خطة طوارئ معيشية في لبنان ووزير الاقتصاد للمواطنين: "لا داعي للهلع"

24 سبتمبر 2024
نازحون من جنوب لبنان هرباً من الحرب (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- خطة الطوارئ المعيشية: الحكومة اللبنانية طرحت خطة طوارئ لمواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن الحرب، مؤكدة توفر مخزون كافٍ من القمح والمواد الأساسية لمدة شهرين، ودعت المواطنين لعدم التهافت على الشراء.

- مخاوف النزوح وتأمين الإمدادات: مع تزايد النزوح، تم التأكيد على توزيع المواد الغذائية والمحروقات بشكل جغرافي مناسب، والتنسيق مع الأمم المتحدة لتسهيل مرور الشاحنات إلى المناطق الجنوبية.

- التحديات الاقتصادية المتفاقمة: يعاني الاقتصاد اللبناني من تدهور كبير، مما يعقد قدرة الحكومة على مواجهة الطوارئ، وتبرز أهمية المبادرات الفردية والمجتمعية لتقديم المساعدات في ظل تصاعد العمليات العسكرية.

طرح لبنان خطة طوارئ معيشية لمواجهة التداعيات الخطيرة الناتجة عن الحرب التي تشنها إسرائيل على البلاد، ومع الضربات المتتالية لطائرات الاحتلال الإسرائيلي والخسائر البشرية والمادية الفادحة التي بدأت تتكشف، طرح مراقبون تساؤلات مهمة منها: هل اقتصاد لبنان قادر على تحمّل حرب جديدة؟ وهل تنجح الحكومة في مواجهة انعكاسات العدوان على الأسواق ومختلف الخدمات وخاصة مع النزوح الكبير من جنوب لبنان بسبب الحرب؟

في هذا الإطار، عقد وزير الاقتصاد اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، اجتماعاً طارئاً اليوم الثلاثاء مع النقابات المعنية بالمواد الغذائية والمحروقات والسلع الأساسية، على ضوء الظروف الأمنية والاجتماعية التي يمرّ بها البلد، وارتفاع أعداد النازحين والتهافت على الشراء والتخزين من جانب المواطنين، وفي ضوء المخاوف الشعبية من انقطاع السلع وتوقف الإمدادات في ظلّ توسّع رقعة الحرب وارتفاع منسوب العمليات العسكرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

مطالبة بعدم التهافت على الشراء

طمأنت وزارة الاقتصاد أولاً بأنّ مخزون القمح المتوفر في السوق المحلي كافٍ لمدة شهرين على الأقل، داعيةً المواطنين إلى تجنّب التهافت على شراء الخبز أو الطحين بكميات كبيرة، حيث يتم تأمين إمدادات القمح بشكل منتظم لضمان استقرار السوق، مشيرة إلى وجود تنسيق مع الجهات المعنية لضمان استمرارية توفر هذه المواد الأساسية بشكل منتظم ومن دون انقطاع على أن تصل شحنات إضافية قريباً.

وقال وزير الاقتصاد إننا "سجلنا تهافتاً كبيراً من جانب النازحين من مناطق القصف باتجاه بيروت وجبل لبنان، على شراء ربطات الخبر بالعشرات، من هنا نريد أن نطمئن اللبنانيين على أن المواد الأساسية لصناعة الخبز من قمح وغيره موجودة وكافية ولا داعي للهلع"، مشدداً على أن موضوع الأمن الغذائي والمحروقات أمر أساسي بالنسبة إلينا وسنقوم بكل الجهود الممكنة لتفادي أي انقطاع، والأمور تبقى رهن الظروف والهدف من المؤتمر أمس طمأنة الناس وتهدئة البال.

وأضاف سلام: "الأمور مضبوطة في السوبرماركت، سجلنا بعض التخزين، لكن يبدو أن رسائلنا إلى المواطنين تؤتي ثمارها، إذ هناك من يتقيد بها، وندعو الجميع إلى عدم التهافت والتخزين، علماً أنه لا يمكن أن نلوم الناس على مخاوفها وخشيتها وحرصها على تأمين قوت يومها وأكلها والمحروقات والمازوت، خصوصاً أننا مقبلون على موسم الشتاء، لكن من المهم أن يعلموا أن الكميات متوفرة، لا نقول إن هناك وفراً أو فائضاً، نريد أن نبقى واقعيين، لكن المواد تكفي لـ 3 إلى 4 أشهر، والطلبيات كلها تسير بشكل طبيعي، ولا طارئ على صعيد الاستيراد والتصدير".

ويأمل سلام أن "لا نصل إلى مرحلة نتعرض فيها لمخاطر خصوصاً على صعيد المرفأ البحري والمحروقات، لكن حتى الساعة هناك تطمينات من جانب المعنيين من مستوردين ونقابات ولا داعي للهلع الذي من شأنه أن يتسبّب بمشكلة، حيث إنه إذا حصل تهافت وطوابير أمام محطات الوقود، فإنّ أصحاب المصالح قد يقدمون على الإقفال أو التوقف وهو ما سبق أن عاشه لبنان خلال الأربع سنوات الماضية إبّان الأزمة النقدية والاقتصادية، لافتاً إلى أنه من الضروري أن يشتري المواطن حاجته من المازوت، ويملأ سيارته بما يحتاجه من البنزين، فالمواد متوفرة، ونحن نضع خطة وقائية لتفادي أي انقطاع.

مخاوف مناطق النزوح

من ناحية ثانية، قال وزير الاقتصاد إننا نأخذ بعين الاعتبار المناطق التي يتم النزوح منها، إذ هناك خوف من وصول المحروقات أو الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية إلى ما بعد صيدا، جنوبي لبنان، في ظلّ القصف العشوائي والهمجي من جانب العدو، الذي لا يميز عسكرياً من مدني، ويستهدف الشاحنات وسيارات الإسعاف والأطقم الطبية، من هنا سيحصل تواصل جدي واجتماعات مفتوحة مع الأمم المتحدة واليونيفيل والأجهزة الأمنية اللبنانية، لتسهيل مرور الشاحنات ومؤازرتها سواء التي تنقل مواد غذائية أو مشتقات نفطية لمناطق الجنوب، لافتاً إلى أن "الخوف يبقى موجوداً والخطر كذلك لكن علينا إيجاد الحلول، ولا يمكن قطع المواد والسلع الأساسية عن أهالي الجنوب وغيرها من المناطق التي تشهد قصفاً".

كذلك، توقف سلام عند تدفق آلاف النازحين من البقاع والجنوب إلى جبل لبنان وبيروت، من هنا ضرورة اتباع توزيع جغرافي تبعاً للأرقام للمواد الغذائية والطبية والسلع الاستهلاكية الأساسية، حيث إنّه سيجري تخفيف البضائع في المناطق التي قلّ عدد سكانها نتيجة النزوح، وتالياً تراجعت نسبة الاستهلاك، وزيادة البضائع في تلك التي تشهد نزوحاً وذلك بهدف تأمين المواد بشكل كافٍ للأعداد الجديدة التي تتوافد إلى المناطق.

وفي ظلّ قيام بعض التجار برفع الأسعار، وإقدام العديد من المواطنين في المناطق التي تشهد نزوحاً على رفع الإيجارات بشكل كبير لتحقيق الأرباح الطائلة، مستغلين الوضع الأمني وحاجة النازحين لمنزل بشكل سريع وعاجل، يرى وزير الاقتصاد أن المطلوب اليوم التعاضد والوحدة الوطنية فهذا واجب أخلاقي.

تجدر الإشارة إلى أنه في مقابل قيام العديد من التجار والمواطنين باستغلال الحرب ووضع النازحين، إلا أنه خرجت مبادرات فردية مميزة وإنسانية لتقديم المساعدات للنازحين، وبشكل مجاني سواء بتوزيع الفرش والأكل والبطانيات والملابس وغيرها، أو بفتح بيوتهم لهم.

وأدى التصعيد الإسرائيلي إلى إعلان حزب الله معركة الحساب المفتوح، فكثف من عملياته العسكرية واستخدم أسلحة أكثر تطوراً منها "فادي"، ووصلت صواريخه إلى شمال مدينة حيفا، وقواعد عسكرية ومصانع ومطارات عسكرية.

واعتبر اليوم الثلاثاء الأكثر دموية منذ بدء الحرب في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات عنيفة على قرى وبلدات في الجنوب والبقاع الغربي والأوسط والشمالي والضاحية الجنوبية لبيروت وصولاً حتى إلى أعالي جبيل وكسروان، ما أسفر في أقلّ من 24 ساعة عن سقوط 558 شهيداً و1835 جريحاً في تحديث غير نهائي، صادر عن وزارة الصحة اللبنانية، مع نزوح الآلاف إلى المناطق الآمنة في العاصمة ومحيطها والمتن وجبل لبنان وزحلة بقاعاً وطرابلس شمالاً.

معاناة الاقتصاد اللبناني

يذكر أن الاقتصاد اللبناني يعاني من أزمات طاحنة، أدت إلى عجز الحكومة في أغسطس/آب الماضي، عن توفير فاتورة توريد الوقود المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية، قبل أن تسارع الجزائر إلى مدّ البلاد بشحنة لتوفير الطاقة. إلا أن ما جرى من عدم قدرة الحكومة على شراء الوقود يقدم صورة أوضح لجاهزية الدولة في ما يتعلق بحالات الطوارئ، خصوصاً في حال فرضية اتساع نطاق الصراع مع إسرائيل ليشمل كل أنحاء البلاد.
كذلك يدخل لبنان مرحلة جديدة من الصراع مع إسرائيل، في وقت تتراجع العملة المحلية (الليرة) إلى متوسط 89 ألفاً أمام الدولار الواحد، مقارنة بـ 1500 ليرة قبل عدة سنوات.

هذا التدهور في سعر الصرف جعل البلاد من أكثر دول العالم ارتفاعاً في نسب التضخم خلال السنوات الأربع الماضية، بنسبة تجاوزت 100% سنوياً، وفق بيانات البنك الدولي. كما أن ودائع اللبنانيين تآكلت بفعل هبوط أسعار الصرف، وهو ما يعقّد من قدرتهم على إدارة مصروفاتهم العائلية إن اتسع الصراع مع إسرائيل ليشمل عموم لبنان.

المساهمون