تلعب الهند دوراً متزايد الأهمية في أسواق النفط العالمية، حيث تشتري المزيد من النفط الروسي الرخيص وتكرره لتحويله إلى وقود لأوروبا والولايات المتحدة، بحيث تلبي هدفي الغرب المزدوجين المتمثلين في تقليص عائدات موسكو من الطاقة، مع منع حدوث صدمة في إمدادات النفط.
ويشرح تقرير وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أنه مع تصعيد أوروبا العقوبات المفروضة على روسيا، ستصبح الهند أكثر مركزية في خريطة النفط العالمية التي أعادت رسمها الحرب الروسية في أوكرانيا.
وما يقرب من 43% من إنتاج النفط العالمي في عام 2021 مصدره ثلاث دول فقط، وهي بالترتيب الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وروسيا. وبالإضافة إلى السعودية، تشهد الدول العشر الأكثر إنتاجاً للنفط حضور 3 بلدان عربية أخرى، وهي العراق والإمارات والكويت.
وقال بن كاهيل، الزميل البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث في واشنطن: "لمسؤولي الخزانة الأميركية هدفان رئيسيان: الحفاظ على إمدادات جيدة في السوق، وحرمان روسيا من عائدات النفط. إنهم يدركون أن شركات التكرير الهندية والصينية يمكن أن تكسب هوامش أكبر عن طريق شراء الخام الروسي المخفض وتصدير المنتجات بأسعار السوق. إنهم يوافقون على ذلك".
وشحنت الهند حوالي 89000 برميل يومياً من البنزين والديزل إلى نيويورك الشهر الماضي، وهو أكبر عدد في ما يقرب من أربع سنوات، وفقاً لبيانات Kpler. وبلغت التدفقات اليومية للديزل منخفض الكبريت إلى أوروبا 172 ألف برميل في يناير/ كانون الثاني، وهو أكبر حجم منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
وتتوسع أهمية الدولة الآسيوية بعد دخول عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي على صادرات البترول الروسية حيز التنفيذ اليوم الأحد. وسيؤدي الحظر إلى إزالة كمية هائلة من الديزل من السوق، وسيشهد المزيد من المستهلكين، خاصة في أوروبا، الاستفادة من آسيا لسد فجوة العرض.
وهذا سيجعل النفط الروسي الرخيص أكثر جاذبية للهند، التي تعتمد على الواردات لتلبية حوالي 85% من احتياجاتها من الخام. وعززت مصافي التكرير في البلاد، بما في ذلك المعالجات التي تديرها الدولة والمسؤولة عن تلبية الطلب المحلي، الصادرات العام الماضي، من أجل الاستفادة من ارتفاع الأسعار الدولية.
قال وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع ومقرها سنغافورة في ING Groep NV، لوكالة "بلومبيرغ": "الهند مُصدِّر صاف للمنتجات المكررة، وسيذهب الكثير من هذا إلى الغرب للمساعدة في تخفيف الضيق الحالي. من الواضح تماماً أن حصة متزايدة من المواد الأولية المستخدمة لهذا المنتج تأتي من روسيا".
وبموجب إرشادات الاتحاد الأوروبي، من المحتمل أن تعمل الهند ضمن القواعد، فعندما يتم معالجة الخام الروسي إلى وقود في بلد خارج الكتلة، مثل الهند، يمكن تسليم المنتجات المكررة إلى الاتحاد الأوروبي، لأنها لا تعتبر من أصل روسي.
وقالت سيرينا هوانغ، المحللة الآسيوية الرئيسية في Vortexa Ltd لوكالة "بلومبيرغ"، إن مجموعة الدول السبع حريصة على خفض إيرادات موسكو قدر الإمكان، لكن لديها أيضاً مصلحة في ضمان استمرار تدفق النفط والمنتجات المكررة الروسية لتجنب أزمة الإمدادات العالمية.
وكان أحد الجوانب الرئيسية لآلية تجريد الكرملين من الإيرادات والحفاظ على بعض النفط في السوق هو تحديد سقف سعر الخام الروسي، وهو الإجراء الذي قادته الولايات المتحدة. ولم تقل الهند علناً ما إذا كانت تلتزم أو لا تلتزم بالحد الأقصى، لكن العقوبات دفعت النفط من منتج "أوبك+" إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل.
ويجتمع مسؤولون تنفيذيون ومسؤولون من دول وشركات، من بينها السعودية والإمارات وأميركا، وشركة بترول أبوظبي الوطنية في بنغالور، يوم الاثنين، لحضور منتدى للطاقة على مدى ثلاثة أيام تنظمه وزارة النفط والغاز الطبيعي الهندية.