أثار اختفاء السكر مع شح الأرز بالأسواق قلق المصريين في ذروة موسم ارتفاع الطلب على أهم سلعتين أساسيتين يتوافر إنتاجهما محليا.
تختفي السلعتان من أرفف المحلات وتوجدان في أسواق سرية بالمناطق الشعبية والقرى، لتباع بعيدا عن عيون السلطة التي تشهر حملات أمنية على مخازن بعض التجار، دون أن تتمكن من توفير السلعتين بسهولة.
احتفظ وسم #كيلو_السكر، بصدارة "ترند" وسائل التواصل الاجتماعي على مدار الأيام الماضية، مفجرا حوارات ساخنة وأخرى تعكس الكوميديا السوداء التي يعانيها المصريون في رحلة البحث يوميا عن السلع الضرورية ومواجهة أعباء المعيشة في ظل الغلاء وتدهور سعر الجنيه.
ترتفع أسعار السلع الأساسية في مشهد يرجعه التجار إلى نهج جديد لكبار موردي السلع الغذائية المستوردة والمحلية، يعتمد على "دولرة السلع" بوضع سقف ائتماني يحدد سعر كل سلعة بالدولار.
يشير موزعون إلى أن سعر الدولار في سوق السلع الغذائية يراوح ما بين 77 و80 جنيها، ويعتمد التجار تلك الأسعار في تقييم كافة الصفقات التي أجريت على مدار أسبوع لكل السلع التي وصلت إلى الأسواق.
يبرر الموزعون "دولرة السلع" بالحفاظ على استقرار سعر المنتجات عند السعر الذي يحصلون مقابله على الدولار من السوق السوداء. يؤكد موزعون أن الضغوط الأمنية التي تمارسها الحكومة على تجار الدولار دفعت بأسعار الدولار للتراجع في السوق الموازية، دون أن تتمكن من توفيره للموردين بما يدفع كبار المستوردين إلى شراء الدولار عبر تبادل السلع بين مصدرين وموردين ومن الخارج بتكاليف إضافية.
رصدت "العربي الجديد" سباقا على تخزين السلع بين الموزعين وكثير من الجمهور ممن يملكون ملاءة مالية للاتجار بالسلع أو تخزينها لفترات زمنية طويلة لحفظ قيمة ما لديهم من مدخرات، في ظل ارتباك المشهد الاقتصادي وتوقع تراجع الجنيه خلال الفترة المقبلة.
تنتج مصر نحو 82% من احتياجات المواطنين من السكر، وفقا لبيانات الغرف التجارية، وتوفر مساحات زراعة الأرز نحو 3 ملايين طن، تغطي الاستهلاك المحلي ويتبقى منها فائض كبير، وهو ما يدعو خبراء للقول إن اختفاء السلعتين المحليتين دليل على انهيار الثقة بين الحكومة والتجار، وعدم قدرة السلطة على مواجهة عمليات الاحتكار، التي يديرها كبار الموزعين الذين يربطون أسعار السلع الحيوية ببورصة سعر الدولار في السوق الموازية.
دعا أعضاء بالغرفة التجارية الحكومة إلى اعتماد أسعار السلع وفقا للكلفة، مع هامش ربح يساعد التجار على توفيرها بالأسواق. يوظف التجار إقبال المواطنين على الشراء استعدادا لمواجهة احتياجات شهر رمضان، بعرض كميات محدودة من السلع لفرض أسعار تتغير يوميا في اتجاه صاعد، مدفوعة بشح العرض وكثرة الطلب.
في اجتماع بين رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، مطلع الأسبوع الجاري، تعهدت الحكومة بالعمل على توفير الدولار المطلوب لإتاحة الاحتياجات من السلع الأساسية والغذائية والتعاون مع الأجهزة المعنية بالدولة لسرعة الإفراج عن بعض السلع الموجودة بالموانئ التي تنتظر توفير الدولار لدخول البلاد.
اعتمد عبد الله 100 مليون دولار لشراء زيت الطعام والألبان لصالح وزارة التموين، بينما يقدر الموردون قيمة البضائع المتأخرة بالمنافذ الجمركية، التي تأتي عبر الشركات الخاصة وقطاع الأعمال، منذ 6 أشهر، بنحو 9 مليارات دولار.
ورغم تأكيد وزارة التموين وجود مخزون من السلع الأساسية لشهر رمضان المقبل و3 شهور أخرى، لجأت إلى تخفيض كميات السكر الحر التي توزع عبر بطاقات الدعم التمويني بسعر 54 جنيها من 8 كيلوغرامات في المتوسط للأسرة إلى كيلوغرامين فقط، وحددت المنصرف بسعر 27 جنيها بكمية كيلوغرامين لكل أسرة فقط، بالإضافة إلى المقرر التمويني لكل أسرة وبحد أقصى 4 كيلوغرامات.
يحصل 63 مليون فرد على الدعم التمويني، ليظل 42 مليون مواطن آخرين يبحثون عن السكر في سوق سوداء للسلع، بين المراكز التجارية والمحلات، فلا يجدونه إلا في الحواري والمناطق الشعبية، حيث يصل سعره إلى ما بين 55 و70 جنيها.
في اجتماع بين رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، مطلع الأسبوع الجاري، تعهدت الحكومة بالعمل على توفير الدولار المطلوب لإتاحة الاحتياجات من السلع الأساسية
تبيع المعارض الحكومة كميات محدودة من الأزر بـسعر 30 جنيها، بينما بلغ سعر الكيلوغرام السائب في المناطق الشعبية 34 جنيها، والمعبأ بالمحلات التجارية يبدأ من 41 جنيها، بما يعادل ضعف أسعاره مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
تقترب أسعار ومستوى الإنتاجية لزيوت الطعام المباعة بالمعارض الحكومية من أسعار القطاع الخاص، حيث تباع العبوة بوزن 800 غرام ما بين 60 و70 جنيها.
وحررت وزارة الداخلية 31 قضية اتجار بالعملة الأجنبية بقيمة 38 مليون جنيه، منذ بداية الأسبوع، تعادل نحو 1.1 مليون دولار وفقا لسعر الصرف الرسمي، وهي تعادل نحو 500 ألف دولار وفقا لأسعار السوق السوداء.
أسفرت الحملات المتواصلة منذ أسبوعين عن تراجع سعر الدولار من مستويات 70 جنيها للدولار إلى أقل من 60 جنيها، ليعود منذ يومين إلى نحو 64 جنيها بالسوق الموازية. اختفى الدولار من التداول في سوق العرض بين صغار المتعاملين وندرة الطلب من كبار التجار المنتشرين في المحافظات خشية الملاحقة الأمنية.
طالب رئيس شعبة المصدرين عماد قناوي، في بيان اطلعت عليه "العربي الجديد"، الحكومة بأن يخضع تسعير السلع في وقت الأزمات وفقا لمبدأ الكلفة الحقيقية وهامش ربح بسيط بعيدا عن مبدأ العرض والطلب.