استمع إلى الملخص
- التعاون يشمل تكرير النفط، السياحة، اللوجستيات، مع تحديات مثل تقلبات أسعار الطاقة والمنافسة الإقليمية والتغيرات الجيوسياسية التي قد تؤثر على استقرار الأسواق.
- العلاقات الاقتصادية تتطور باستثمارات سعودية بقيمة 5 مليارات دولار في عمان، ومشاريع مشتركة، مع التركيز على تبادل الخبرات وتطوير القدرات البشرية لتحقيق الفائدة المشتركة.
كشفت الزيارة الأخيرة لوزير الاقتصاد العُماني سعيد بن محمد السقري، إلى المملكة العربية السعودية، عن التوجه نحو تعميق الشراكة الاقتصادية بين البلدين الخليجيين. وتهدف المذكرة التي وقعها السقري يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عقب مباحثات أجراها مع وزير التجارة السعودي، رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للتنافسية، ماجد القصبي، إلى تعزيز التعاون في عدد من المجالات، منها التخطيط الاقتصادي متوسط وطويل المدى، والدراسات والنمذجة الاقتصادية، والاقتصاد الأخضر والدائري، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء العمانية.
وسجل حجم التبادل التجاري بين البلدين في 9 أشهر من العام الجاري 36.8 مليار ريال (9.81 مليارات دولار)، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية.
ويمتد هذا التعاون الاقتصادي ليشمل مجالات حيوية مثل الأمن الغذائي والمصافي وصناعات البتروكيماويات، ورغم وجود بعض التحديات، إلا أن حجم الفرص والتعاون الوثيق بين البلدين يبقى كبيرًا ومبشرًا بمستقبل اقتصادي واعد للبلدين، بحسب إفادة خبيرين لـ "العربي الجديد".
مجالات عديدة للشراكة بين السعودية وعُمان
يؤكد الخبير الاقتصادي العماني مرتضى حسن علي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن مجال تكرير النفط وصناعة البتروكيماويات يكتسب أهمية خاصة في الشراكة السعودية العمانية، خاصة في ظل تركيز السعودية على تنويع مصادر الطاقة من خلال مشروعات الهيدروجين والطاقة المتجددة، حسب علي.
كما أن قطاع السياحة والترفيه يمثل فرصة واعدة للتعاون بين البلدين، فكلاهما يمتلك مقومات سياحية وثقافية مميزة، مما يفتح الباب واسعًا للتعاون في مجال تطوير السياحة وجذب السياح الدوليين، حسب علي، مشيرا إلى أن هذا التوجه يتماشى مع استراتيجيات البلدين لتعزيز السياحة الداخلية وتطوير البنية التحتية السياحية. أما في مجال اللوجستيات والنقل، فيرى الخبير الاقتصادي العماني إمكانية تكامل الجهود بين ميناء الدقم العُماني تحديدا والموانئ السعودية لتعزيز التجارة والنقل البحري والبري، مؤكدا أن هذا التعاون من شأنه أن يعزز دور البلدين مركزين لوجستيين إقليميين مهمين.
وعلى الرغم من الفرص الواعدة، يشير إلى وجود تحديات محتملة قد تواجه الشراكة بين عمان والسعودية، على رأسها التقلبات في أسعار الطاقة، التي قد تؤثر على خطط التمويل، إضافة إلى المنافسة الإقليمية المتزايدة في مجالات اللوجستيات والطاقة والتجارة. كما أن التغيرات الجيوسياسية تمثل تحديا فارقا على هذا الصعيد، حسب علي، موضحا أن التوترات الإقليمية الجارية تؤثر سلبا على استقرار الأسواق وتدفقات الاستثمارات، مما قد ينعكس سلبًا على تنفيذ المشروعات وخطط النمو الاقتصادي.
ويلفت الخبير الاقتصادي العماني أيضا إلى التحديات الهيكلية والبنية التحتية، موضحًا أن البلدين يحتاجان إلى تطوير بنيتهما التحتية بما يتوافق مع متطلبات الشراكات المستقبلية، ما قد يتطلب استثمارات كبيرة ووقتًا لتنفيذها. ويخلص إلى أن تعميق الشراكة بين السعودية وعُمان يتطلب تكامل الجهود والاستفادة من المزايا النسبية لكل بلد، مع ضرورة مراعاة التحديات الاقتصادية الإقليمية لضمان نجاح هذه الشراكة وتحقيق أهدافها المرجوة.
5 مليارات دولار
في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي العماني، خلفان الطوقي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن العلاقات الاقتصادية بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية تشهد تطورًا ملحوظًا في مجالات متعددة، تتجلى في استثمار سعودي بقيمة 5 مليارات دولار في عمان، موزعة على مدى خمس سنوات.
ويوضح الطوقي أن الصناديق الاستثمارية السعودية استثمرت في الشركات الحكومية العمانية المطروحة للمساهمة العامة، مما يعزز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مبرزا مشروع المنطقة الصناعية في محافظة الظاهرة على الحدود العمانية السعودية بما هوأحد أهم المشاريع المشتركة بين البلدين، موضحا أن هذا المشروع قد قطع شوطًا كبيرًا، حيث تم إنجاز أكثر من 60% منه، ومن المتوقع اكتماله بنهاية العام المقبل.
ويشدد الطوقي، في هذا الصدد، على أهمية تبادل الخبرات بين البلدين، مشيرًا إلى استفادة عمان من تجربة مركز التنافسية السعودي، وتوقيع اتفاقيات وبرامج تنفيذية في مجال التحول الرقمي. ويلفت الخبير الاقتصادي العماني إلى مجالات تعاون أخرى تشمل النقل البحري والبري والجوي، بالإضافة إلى تطوير القدرات البشرية، وهو مجال بالغ الأهمية رغم قلة التركيز عليه، حسب تقديره.
ورغم وجود بعض التحديات، يؤكد الخبير الاقتصادي أن وزنها النسبي لا يمثل سوى 10% مقابل 90% للفرص المتاحة، والتي تتمثل في طول الفترة الزمنية للاتفاق على بعض المشاريع، وضرورة عرض الفرص بشكل واضح وسريع من الجانب العماني، والحاجة إلى اتخاذ قرارات استثمارية سريعة من الجانبين. ويخلص الطوقي إلى أن أي استثمار مستقبلي يجب أن يحقق فائدة واضحة للجانبين، العماني والسعودي، مشددًا على أن المجاملة غير واردة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ورغم التحديات أمام الشراكة بينهما يبقى حجم الفرص والتعاون الوثيق بينهما كبيرًا ومبشرًا بمستقبل اقتصادي واعد.