اتفق زعماء مجموعة السبع، أمس الثلاثاء، على دراسة فرض حظر على نقل النفط الروسي الذي يتم بيعه فوق سعر معين، كما تعهدوا بدعم خطة لإعادة إعمار أوكرانيا. وقال زعماء مجموعة السبع، في بيان: "ندعو جميع الدول التي تشاطرنا الرأي إلى التفكير في الانضمام إلينا في ما نفعله". وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، الثلاثاء، إنّ وضع سقف للسعر الذي تدفعه الدول الأخرى لروسيا مقابل النفط "سيضغط في المقام الأول على الموارد التي يملكها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشن حرب، وسيؤدي، ثانياً، إلى تعزيز الاستقرار وأمن الإمدادات في أسواق النفط العالمية".
وأكد مسؤول في الاتحاد الأوروبي، أمس، أنّ زعماء مجموعة السبع وافقوا أيضاً على ممارسة ضغوط لفرض حظر على واردات الذهب الروسية ضمن جهود تشديد ضغوط العقوبات على موسكو. وكانت اجتماعات قمة السبع التي اختتمت أعمالها في إلماو بألمانيا قد شهدت تباينا حول اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وضع "سقف سعري" للنفط في العالم حتى تتمكن الدول الصناعة من خفض معدل التضخم وضرب دخل موسكو من المبيعات النفطية. وحققت روسيا نحو مائة مليار دولار من مبيعات الطاقة خلال المائة يوم الأولى من الحرب الروسية على أوكرانيا، من بينها 60% من مبيعات البترول ومشتقاته.
وحسب تصريحات أدلى بها مسؤول أوروبي لصحيفة "بوليتيكو" الأميركية، ونشرتها أمس، فإن فرنسا اقترحت تطبيق السقف السعري للنفط على جميع مبيعات النفط المنتج عالمياً بما في ذلك خامات دول "أوبك" وليس فقط النفط الروسي.
وقالت الصحيفة في تقريرها الثلاثاء، إن الرئيس إيمانويل ماكرون طرح الفكرة في اجتماع خاص بتجفيف الدخل النفطي الروسي يوم الاثنين، واقترح وضع سقف سعري للنفط يشمل جميع المنتجين بما في ذلك الدول الأعضاء في منظمة "أوبك".
وحول آلية تطبيق مثل هذا المقترح يرى ماكرون، حسب التقرير، أن مجموعة السبع يمكنها الطلب من الدول المنتجة للنفط التعاون أو حتى إجبارها على تقبل "السقف السعري". وأشار التقرير إلى أن ألمانيا شككت في جدوى المقترح الفرنسي ورأت أنه يستعدي الدول المنتجة للنفط، خاصة دول "أوبك" التي قررت زيادة الإنتاج في شهري يوليو/ تموز وأغسطس/آب.
في ذات الصدد يرى خبراء أن فكرة ماكرون غير مجدية وربما تقود إلى نتائج عكسية ومواجهة مع الدول النفطية غير مرغوب فيها وعلى رأسها منظمة "أوبك" التي تعدد أكبر محرك للمعروض النفطي العالمي، كما أن الخطة في ذات الوقت تتناقض مع مبدأ السوق الحر الذي تعتمده الدول الرأسمالية.
في هذا الصدد قال محلل الطاقة بمعهد بروغيل الأوروبي في بروكسل، سايمون تاغليا بيترا في تحليل، "لا أدرى كيف ستكون هذه الفكرة مجدية وربما ستؤدي إلى مواجهة مع منتجي النفط". من جانبه قال رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن، آدم بوصون، في مذكرة إن "فكرة السقف السعري لن تكون مجدية وستفشل في تحقيق أهدافها".
من ناحية الولايات المتحدة، فإن فكرة تحديد سقف سعري للنفط عالمياً لن تكون مقبولة لواشنطن، خاصة وأن أميركا باتت أكبر منتج للنفط وتعتمد في قوتها النفطية على شركات النفط الصخري التي ترتفع فيها كلفة إنتاج البرميل وتستفيد شركاتها حالياً من ارتفاع أسعار النفط عالمياً. على صعيد "السقف السعري" للنفط الروسي، فإن هنالك شكوكاً حول نجاح الفكرة بدليل أن الأسواق لم تأخذها بجدية، وأن الأسعار للخامات البترولية لم تتحرك كثيراً على الرغم من حلول موسم الصيف. وتقوم الفكرة على تحديد مجموعة السبع سعرا للنفط الروسي قريبا من سعر الكلفة وتلزم المشترين من الدول والشركات بهذا السعر.
وحسب تحليل للدكتور بجامعة هارفارد الأميركية، كريغ كينيدي، فإن كلفة إنتاج برميل النفط في روسيا تراوح بين 20 إلى 25 دولاراً في المتوسط، وهو ما يعني أن نحو 55 دولاراً تذهب للخزينة الروسية في شكل ضرائب حتى بعد الحسومات السعرية التي تمنحها الشركات البترولية الروسية للمشترين. وحول كيفية قبول الشركات الروسية بتحديد السقف السعري لنفطها، يرى تحليل كتبه أربعة خبراء في مركز "أتلانتيك كاونسل" الأميركي وهم كل من إدوارد فيشمان، وبرايان تول ومارك موزور وتشارلز ليشفيلد، أن مجموعة السبع تعول في تنفيذ "السقف السعري" على ضغوط الحظر وقوة هيمنتها على الشركات التي تدير التجارة النفطية. ويقول التحليل إن روسيا ستضطر في النهاية لقبول السقف السعري لأنها إن لم تفعل ستضطر إلى إغلاق الآبار النفطية، وهذا إجراء مكلف لأن إغلاق الآبار وإعادة تشغيلها في المستقبل يحتاج إلى استثمارات مالية كبيرة، كما أنها ربما تخسر حصة كبيرة من أسواقها لمنتجين آخرين. ويشير التحليل إلى أن مصدري النفط الروسي من شركات النقل البحري، أي الناقلات وشركات التأمين وحتى الموانئ والخدمات المالية، سيواجهون التهديد بالحظر من قبل مجموعة السبع بقبول "السقف السعري" أو خسارة رخصهم.
يذكر أن رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، كان قد طرح في بداية الشهر الجاري مقترح إنشاء "كارتيل لمشتري النفط" شبيه بمنظمة "أوبك". لكن الرئيس الأميركي جو بايدن رفض المقترح، حسب ما ذكرت نشرة "أويل برايس" الأميركية. ويبدو أن مجموعة السبع تواجه معضلة حول كيفية التعامل مع الدخل النفطي الذي تحصل عليه روسيا من مبيعات النفط في ذات الوقت تعاني من ارتدادات العقوبات على الطاقة الروسية على ارتفاع مستوى التضخم وأخطار دخول اقتصاداتها مرحلة الركود الاقتصادي.
وحسب وكالة بلومبيرغ، راوحت أسعار الخامات النفطية أمس الثلاثاء بين سعر 117 دولاراً لخام برنت لعقود أغسطس/آب و111 دولاراً لخام غرب تكساس لذات العقود، وهو ما يعني ارتفاعاً طفيفاً لا يعكس قلق الأسواق البترولية من خطة مجموعة السبع بوضع "سقف سعري" للخامات البترولية الروسية.
ويشير تقرير أمس الثلاثاء، إلى أن البورصات البترولية شهدت خلال الشهر الجاري مبيعات مكثفة للعقود البترولية المستقبلية، حيث باعت صناديق الاستثمار والتحوط صفقات قوامها 82 مليون برميل من النفط بينما كانت موجة المشتريات المستقبلية في أعلى مستوى خلال شهر مايو/أيار وبلغت 99 مليون برميل. وتدل المبيعات على أن الأسواق تأخذ في الاعتبار احتمال حدوث ركود اقتصادي يقلل من الطلب النفطي في العالم.