حذر رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، الدول النامية من تبعات دخول الاقتصاد العالمي في ركود، لما يمكن أن يسببه ذلك من تداعيات سلبية على شعوبها، وعلى جهود التنمية فيها.
وقال مالباس، الذي يستعد لاجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين آخر الأسبوع المقبل، إنّ الدول النامية "ستواجه تحديات كبيرة على المدى القريب، نتيجة للتباطؤ الشديد للنمو العالمي، وهو ما يمهد للدخول في فترات طويلة من الركود".
وفي كلمة ألقاها، أمس الأربعاء، في جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا الأميركية، أكد رئيس البنك الدولي أنّ التحديات التي تواجهها تلك الدول تشمل ارتفاع أسعار الغذاء والأسمدة والطاقة، بسبب الحرب في أوكرانيا، كما ارتفاع معدلات الفائدة، وتراجع قيم العملات المحلية مع نزوح رؤوس الأموال الأجنبية. وأضاف: "العواقب الإنسانية لهذه الأزمات المتداخلة ستكون مأساوية".
وتشهد أسواق المال حول العالم تقلبات عنيفة، دخلت بسببها أغلب الحكومات، ومنها حكومات في دول متقدمة اقتصادياً، في أزمات، تراجعت معها قيم عملاتها لمستويات غير مشهودة في عقود، وطلب معها المستثمرون معدلات عائد شديدة الارتفاع لشراء أوراق الدين الحكومية، بينما تكبدت أسواق الأسهم والعقارات وأغلب الأصول المالية خسائر ضخمة.
ويقول مالباس: "تواجه البلدان النامية مخاطر مضاعفة، فالسياسات التي تتبناها الاقتصادات المتقدمة لمعالجة التضخم والتباطؤ الاقتصادي، قد لا تترك ما يكفي من رؤوس أموال للدول الفقيرة".
وخفض البنك الدولي، يوم الاثنين، توقعاته للنمو هذا العام في الصين؛ ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بسبب ما يمكن وصفه بتداعيات أزمة متوقعة في سوق العقارات، بينما الاقتصاد لم يستعد نشاطه بعد إغلاقات استهدفت عدم التساهل مع فيروس كوفيد - 19.
وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إنّ الحرب في أوكرانيا ستكلف الاقتصاد العالمي 2.8 تريليون دولار من الناتج المفقود بحلول نهاية العام المقبل.
وفي تقرير صدر منتصف الشهر الحالي، قال البنك الدولي إنّ الاقتصاد العالمي سينمو على الأرجح بنسبة 2.9% هذا العام، انخفاضاً من 5.7% العام الماضي، متوقعاً تباطؤ نموه مرة أخرى إلى 2.4% العام المقبل، قبل تعافيه إلى 3% في عام 2024.
وكانت الدول النامية والاقتصادات الناشئة في مقدمة الدول الأكثر معاناة خلال الفترة التي مضت من العام الحالي، بسبب اعتماد أغلبها على استيراد الغذاء ومصادر الطاقة، في وقتٍ وصلت فيه أسعار تلك السلع إلى مستويات غير مسبوقة.
ومن أكثر الدول التي تضررت كانت باكستان وتركيا وتونس ومصر ولبنان، بينما أعلنت بالفعل دول أخرى إفلاسها، منها زامبيا وسيريلانكا، نتيجة لتوالي الأزمات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وهو ما دعا مؤسسات دولية ومراكز أبحاث إلى التحذير من أزمة ديون تتعرض لها الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
وبينما سارعت عدة دول إلى مخاطبة صندوق النقد للحصول على حزم إغاثة، تراجعت أسعار السندات التي باعتها تلك الدول في السوق الثانوية، لتعكس طلب المستثمرين عوائد تتجاوز 10% لشرائها، في إشارة إلى ترجمة الأسواق لارتفاع مخاطر إقراض تلك الدول.
وفيما تباع سندات الأرجنتين الدولية المستحقة في 2027 في السوق الثانوية حالياً بأقل من نصف قيمتها عند الإصدار، سجلت سندات مصر استحقاق 2040 أقل من 53% من قيمتها خلال تعاملات اليوم الخميس.