يحذر اقتصاديون سوريون من تمادي نظام بشار الأسد بطرح المرافق والشركات والثروات "تحت الأرض" للاستثمار الخارجي والبيع والتأجير، ليؤمن ما يضمن له الاستمرار، بعد الفشل بتأمين موارد للخزينة العامة، تمكنه من دفع الأجور وتمويل الشق الجاري بالموازنة ولو بحده الأدنى.
وجاءت التحذيرات بعد أن كشفت صحيفة الحزب الحاكم "البعث" الأحد الفائت، عن مخطط حكومي يهدف إلى طرح مطار دمشق الدولي للاستثمار عبر شركة استثمارية خاصة، على أن يكون 51% من نصيب مؤسسة "الطيران السورية".
ونقلت الصحيفة عن مصادر في وزارة النقل، أنها بصدد وضع دراسات وصيغ قانونية بشأن عقودها، لاستثمار وإدارة مطار دمشق الدولي بعملياته الجوية والأرضية، من دون أن تفصح عن الشركة الخاصة المتقدمة لاستثمار مطار العاصمة السورية، والتي رجّح الباحث السوري الدكتور محمد حاج بكري أن تكون إيرانية.
ويقول بكري لـ"العربي الجديد" إن حكومة الأسد لا تتوانى بطرح كل ما يمكن أن يجذب رأس المال الخارجي "للبيع أو الاستثمار" مستدلاً بمرفأ طرطوس وشركة الأسمدة التي منحت لروسيا واستثمارات الكهرباء لإيران وما يحضر اليوم لمنح طهران هو مصرف وفوسفات.
ويضيف الاقتصادي السوري أنه لا ضير من طرح مشروعات للاستثمار، وفقا لعقود "حق الانتفاع" (B.O.T) لتؤول الملكية لسورية بعد انقضاء فترة العقد، خاصة بحالة كما التي يعانيها نظام الأسد، من إفلاس وسوء إدارة وفساد، ولكن، يلفت حاج بكري، أن ما يجري هو تأجير طويل الأمد أو بيع بصيغ ملتفة، الهدف تحصيل الأموال بصرف النظر عن النتائج، سواء على العمالة أو مصير وحقوق السوريين.
وحول إمكانية تقدم شركات، إيرانية أو غيرها، لاستثمار مطار دمشق الدولي ذي البنية التحتية القديمة، خاصة بعد تعرضه لقصف 3 مرات من طيران الاحتلال الإسرائيلي، يقول حاج بكري إن ذلك متعلق بصيغة العقد والمرحلة المقبلة ومدى الانفراج والتطبيع مع حكومة الأسد، لكن استثمار المطار وبجميع الأحوال، استثمار مغر لشركات كثيرة، هذا إن لم نبحث باستفادة إيران "بشكل خاص" لسيطرتها على المطار ونقل ما تشاء، وبغطاء قانوني.
وبحسب صحيفة "البعث" سيتحمل الشريك الخاص، من دون أن تفصح عنه، المسؤوليات التي يتيحها القطاع للعمل في الطيران المدني من تنفيذ جميع الأعمال والخدمات المتعلقة بالنقل الجوي للركاب والبضائع وامتلاك وشراء وإيجار واستثمار الطائرات، وتنظيم الرحلات الجوية وخدماتها والخدمات الأرضية، وأخذ الوكالات عن شركات الطيران، وفتح فروع داخل وخارج سورية، بالتوازي مع الدخول في ميدان الخدمات الأرضية من خلال تأمين البنى اللازمة من معدات وشاحنات ورافعات وعربات أرضية تخدم حركة القدوم والمغادرة.
وحول إعادة تأهيل المطار وصيانة الأجهزة، تشير الصحيفة وفق مصادرها من وزارة النقل، إلى أن تأمين الصيانة والتأهيل من قبل الشريك بالتنسيق مع قدرات وإمكانات الكوادر الفنية والخبرات التي يمتلكها المطار، وهنا يتحمل الجانب الخاص مسؤولية تأمين الامكانات والقدرات ووسائط الدعم اللوجستي لعمل الطواقم الفنية العائدة لرأسمال المطار البشري.
وما يتعلق بمصير العاملين، أكد المصدر أن حقوق العمال محفوظة ولا يوجد أي بند يسمح بالتخلي عن الخبرات أو الاستعاضة عنها بالعمال والفنيين الذين سيستقدمهم الشريك الخاص، بل على العكس فإن هناك تطمينات تقول بأن تعويضات وحوافز ومشجعات العمل لدى فريق المطار الحالي ستزيد وتتضاعف، على قاعدة ضمان الشفافية وعدم التمييز وتكافؤ الفرص والتنافسية. وفق صحيفة البعث.
ويقول الباحث أيمن عبد النور لـ"العربي الجديد" إن طرح مطار دمشق الدولي للاستثمار، بالصيغة التي قرأناها وانطلاقاً من وضع حكومة الأسد المتردي، يمكن اعتبار الصفقة تخلياً ولأمد طويل عن المطار، كما كان التخلي عن مرفأ طرطوس لروسيا واللاذقية لإيران.
ويحذر عبد النور من أنه إلى حين انتهاء متصدري المشهد السياسي المعارض من اختيار أشخاص ذوي وزن واحترام وولاء لسورية وللشعب السوري أولا، وريثما تنتهي واشنطن من ربط الملف السوري بالملف الإيراني وأوكرانيا، وتنتهي الدول العربية من حل مشكلاتها مع النظام، من كبتاغون ولاجئين وإيران وتصدير التطرف، ولحين انتهاء دول أستانة من الاتفاق على تقسيم سورية سياسيا واقتصاديا والقبول بالانسحاب العسكري، سيكون النظام قد باع وتعاقد وأجّر كل المؤسسات والشركات العامة ولن يبقى شيء لاستخدامه في عملية إعادة الإعمار.