تعاني إدلب أزمة جديدة تهدد المحاصيل الزراعية، وتؤثر بشكل واضح في الزراعة، حيث تجتاحها ذبابة القرعيات التي تُعَدّ من الآفات الزراعية الضارة. هذه الحشرة التي تفضل استهداف الخضراوات من فصيلة القرعيات، وقد تسببت في تراجع الإنتاجية الزراعية خلال الموسم الخريفي الحالي.
وأكد عدد من المزارعين في إدلب تدهور محاصيلهم بسبب هجوم هذه الذبابة، وتتسبب يرقاتها في تدمير الثمار من الداخل، ما يجعلها غير صالحة للاستهلاك، وقد قدرت الخسائر الزراعية بنسبة تصل إلى 40% في بعض المناطق وفقاً لمزارعين، وهو ما يؤثر كثيراً في دخلهم ويزيد من معاناتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وقال المزارع أحمد النعيمي إنه "فقد حوالى 50% من محصوله من الخضار الخريفية كالخيار والكوسا هذا العام، بسبب هذه الذبابة، وكل ما يعمل عليه لمكافحتها يذهب سدى"، وأضاف أنه "بحاجة إلى الدعم والمساعدة في توفير المبيدات والتقنيات الحديثة لمواجهة هذا التحدي".
وتابع: "أعمل في الزراعة منذ سنوات، لكن هذه الذبابة جديدة بالنسبة إليّ، أعتقد أننا بحاجة إلى تكنولوجيا حديثة، مثل أجهزة استشعار لمراقبة الآفات، بدلاً من الاعتماد فقط على المبيدات".
أما المزارع أيمن الكبصو، فيعبّر عن قلقه من استمرار انتشار هذه الذبابة وتأثيرها بمواسمه المقبلة، ويأمل أن "تتضافر الجهود المحلية والدولية لتقديم الدعم اللازم، ما يسهم في تعزيز القدرة على مواجهة التحديات والآفات الزراعية".
وأشار بينما كان يقلب كفيه على محصوله من اليقطين الذي تضرر بالكامل إلى "حاجتهم الملحة لوسائل تهدف إلى تحسين إنتاجية المحاصيل وزيادة الوعي حول أساليب الزراعة الصحيحة، وطرق المكافحة البيولوجية والمبيدات الطبيعية، وضرورة توزيع بعض المواد الكيميائية المخصصة لمكافحة مثل هذه الآفات".
وأشار إلى "تزايد الحاجة إلى تحقيق الأمن الغذائي في المنطقة، وضرورة مكافحة ذبابة القرعيات للحفاظ على المحاصيل القادمة ودعم اقتصاد المزارعين، بما يسهم في استقرار القطاع الزراعي في إدلب".
أسباب انتشار ذبابة القرعيات في إدلب
من جانبه قال المهندس الزراعي رامز الحاج حميدو لـ"العربي الجديد" إن "ذبابة القرعيات من الآفات التي تمثل تهديداً للمواسم الزراعية، وتحتاج إلى برامج جديدة واستراتيجيات متعددة في المكافحة، ويجب على المزارعين استخدام زراعة مصاحبة وتدوير المحاصيل، كذلك فإن التعليم حول كيفية التعرف إلى الأعراض المبكرة أمر بالغ الأهمية".
وأرجع انتشار ذبابة القرعيات إلى عدة عوامل، "أبرزها التغيرات المناخية التي أدت إلى تغيير مفاجئ في درجات الحرارة والرطوبة، ما يوفر بيئة مناسبة لتكاثر هذه الحشرة، إضافة إلى نقص الممارسات الزراعية السليمة وغياب الوعي الكافي حول طرق المكافحة الفعالة، ما يعزز من تفشي هذه الآفة".
وذكر أن "الأبحاث المتعلقة بمكافحة ذبابة القرعيات ضرورية، ويجب العمل على تطوير سلالات نباتية مقاومة، وكذلك دراسة سلوك هذه الحشرة لفهم طرق مكافحتها بشكل أفضل". وأشار إلى "صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة، ما يمثل تحدياً كبيراً، ويحتاج إلى دعم لوجستي لتوزيع المبيدات والمواد الأخرى بشكل فعال، خصوصاً في المناطق التي تعاني من نقص في الخدمات الأساسية".
واعتبر أن "توعية المجتمع الزراعي على كيفية التعرف إلى الآفات ومتى يجب اتخاذ إجراءات مكافحتها أمر حيوي، خصوصاً الضرر الذي تلحقه هذه الذبابة بالمحاصيل، وتسبب ثقوباً دقيقة على سطح الثمار، نتيجة قيام الحشرة البالغة بعمل ثقوب لوضع البيض، ما يفضي إلى تلف الثمار وتغيير لونها وتشوهها بسبب تغذية اليرقات على الأنسجة السطحية ولبّها"، وبالتالي "تؤثر كثيراً في الاقتصاد المحلي، إذ تعتمد العديد من الأسر على الزراعة مصدراً رئيسياً للدخل، ومن هنا يجب اتخاذ إجراءات فورية لمكافحة هذه الآفة من خلال توفير المساعدات الفنية والمالية".