من المنتظر أن تحصل دول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالنفط، التي تضررت خزائنها من أزمة فيروس كورونا، على قسط من الراحة فيما يتعلق بالتزاماتها المالية، بعد أن اتفقت منظمة أوبك وحلفاؤها، الأسبوع الماضي، على تمديد معظم تخفيضات إنتاج النفط حتى إبريل/ نيسان المقبل.
وفي حين أن انخفاض الإنتاج قد يضغط على مجمل النمو في المنطقة هذا العام، فإن من المتوقع أن تكبح أسعار النفط المرتفعة العجز في الميزانية، مما يوفر بعض المجال لتعزيز محتمل لاقتصادات دول المجلس التي تتعافى من جائحة كوفيد-19.
وقالت مونيكا مالك، كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري لوكالة "رويترز": "ستستفيد هذه الدول من ارتفاع عائدات النفط، إذ إن الزيادة المتوقعة في أسعار النفط تفوق انخفاض الإنتاج"، مضيفة أن "التقلص الملحوظ في العجز المالي مع ارتفاع عائدات النفط يعطي مساحة أكبر لزيادة الدعم المالي لتلك الاقتصادات".
وقفزت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها فيما يزيد على عام الأسبوع الماضي، بعد قرار "أوبك+". وقالت المملكة العربية السعودية إنها ستمدد خفض إنتاجها الطوعي من النفط بمقدار مليون برميل يومياً للشهر الثالث على التوالي، وإنها ستقرر في الأشهر المقبلة التخلص التدريجي منه.
وأجرى بنك الاستثمار الأميركي " جيه بي مورغان" الأسبوع الماضي تعديلاً صعودياً لتوقعاته لسعر برنت في 2021 و2022، بمقدار ثلاثة دولارات ودولارين على الترتيب، إلى 67 دولاراً و74 دولارا للبرميل.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت اليوم فوق 70 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ بدء جائحة كورونا، بعد تقارير عن هجمات على منشآت سعودية، إلا أنها تراجعت عند التسوية إلى 68.24 دولاراً للبرميل.
ورغم التحسن المتوقع في سعر النفط، إلا أن خبراء اقتصاد يرون أن توقعات النمو ستكون متواضعة . وقال إحسان خومان مدير أبحاث الأسواق الناشئة في منطقة الشرق الأوسط لدى بنك إم.يو.إف.جي "صحيح أن سعرا يتجاوز 70 دولارا للبرميل في سوق خام برنت سيدفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي إلى الأمام، لكن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي يعتمد على حجم الإنتاج لن يرتفع على الأرجح. على العكس، هناك مخاطر نزولية لتقديراتنا فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي النفطي".
وتتزايد توقعات بنوك الاستثمار العالمية حول ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر القليلة المقبلة لتدخل إلى المنطقة الدافئة من جديد، إلا أن الرهان على تحقق هذه التوقعات مرتبط بمدى نجاح كبار منتجي النفط في التمسك بسياسة خفض الإمدادات للحيلولة دون انزلاق الأسعار من جديد للهبوط.
فقد توقع بنك غولدمان ساكس الأميركي في تقرير له، نهاية فبراير/ شباط الماضي، بلوغ سعر برميل نفط برنت 75 دولاراً بحلول الربع الثالث من العام الجاري، وسط تحسن تدريجي في الطلب على الخام، والالتزام بخفض الإنتاج من جانب "أوبك+" الذي يضم الدول الأعضاء في منظمة أوبك وكبار المنتجين من خارجها على رأسها روسيا.
وقال البنك إن أسعار النفط ستواصل تسجيل زيادات خلال الفترة القريبة المقبلة، على الرغم من الضغوط المستمرة من قبل جائحة فيروس كورونا. ودارت أسعار النفط في تعاملات أمس قرب 63 دولاراً لبرميل خام برنت، ونحو 60 دولاراً لخام غرب تكساس الأميركي.
ووفق توقعات غولدمان ساكس، فإن عودة الاستهلاك لمستويات ما قبل الجائحة قد تتحقق مجدداً بحلول يوليو/ تموز المقبل. ويبلغ متوسط استهلاك النفط حالياً قرابة 95.8 مليون برميل يومياً، مقارنة مع متوسط 100 مليون برميل يوميا في الأشهر الأربعة التي سبقت التفشي العالمي للوباء.
وذكر البنك أنه "بالنسبة لخام برنت، نتوقع ملامسته حاجز 70 دولارا للبرميل بحلول الربع الثاني من العام الجاري، قبل صعوده صوب 75 دولارا في الربع الثالث".