قال وزير المالية المصري، محمد معيط، السبت، إن قرار وكالة "فيتش" خفض التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية إلى درجة "بي"، مع تحويلها نظرتها المستقبلية إلى سلبية، يعكس نظرتها إلى تقديرات الاحتياجات التمويلية الخارجية للاقتصاد المصري، في ظل ظروف أسواق المال العالمية غير المواتية لكل الدول الناشئة.
وأضاف أن قرار الوكالة يعكس تقديراتها وتحليلاتها، على ضوء استمرار تعرّض الاقتصاد المصري لضغوط خارجية صعبة، نتيجة للتحديات العالمية المركبة المتمثلة في التداعيات السلبية للحرب في أوروبا، وموجة التضخم العالمية، وارتفاع أسعار الفائدة والإقراض وتكلفة التمويل، بسبب السياسات التقييدية للبنوك المركزية حول العالم.
وتابع معيط أن هذه الأسباب أدت إلى موجة من خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، ومن بينها مصر، لصالح الدول والأسواق المتقدمة، وهو ما يتزامن مع صعوبة الوصول للأسواق العالمية، وما تعانيه من حالة "عدم اليقين" لدى المستثمرين.
وزاد معيط، في بيان للوزارة، أن الاقتصاد المصري استطاع جذب استثمارات أجنبية كبيرة خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، إلى جانب موارد مالية من مؤسسات دولية عديدة عبر (الاقتراض من الخارج)، رغم شدة الضغوط والتحديات العالمية.
واستطرد بقوله إن الاقتصاد المصري لا يزال يمتلك القدرة على جذب التدفقات الأجنبية، وإن ما تتخذه الحكومة من إجراءات وتدابير، وما تنفذه من "إصلاحات" لتمكين القطاع الخاص المحلي والأجنبي، يسهم في عودة الاقتصاد للنمو القوي والمستدام، مع فتح آفاق للاستثمارات الأجنبية من خلال برنامج "الطروحات الحكومية"، واستهدافه حصيلة تبلغ ملياري دولار من بيع الشركات العامة، قبل نهاية العام المالي في 30 يونيو/حزيران المقبل.
وأكمل معيط أن الحكومة ماضية في تنفيذ حزمة متكاملة من الإصلاحات، من أجل تعزيز المسار الاقتصادي الآمن في مواجهة الصدمات الخارجية، منها إجراءات مالية ونقدية وهيكلية للتعامل الإيجابي مع توفير الاحتياجات التمويلية الخارجية للبلاد، بالإضافة إلى الالتزام الكامل بـ"برنامج الإصلاح الاقتصادي" المدعوم من صندوق النقد الدولي، على نحو يساعد في امتلاك القدرة على تعظيم موارد بلاده من النقد الأجنبي.
وذكر أن معدل العجز الكلي انخفض من 6.8% في العام المالي 2020-2021، إلى 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021-2022، إلى جانب تسجيل فائض أولي بنسبة 1.3% من الناتج المحلي، والعمل على تحقيق المستهدفات المالية للعام 2022-2023 على الرغم من الصدمات الخارجية الكبيرة والمركبة.
بدوره، قال نائب معيط للسياسات المالية، أحمد كجوك، إن وكالة "فيتش" قد تعدل التصنيف الائتماني لمصر خلال الفترة المقبلة، في حال زيادة موارد البلاد من النقد الأجنبي، خصوصاً الموارد الأكثر استدامة، مثل زيادة حصيلة الصادرات السلعية والخدمية، والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وحذرت الوكالة، في بيان أصدرته اليوم، من ازدياد مخاطر التمويل الخارجي لمصر في ضوء الاحتياجات التمويلية المرتفعة، وتشديد شروط التمويل الخارجي، على خلفية حالة الغموض الشديد في مسار أسعار الصرف، وتراجع احتياطيات السيولة الخارجية.
واعتبرت أن "المزيد من تأخير مصر في الانتقال إلى سياسة مرونة أسعار الصرف سيؤدي إلى تدهور إضافي في الثقة، وربما أيضاً إلى تأخر تنفيذ برنامج صندوق النقد"، في إشارة إلى قرض الصندوق الذي حصلت مصر على شريحته الأولى بقيمة 347 مليون جنيه، من إجمالي ثلاثة مليارات دولار على مدى 46 شهراً.
وفي أواخر إبريل/نيسان الماضي، أعلنت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" أنها أعادت النظر في تقديراتها لدرجة آفاق الدين المصري من "مستقر" إلى "سلبي"، بسبب "الحاجات الكبيرة لتمويلات خارجية" تتوقعها بشأن المالية العامة.
وتسيطر التوقعات المتشائمة على مستقبل الاقتصاد المصري وحاضره، بسبب احتياطات النقد الأجنبي الآخذة في الهبوط، وفقد الجنيه نحو نصف قيمته مقابل الدولار في غضون عام، وتزايد الديون الخارجية بفعل المشاريع الرئاسية الضخمة التي امتصت مليارات الدولارات خلال السنوات الماضية، وهروب المستثمرين من حيازة السندات المصرية.