجموعة السبع. وقال أوزدمير: "يجب أن نتأكد من أن الحبوب الموجودة متوفرة بشكل عادل وبأسعار معقولة".
وأبدى أوزدمير قلقه بشأن تأثير ارتفاع الأسعار وقلة الإمدادات على أفقر دول العالم، بما في ذلك تعطل شحنات المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي، وهو منظمة مساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة.
وتابع: "تعتمد العديد من الدول على الإمدادات من روسيا وأوكرانيا.. بالنسبة لبرنامج الأغذية العالمي فالأمر أكثر خطورة، إذ تأتي 50% (من الإمدادات) من البلدين".
وتصاعدت أزمة الغذاء العالمية، التي فجّرها الغزو الروسي لأوكرانيا، هذا الأسبوع، مع فرض قيود على تصدير المواد الغذائية من جانب مجموعة متزايدة من كبار البلدان المنتجة التي تسعى إلى إبقاء الإمدادات الغذائية الحيوية داخل حدودها.
وتضرر مستوردو الحبوب على مستوى العالم من ارتفاع الأسعار بعد التوقف المفاجئ للصادرات من أوكرانيا والانخفاض الحاد في الإمدادات الروسية في أعقاب الصراع الذي تسبب في إغلاق الموانئ.
وقفزت أسعار القمح إلى أعلى مستوياتها في 14 عاماً. وتوفر روسيا وأوكرانيا ما يقرب من 30% من صادرات القمح العالمية، وهما أيضاً من كبار مُصدري زيوت الطعام.
أفريقيا تعاني بشدة من وقف صادرات حبوب أوكرانيا
وفي القارة السمراء، أشار تقرير صادر عن معهد كييل الألماني للاقتصاد العالمي، اليوم الجمعة، إلى أن الدول الأفريقية قد تتعرض لأضرار جسيمة نتيجة استمرار وقف صادرات الحبوب الأوكرانية جراء الحرب.
وقال: "من الممكن أن تلحق الحرب في أوكرانيا أضراراً جسمية بإمدادات الحبوب المستخدمة في إنتاج الطعام بالدول الأفريقية، على نحو يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الغذاء إذا توقفت أوكرانيا عن توريد الحبوب".
أضاف المعهد: "يزود البلد (أوكرانيا) دول شمال أفريقيا بشكل خاص بكميات كبيرة من الحبوب، والتي لا يمكن تعويضها من خلال مصادر إمداد أخرى حتى في الأمد الطويل". وقال: "بسبب الحرب، من المرجح أن تنعزل أوكرانيا مبدئياً عن الاقتصاد العالمي، مع انقطاع خطوط التجارة، وتدمير البنية التحتية واحتمال توجيه جميع عوامل الإنتاج المتبقية نحو اقتصاد الحرب".
مخزون قمح المغرب يكفي 5 أشهر
وفي الرباط، قال رئيس الفيدرالية الوطنية للمطاحن بالمغرب، الجمعة، إن البلاد لديها مخزونات من القمح تغطي استهلاكها لخمسة أشهر بعد أن تسلمت معظم طلبياتها من أوكرانيا قبل بدء الصراع هناك، علماً أن دول شمال أفريقيا من أكبر مستوردي القمح. وحتى قبل تعطل الصادرات الأوكرانية والروسية، كان المغرب قد قال إن محصوله من الحبوب هذا العام سيتضرر بشدة بسبب الجفاف.
غير أن رئيس الفيدرالية عبد القادر العلوي قال إن المملكة تسلمت 0.55 مليون طن من القمح اللين الأوكراني من أصل طلبية حجمها 0.6 مليون طن تغطي الفترة من نوفمبر/ تشرين الثاني إلى فبراير/ شباط، وستسعى للحصول على مزيد من الإمدادات من مناطق أخرى.
وقال المتحدث باسم الحكومة مصطفى بايتاس إن ارتفاع الأسعار يهم الحكومة أكثر من التوافر، فيما يتوقع المغرب زيادة الإنفاق على دعم القمح اللين 15 بالمائة عن العام الماضي إلى 3.8 مليارات درهم (410 ملايين دولار). وقبل 2020، كان متوسط تكلفة الدعم 1.3 مليار درهم.
لبنان يحظر تصدير منتجات صناعية
في السياق، أصدر وزير الصناعة اللبناني جورج بوشكيان قراراً حمل الرقم 16/1 حظر فيه "تصدير المواد الغذائية المصنعة في لبنان والمدرجة في جدول مرفق بهذا القرار، والذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ منه، إلا بعد الاستحصال على إجازة صادرة عن وزارة الصناعة وموقعة من وزير الصناعة حصراً تجيز التصدير، وذلك حتى إشعار آخر. ويعمل بهذا القرار فور صدوره ويبلغ إلى من يلزم".