رغم انخفاض الأسعار.. سندويتش البطاطا بـ14 ألف ليرة في سورية

09 يناير 2025
سوريون في أحد مطاعم حلب، 31 ديسمبر 2024 (بلال الحمود/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يشهد السوق السوري ارتفاعًا غير مبرر في أسعار السلع والخدمات رغم انخفاض أسعار المواد الأساسية، مما يثير تساؤلات حول غياب الرقابة ويدفع المواطنين للمطالبة بتكثيف الجولات الميدانية وتوقيع المخالفات على المخالفين.

- يعاني المواطنون من تذبذب سعر الدولار، حيث يستغل بعض التجار هذا التذبذب لرفع الأسعار، مبررين ذلك بشراء البضائع بسعر دولار مرتفع، مما يثير استياء المواطنين الذين لا يعترفون بنشرة أسعار البنك المركزي.

- أطلقت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو لمقاطعة الأكلات الجاهزة والمطاعم، ويشير الخبراء إلى ضرورة إلزام التجار بإصدار فواتير نظامية، لكن هذا الحل يواجه تحديات في ظل الوضع الاقتصادي الحالي.

لا يزال سعر سندويتش البطاطا في سورية 14 ألف ليرة حتى اليوم. ويتساءل وائل الدبس، وهو مواطن سوري: "أين الرقابة على هذه المحلات؟ سعر البطاطا انخفض إلى 3 آلاف ليرة بعدما كان 9 آلاف، وكذلك سعر الزيت الذي وصل إلى 30 ألف ليرة ثم انخفض إلى 18 ألفًا. لماذا هذا الفحش في الأسعار؟!". ويتساءل مواطنون آخرون، في أحاديث لـ"العربي الجديد": "إذا آمنا وصدقنا مقولة التجار المستوردين بأنهم اشتروا بضاعتهم بالدولار، وبأن سعره لا يزال متذبذبًا، فما هي حجة أصحاب المطاعم ومحلات الوجبات السريعة والسندويتش؟ لماذا لا تزال أسعارهم مرتفعة رغم انخفاض أسعار جميع السلع الغذائية، مثل الزيت والفروج والبطاطا والخضر، وفي ظل توفر الغاز والكهرباء؟". 

ودعا مواطن آخر، هو أحمد قناطري، الجهات الرقابية إلى القيام بجولات ميدانية على الأسواق، وتوقيع مخالفة على كل من يستغل حاجة الناس برفع أسعاره. ويقول: "أقل سعر لسندويتش الشاورما حاليًا 18 ألف ليرة، على الرغم من أن سعر كيلو الفروج لا يتجاوز حاليًا 30 ألف ليرة. فكم كيلو من الدجاج يضع البائع في السندويتش ليصل سعرها إلى هذا الحد؟ وهي أحيانًا قد لا يتجاوز حجمها أصابع اليد!".

وفي منطقة أخرى بدمشق، ما إن يصحو عبد الله النمر حتى يهرول لالتقاط هاتفه المحمول لمعرفة سعر الدولار، فعبد الله اليوم ليس مجرد نموذج لمواطن، بل هو تاجر ينوي استغلال حالة تذبذب سعر الصرف في سورية لرفع أسعار بضاعته، حيث يمتلك محلًا لبيع أجهزة الحاسب الآلي المحمولة في منطقة البحصة. والحال نفسه ينطبق على رائد خضر، الذي بات يمتهن مهنة تصريف الدولار بشرائه عند انخفاضه وبيعه بفارق 10% عند ارتفاعه.

وعلى الطرف الآخر، لم يعد يهم أغلب المواطنين من شريحة "الدراويش" موضوع الدولار حاليًا، لأنهم لا يشعرون بانخفاض أسعار السلع عند انخفاض الدولار، عدا بعض السلع الغذائية. وعلى العكس، يستيقظ المواطنون في سورية على ارتفاعات مستمرة بحجة أن التجار اشتروا بضاعتهم عندما كان سعر الدولار مرتفعًا، ولا يريدون أن يخسروا حاليًا. ويبرر التجار أنهم يخططون لتخفيض الأسعار فقط في حال اشتروا بضاعة جديدة بسعر أرخص. هؤلاء التجار لا يعترفون بنشرة أسعار البنك المركزي الحالية عن الدولار.

ويقول المواطن سامر الحلبي لـ"العربي الجديد": "عقب هبوط سعر الدولار، ذهبت مسرعًا إلى برج دمشق لشراء مجهَر أحتاجه في عملي، حيث أعمل في تصليح الهواتف المحمولة، إلا أنني فوجئت بأن سعره لم ينخفض ولو قيد أنملة عما كان عليه عندما ارتفع الدولار. وعندما سألت عن سبب عدم انخفاض السعر رغم انخفاض الدولار، أجابني الباعة جميعهم بعدم اعترافهم بنشرة أسعار المركزي، وأن سعر الدولار الذي يبيعون على أساسه هو 15 ألف ليرة وليس 13 ألفًا كما حدده البنك المركزي. بعضهم قال بوضوح: من يرد الشراء فأهلًا وسهلًا، ومن لا يرد فلا يوجد لدينا مجاهر للبيع".

وأطلقت مؤخرًا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو السوريين إلى مقاطعة شراء الأكلات الجاهزة، أو الذهاب إلى المطاعم ومحلات الوجبات السريعة، احتجاجًا على استغلال هذه المحلات لحاجة الناس ورفع الأسعار دون تخفيضها، رغم انخفاض أسعار السلع الغذائية. وجرى اتخاذ عدة قرارات لحل العديد من المشاكل من خلال الإدارة الجديدة، ما  دفع إلى انخفاض أسعار جميع السلع بأكثر من 30%، كما أكد شفيق عربش، وهو أستاذ في كلية الاقتصاد، لـ"العربي الجديد".

جشع تجار في سورية

وكان من بين هذه الحلول التخلص من الرشاوى والحواجز العسكرية التي كانت تبتز التجار، وإلغاء الجمارك، والإعفاء من الضرائب. لكن للأسف، لم تنخفض الأسعار كما يجب. ويقول عربش: "العقلية السائدة لدى أغلب التجار في سورية هي عقلية تجار التجزئة، القائمة على استغلال أي أزمة لتحقيق الربح فقط، دون التفكير بالخسارة أو الربح المعقول". وأضاف: "هناك طريقة غريبة في تعامل التجار مع الأسعار؛ في حال شراء البضاعة بسعر عالٍ، يقومون فورًا برفع أسعارهم. وفي حال شراء البضاعة بسعر أرخص، لا يقومون بتخفيض الأسعار". وأشار إلى أن بعض المواد الغذائية انخفضت أسعارها، وأعلنت بعض ماركات الألبسة عن تخفيضات، لكنها شبه وهمية. أما البضائع المستوردة، مثل الإلكترونيات والكهربائيات، فلم تنخفض أسعارها. ويؤكد الباعة أنها "لا توفي معهم"، مستغلين غياب الرقابة، وضعف الإجراءات الواضحة من وزارة التجارة الداخلية، إلى جانب استغلال ضعف الكهرباء وعدم توفرها بشكل جيد. ولا يزال الطلب على بعض اللوازم الكهربائية، مثل البطاريات والألواح وأجهزة الحاسب الآلي، مستمرًا.

وحول الحلول المقترحة لإلزام التجار الجشعين بتخفيض أسعارهم، أكد عربش ضرورة إلزام الباعة بإصدار فواتير نظامية للاستيراد لمعرفة تكلفة القطع، ثم حساب أسعارها بناءً على سعر الدولار الحالي مع إضافة هامش ربح معقول. لكنه أضاف: "هذا الموضوع لا يزال شائكًا وصعبًا في ظل المرحلة الاقتصادية الحالية. الجهات العامة والعاملون في الوزارات لم يتمكنوا بعد من معالجة جميع الملفات كما يجب. بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد كادر إداري كافٍ لضبط الأسواق، ما يتطلب جولات ميدانية مستمرة على الأسواق لضبط الأسعار".

المساهمون