أعلن البنك المركزي العراقي المباشرة الفعلية بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الأخير المتضمن تغيير سعر الصرف واعتماد 1300 دينار عراقي للدولار الواحد، اعتباراً من يوم الأربعاء الماضي. وبين البنك، في بيان له، أن سعر بيع الدولار من نافذة بيع العملة إلى المصارف عبر المنصة الإلكترونية سيكون بمبلغ 1310 دنانير، فيما سيكون سعر البيع من المصارف للمستفيد النهائي بمبلغ 1320 ديناراً للدولار الواحد.
وعلى الرغم من دخول قرار البنك المركزي حيز التنفيذ، فإن السعر المتداول ما زال أعلى من السعر الجديد، حيث سجلت البورصة العراقية سعر الدولار الواحد 1480 ديناراً، مما يعني أن فرق السعر في السوق المحلية لا يزال مرتفعاً عن الرسمي. في المقابل، يتخوف الخبراء من تزايد عجز الموازنة.
وقال الباحث الاقتصادي، علي عواد، إن مستويات أسعار السلع الغذائية والمواد الاستهلاكية لا تزال على حالها مرتفعة دون أن يكون هناك أي تغيير على الرغم من قرار مجلس الوزراء تغيير سعر الصرف ورفع قيمة الدينار العراقي. وأشار عواد في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن عودة الأسعار إلى طبيعتها تحتاج إلى خطوات عملية فعلية من قبل الدولة، من خلال مراقبة السوق، وتحديد آليات البيع، وتوفير الدولار بالشكل الذي يضمن حصول التاجر على العملة الصعبة بالسعر الرسمي المقرر.
وأكد عواد، أن تغيير سعر الصرف بهذا الشكل المفاجئ له انعكاسات خطيرة على الاقتصاد الوطني العراقي، من خلال مستويات العجز التي سوف تتعرض لها الموازنة الاتحادية للدولة.
وبيّن أن حكومة رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي، كانت قد بررت رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار، بسبب العجز في تمويل رواتب الموظفين والمتقاعدين وشبكة الحماية الاجتماعية، إلا أن هذه التخصيصات الآن، وبعد التغيير الأخير، ارتفعت استناداً لبرنامج حكومة محمد السوداني، مما سيولد حالة من العجز بين مبيعات وزارة المالية العراقية من الدولار إلى البنك المركزي بسعر 1460 ديناراً، وبين إعلان بيع الدولار من وزارة المالية للبنك المركزي الآن بسعر 1300 دينار.
من جهته، رأى الباحث الاقتصادي نبيل جبار التميمي، أن قرار تغيير سعر صرف الدولار من خلال رفع قيمة الدينار هو قرار سياسي، وأن هناك أطرافاً سياسية عملت على هذا التغيير استجابة لوعودها الانتخابية أمام جماهيرها. وأكد التميمي، لـ"العربي الجديد"، وجود دراسات نقدية عملت عليها الإدارة الجديدة للبنك المركزي، بعدما شعرت أن تغيير سعر الصرف في الحكومة السابقة خلّف سلبيات كبيرة، ولا بد من إعادة التوازن في السياسة النقدية من خلال تحديد السعر الحالي للدولار.
وأضاف أن قرار تغيير سعر الصرف يهدف إلى تقليل مستوى التضخم الحاصل في السوق العراقية، ويستهدف مستويات أسعار السلع والبضائع، بالإضافة إلى محاولة الحد من الحوالات السوداء التي كان يحدث بموجبها خروج الدولار من العراق بالطرق غير القانونية. وعن أزمة الحوالات الخارجية، أشار التميمي إلى أن معالجة مسألة الحوالات السوداء لم تتم بعد على الرغم من القرار الأخير، لأنها مرتبطة بنتائج اجتماع البنك المركزي العراقي المرتقب مع البنك الفيدرالي الأميركي، لتحديد آليات جديدة تسمح ببعض المرونة في مسألة الحوالات الخارجية.
وأفاد التميمي أيضاً، بأن التغيير الحاصل في سعر الدولار سيولد عجزاً نسبياً في الموازنة العامة للدولة 2023، من خلال معدلات إيرادات الدولة، لكن يمكن معالجة هذا العجز بطرق فنية ونقدية تتعلق بخفض الإنفاق في الموازنة، ورفع الفقرات الهامشية، والسيطرة على الإنفاق العام.
وقال المستشار المالي لرئاسة الحكومة، مظهر محمد صالح، إن قرار تعديل سعر صرف الدينار العراقي إزاء الدولار يتناسب مع الارتفاع الحاصل حالياً في الحساب الجاري لميزان المدفوعات العراقي إلى الناتج المحلي الإجمالي، والذي تبلغ نسبته حالياً بنحو 15 في المائة، ما دفع راسمي السياسة النقدية إلى ضرورة تعديل سعر الصرف ورفع القيمة الخارجية للدينار العراقي.
وأكد صالح في تصريح صحافي، أن هذا القرار يؤازر توافر احتياطات أجنبية رسمية لدى العراق، والتي تصل إلى 115 مليار دولار، مما يوفر تغطية معيارية لتجارة العراق الخارجية الإجمالية قرابة 20 شهراً استيرادياً، في حين أن المعدل العالمي هو ثلاثة أشهر.
وأضاف صالح أن هذا القرار سيؤدي إلى رفع قيمة الدينار العراقي، ومكافحة الأنشطة غير الرسمية، ويخفض التوقعات التضخمية التي تفاقمت في الأشهر الثلاثة الأخيرة، إذ اتبع البنك المركزي العراقي نمطاً متشدداً من أنماط السياسة النقدية التي تكافح التضخم، من خلال تعظيم القيمة الخارجية للنقد العراقي، بغية فرض الاستقرار في المستوى العام للأسعار، وأهميته في استقرار الدخل النقدي لدى المواطنين، والحفاظ على مستويات المعيشة.
وكشف أن موازنة الدولة العراقية لعام 2023 ستعتمد سعر الصرف الجديد البالغ 1300 دينار، لأغراض تقييم إيراداتها ومصروفاتها بالعملة الأجنبية.