دولار السوق السوداء يرفع أسعار السلع في ليبيا إلى مستويات قياسية

22 سبتمبر 2024
تستورد ليبيا معظم احتياجاتها من الخارج، طرابلس، 24 فبراير 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **ارتفاع أسعار السلع الأساسية**: تشهد ليبيا ارتفاعًا حادًا في أسعار السلع الأساسية بسبب أزمة مصرف ليبيا المركزي، إغلاق الحقول النفطية، وتدهور قيمة الدينار الليبي أمام الدولار، مما زاد من تكاليف الواردات.

- **تأثير الأسعار على الحياة اليومية**: ارتفعت أسعار اللحوم والدواجن والبيض بشكل كبير، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة مع تزامن هذا الارتفاع مع عودة المدارس وزيادة النفقات الأسرية.

- **تداعيات النزاع القانوني**: النزاع حول إدارة مصرف ليبيا المركزي وتأخر الحلول القانونية أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 40% و25% خلال العام، مع توقعات بانخفاض التضخم إلى 2.4% في 2024 و2025.

تشهد ليبيا في الآونة الأخيرة موجةً حادة من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ما يفاقم معاناة المواطنين الذين يعيشون تحت وطأة أزمة اقتصادية متزايدة. هذا الارتفاع يأتي في ظل أزمة مصرف ليبيا المركزي، التي أدت إلى إغلاق الحقول النفطية وإلى تدهور قيمة الدينار الليبي أمام الدولار في السوق السوداء، وهو ما ألقى بظلاله الثقيلة على أسعار المواد الاستهلاكية. 

تستورد ليبيا معظم احتياجاتها من الخارج، ومع ارتفاع قيمة الدولار أمام الدينار الليبي ازدادت تكاليف الواردات بشكل ملحوظ. ووفقًا للخبراء الاقتصاديين، يعتبر انخفاض قيمة الدينار العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع الحاد في الأسعار. وقد وصل سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى مستويات قياسية، حيث بلغ 7.8 دنانير للدولار الواحد، مما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار المواد الغذائية والأدوية.

من جانبه، قال نائب رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك أحمد الكرديإن إن "الأسعار قفزت إلى مستويات غير مسبوقة، خاصةً في قطاع اللحوم، حيث وصل سعر اللحم الوطني الأحمر إلى 80 دينارًا للكيلوغرام الواحد (نحو 16.6 دولارًا)، فيما بلغ سعر لحم البقر 50 دينارًا، وهي أسعار تفوق قدرة العديد من شرائح المجتمع". وأضاف الكردي لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الزيادات الكبيرة تجعل الحياة اليومية للمواطن العادي أكثر صعوبة، في ظل غياب حلول جذرية للسيطرة على الأزمة الاقتصادية".

كما شهدت أسعار الدواجن والبيض ارتفاعًا كبيرًا في الأسواق الليبية خلال شهر أغسطس/ آب الماضي بنسبة وصلت إلى 33%، وفق دراسة أعدتها وحدة الأسعار في وزارة الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة. وتشير الدراسة إلى ارتفاع أسعار لحوم الدواجن والبيض 33%، حيث سجل سعر كيلو الدجاج 18 دينارًا، في حين وصل سعر طبق البيض (30 بيضة) إلى 20 دينارًا. ويعاني المواطنون تضخمًا عامًّا في الأسعار، وانخفاض القدرة الشرائية؛ مما جعل الحصول على الدواجن والبيض أكثر صعوبة، خاصة مع تزامن هذا الارتفاع مع عودة المدارس وزيادة النفقات الأسرية. 

الخلافات تغذي ارتفاع أسعار السلع

وقال الخبير الاقتصادي، عادل المقرحي، إن استمرار النزاع القانوني حول إدارة مصرف ليبيا المركزي، وتأخر الحل بين مجلس النواب ومجلس الدولة في اختيار محافظ جديد للبنك، سيؤدي إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني. وأشار في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أن البلاد شهدت ارتفاعًا في الأسعار على مرحلتين، الأولى خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث ارتفعت بنسبة 40% نتيجة الضريبة المفروضة على مبيعات النقد الأجنبي. ومع نهاية شهر أغسطس، شهدت ليبيا ارتفاعًا جديدًا في الأسعار بنسبة 25% في المتوسط على مختلف السلع الغذائية والأدوية.

وأكد المقرحي ضرورة تدخل وزارة الاقتصاد للحد من المضاربات التي تحدث في السوق، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات فعالة للسيطرة على أسعار الدولار التي تشهد قفزات غير مبررة.

من جهته، أوضح المحلل المالي صبري ضوء أن "معدل التضخم في ليبيا شهد ارتفاعًا حادًّا منذ بداية العام"، مشيرًا إلى أن "أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت بنسبة تتراوح بين 25% و50%". وأرجع ذلك إلى "ارتفاع سعر صرف الدولار وتراجع قيمة الدينار الليبي". وأكد ضوء لـ"العربي الجديد" أن "المواطن الليبي يتحمل العبء الأكبر من هذا التضخم، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية بشكل كبير، خاصة مع تدهور الخدمات الأساسية وزيادة الغلاء".

وأضاف المحلل المالي أن "أي تحسن اقتصادي في المستقبل يعتمد بشكل كبير على إعادة الثقة في المؤسسات المالية وتوحيد الجهود لتحقيق استقرار نقدي حقيقي". ويرى العديد من المحللين أن حل أزمة مصرف ليبيا المركزي يُعد خطوة ضرورية نحو استعادة استقرار السوق المالية، وأكدوا أن الانقسامات السياسية والمؤسسية تعرقل أي تقدم يمكن أن يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي. كما أشاروا إلى أن إنهاء هذا النزاع سيساعد في تعزيز الثقة في النظام المالي الليبي وضبط التضخم.

وفي هذا السياق، توقّع البنك الدولي أن يستقر مستوى التضخم في ليبيا عند 2.4% خلال العامين 2024 و2025، مدعومًا بانخفاض أسعار السلع الأساسية عالميًّا والتقدم نحو إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي. كما أظهرت بيانات مصرف ليبيا المركزي أن التضخم انخفض بنسبة 2.4% خلال عام 2023، ما يشير إلى استقرار نسبي في الأسعار خلال الفترة الأخيرة.

وتعتمد ليبيا في قياس معدلات التضخم على مؤشر أسعار المستهلك، الذي يرصد التغيرات في أسعار 12 مجموعة من السلع والخدمات الاستهلاكية. وتشمل هذه المجموعات الأغذية والمشروبات، السكن والمياه، الأجهزة المنزلية، الملابس والأحذية، النقل، الصحة، الخدمات الترفيهية والتعليمية والثقافية، بالإضافة إلى التبغ والفنادق والمطاعم. ويُظهر المؤشر أن أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية قد شهدت تقلبات ملحوظة خلال العام الحالي، حيث أدى الارتفاع في تكاليف الاستيراد وأسعار الدولار إلى زيادات حادة في أسعار العديد من المنتجات، مما أثر بشكل كبير في القدرة الشرائية للمواطنين. 

(الدولار= 4.8 دنانير ليبية)