عقد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، اليوم الخميس، اجتماعاً مع وفدٍ من جمعية المصارف برئاسة سليم صفير، في إطار العمل القائم على وضع خطة التعافي.
وأكد الوفد، بحسب بيانٍ له، "تعاون القطاع المصرفي للخروج من الأزمة الراهنة المستمرة منذ أكثر من سنتين، خصوصاً أن المراوحة السياسية تزيد من خسائر الدولة والبنوك والمودعين".
وشدد رئيس جمعية المصارف على "ضرورة حماية حقوق المودعين، خصوصاً في ظلّ انهيار سعر الصرف الذي فاقم خسائر اللبنانيين ومحا قدرتهم الشرائية".
وأعاد صفير التأكيد، وفق البيان، على "أهمية إقرار قانون الكابيتال كونترول للحفاظ على ما تبقى من نقد داخل لبنان، كما الحفاظ على حقوق صغار المودعين"، مشدداً على ضرورة إعادة هيكلة السندات الحكومية وتوحيد سعر الصرف للتمكن من تحديد حجم الخسائر تمهيداً لمعالجتها، فـ"القطاع المصرفي الأكثر تضرراً من الأزمة لا يزال أسير الخطة الحكومية المنتظرة لتحديد مسار الخروج من الأزمة".
وأطلع صفير رئيس الحكومة على أن "المصارف مستعدة لإعادة التسليف للقطاع الخاص إذا ما واكبها قانون يلحظ ضمان إعادة التسليفات بحسب عملة القرض".
من جهته، أكد ميقاتي لوفد الجمعية أن "أي حل شامل للأزمة الاقتصادية والمالية سيبنى بالاتفاق والتعاون مع الجهات المعنية، ومنها جمعية مصارف لبنان، حيث سيؤخذ بالاعتبار أهمية حماية القطاع المصرفي، وذلك للحفاظ أولاً على الأموال المودعة في البنوك والقدرة على تمويل الاقتصاد".
وتعهّد رئيس الحكومة بـ"السعي مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لطرح موضوع الكابيتال كونترول في أول جلسة لمجلس النواب".
في السياق، تعتبر الخبيرة في الاقتصاد النقدي والمالي ليال منصور، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "هذا البيان من أسوأ الكلام الصادر منذ بداية الأزمة وحتى اليوم"، سائلةً: "عن أي حماية لأموال المودعين يتحدّثون؟ وكأنهم قتلوا الشخص ويقولون بأنهم يريدون المحافظة على روحه!"، لافتة إلى أن "المصارف أخذت أموال الناس وحساباتهم وجنى عمرهم وتعبهم ومعاشاتهم التقاعدية وأذلّتهم في الخارج".
وتشير منصور إلى أن "المودعين احتجزت ودائعهم منذ سنتين، وهم غير قادرين على التصرف بها بحرية وسحبها بالدولار الأميركي بقيمتها، فيما الدولار يحلق عالياً متجاوزاً 23 ألف ليرة وسط رفع للدعم وغلاء فاحش وتدهور القدرة الشرائية عند الناس، حتى الكابيتال كونترول كان يفترض البت به قبل عامين ولم يعد له أي معنى، ولو أنه مهم للمستقبل في حال كان هناك أي اتفاقية دولية، ولكن الناس أصلاً خسرت كثيراً ولن تحصّل خسائرها".
وتلفت منصور إلى أن هذا الكلام قد يكون مجرد "دعاية" للجهات الأجنبية الداعمة بنواياهم الإصلاحية.
على صعيدٍ ثانٍ، توقفت منصور عند قول المصارف إنها مستعدة لإعادة التسليف للقطاع الخاص إذا ما واكبها قانون يلحظ ضمان إعادة التسليفات بحسب عملة القرض، سائلة: "هل للمصارف عملات أجنبية لتسلف بها القطاع الخاص، وخصوصاً الدولار؟ فإما لديها الدولار وقادرة على إعطاء التسليفات وتنتظر فقط الضوء الأخضر، أم أنها تريد المسّ بالفرش دولار، أم أنها من تحت الطاولة لديها النية بالدولرة الشاملة؟ وهذا ما أنادي به من سنوات لنكون بهذه الحالة أمام عملة واحدة فقط، علماً أني أستبعد هذا الاحتمال".
في المقلب الآخر، عقدت لجنة المال والموازنة، يوم الخميس، جلسة برئاسة النائب إبراهيم كنعان وحضور وزير المال يوسف خليل، تابعت فيها الاستماع إلى وزارة المالية عن الإمكانيات المالية المتعلقة بإيرادات الخزينة ودرس اقتراح لإعطاء مساعدة اجتماعية لمدة سنة للقطاع العام.
وقال كنعان: "سبق وأعلنت بعيد الجلسة الأخيرة أن لجنة المال لن تكون شاهد زور على المماطلة والإقرار، وطلبنا من وزارة المال تزويدنا بالأرقام الرسمية لما نحن بصدده، من الإمكانيات المالية المتعلقة بإيرادات الخزينة ودرس اقتراح لإعطاء مساعدة اجتماعية لمدة سنة للقطاع العام، وقد تسلّمنا اليوم من وزارة المال الأرقام الرسمية والموقّعة من قبلها".
وشرح كنعان بعد الجلسة أنه "وبحسب هذه الأرقام، ارتفعت الإيرادات بحوالي 1390 مليار ليرة، أي بزيادة 29،3% إلى غاية مايو/أيار 2021، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2020، حيث ارتفعت الإيرادات الضريبية حوالي 854 مليار ليرة، والإيرادات غير الضريبية حوالي 560 مليار ليرة".
أضاف: "في المقابل، انخفضت النفقات حوالي 1542 مليار ليرة إلى غاية مايو/أيار 2021، وانخفضت خدمة الدين، على إثر التوقف عن الدفع لليوروبوند وسواه، بحوالي 755 مليار ليرة، وسلفة الكهرباء 188 مليار ليرة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2020. كذلك، انخفض العجز الاجمالي 2587 مليار ليرة، وبلغ 434 مليارا حتى مايو 2021، مقارنة بـ3013 مليارا حتى مايو 2020".
وأكد أن "المطلوب معالجة، والأهم هو إعادة هيكلة الدين من ضمن خطة متكاملة بعيداً من الحلول الترقيعية".
وأشار كنعان إلى أن "وزارة المال تقدّمت باقتراح عملي للمساعدة الاجتماعية، يتضمن تعديلات على الاقتراح المقدم من قبلنا. وهذا يعني أن الوزارة قابلة بالدخول بهذا الموضوع، ولديها موافقة مبدئية عليه".
وذكّر بأن مرافق الدولة مهددة بالتعطيل، مشيراً على سبيل المثال إلى "التعطيل في وزارة المال قبل أيام بسبب العطل الذي أصاب المركز الإلكتروني".
وقال: "لتستمر الدولة هناك إجراءات مقترحة، سنناقشها ولم نبت بأي منها. ولم يحصل أي اتفاق مع الحكومة على القبول بأي ضريبة على أي مواطن قبل تحسن وضعه الاجتماعي، ولا نربط المساعدة الاجتماعية بأي إجراء ضريبي يمكن أن تفكر به الحكومة".
وأوضح كنعان أنه "ستكون هناك جلسة الثلاثاء المقبل، وطلبت من المعنيين، من وزارة مال ونواب، تزويدنا بأي ملاحظات أو اقتراحات قبل الموعد المذكور"، مضيفاً: "ستكون لنا سلّة طروحات، وإذا تمكنا من إنهائها في مطبخنا التشريعي، يمكن أن تكون بنوداً أساسية على طاولة الجلسة التشريعية المقبلة، ومنها عدم جواز استمرار ارتفاع سعر الصرف بشكل جنوني، وتقاضي المواطن لودائعه على سعر صرف 3900 ليرة، وما هي الإجراءات المتعلّقة بمن ودائعهم بالليرة التي فقدت قيمتها".