لم يُخفِ رجا كومار رغبته في أن يجعل من مجموعة العمل المالي FAFT التي يرأسها منذ شهر يوليو/ تموز من العام الماضي، الهيئة الدولية المكرسة والمعترف بها لاتخاذ تدابير محاربة الجريمة المالية ومنها غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتميز بفعاليتها في ترسيخ الأمن للأمم والعالم.
مؤسسة تخشاها الكثير من الدول، وتحرص على أن تقول في حقها كلمة تدفع عنها شبهة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب. فتلك شهادة حسن سيرة وسلوك لا غنى عنها في عالم يعجّ بالمخاطر التي يمكن أن تسبب عزل دول وإحاطة أخرى بشكوك تؤثر باقتصاداتها.
يوم الجمعة الماضي 24 فبراير/ شباط تلقت دول، بعد الاجتماع العام للمجموعة في باريس، أخباراً سارة وأخرى مخيبة لآمالها. فقد قررت مجموعة العمل المالي، بعد الاجتماع الأخير المطوّل، تعليق عضوية روسيا، مبررة ذلك بانتهاكها المبادئ الأساسية للهيئة، وشطبت المغرب وكمبوديا من اللائحة الرمادية، وألحقت بتلك اللائحة نيجيريا وجنوب أفريقيا، ولم تغير اللائحة السوداء التي تضم بلداناً تمثل مخاطر جد كبيرة على مستوى غسل الأموال أو تمويل الإرهاب.
يفترض بالدول المدرجة على اللائحة الرمادية أو اللائحة السوداء بذل جهود كبيرة كي تغادرها، حيث يجب إعادة النظر في التشريعات وتأهيل النظام المالي وإقناع الفاعلين في بعض القطاعات الحساسة بتبني قواعد شفافة تدفع الشبهات عن الدول في الأسواق المالية وتجذب المستثمرين.
خلف القرارات التي تتخذها مجموعة العمل المالي، الكثير من الرصد والتحري الميداني في بعض الأحيان، الذي يبذله خبراء وتمثيليات مجموعة العمل المالي في العديد من المناطق عبر العالم.
عندما تولى كومار أمر مجموعة العمل المالي، قُدم باعتباره شخصاً يمتلك تجربة غنية في مجال القيادة والعمليات. تلك تجربة راكمها على مدى ثلاثة عقود ونصف، تولى خلالها مناصب عديدة في وزارة الداخلية أو الشرطة بسنغافورة.
ونسج رئيس المجموعة الذي كان مديراً سامياً في الشرطة، ومديراً بالنيابة في وزارة الشؤون التجارية، ومديراً عاماً للهيئة المسؤولة عن ضبط الكازينوهات، علاقات تعاون قوية مع العديد من نظرائه في مجال الأمن، وخاصة مع شركاء استراتيجيين في الإنتربول والأمم المتحدة.
ويشهد له بوضع نظام متين للكازينوهات الجديدة بسنغافورة، بهدف محاربة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، علماً أنه قبل توليه أمر مجموعة العمل المالي، كان مدافعاً عن دور هذه الهيئة وقدرتها على إنجاز مهمتها على الصعيد العالمي، خاصة أنه ترأس تمثيلية بلده في تلك الهيئة منذ 2015.
حصل كومار على البكالوريوس في القانون من الجامعة الوطنية بسنغافورة، وشهادتين من هارفارد وكامبريدج، وكوفئ اعترافاً من سلطات بلده بالجهود التي بذلها، حيث نال العديد من الميداليات، نظير أعمال قام بها لفائدة الإدارة العمومية في بلده الذي يدرس فيها العلوم الاجتماعية.
يشهد له بوضع نظام متين للكازينوهات الجديدة بسنغافورة، بهدف محاربة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب
أحب دراسة القانون بفضل عمه الذي كان يمارس المحاماة، وحلم بأن يكون جزءاً من مؤسسة تسهر على محاربة الجريمة واستتباب الأمن في بلده، حيث أراد السير على نهج والده الذي كان ضابطاً سامياً في شرطة سنغافورة. اختياره العمل في الشرطة فاجأ أصدقاءه الذين كانوا يتوقعونه محامياً كما يقول.
عندما تولى أمر مجموعة العمل الدولي، عبّر عن أولوية تعزيز الجهود العالمية لاسترداد الممتلكات، والتركيز على الأشكال الجديدة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، بشكل يستحضر التجليات الجديدة المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة، مؤكداً رغبته في تحقيق نتائج ملموسة عبر تعقّب المجرمين والمنظمات الإجرامية.
في الصيف الماضي، خاطب طلبة بالجامعة الوطنية بسنغافورة قائلاً: "لا تترددوا في اقتحام طرق جديدة. استمتعوا بما تقومون به وكونوا شغوفين بعملكم"، قبل أن يضيف: "كمهنيين، النزاهة أساسية، من دونها ستكونون مثل ريشة في مهب الريح".