تنوّع الجاليات
عادة ما يشهد شهر رمضان المبارك تراجعا لافتا في حركة السياحة الخارجية، خاصة من قبل المسلمين الذين يفضلون قضاء الشهر الكريم مع عائلاتهم في الديار، لكن بالنسبة للمئات المجبرين إلى السفر من مكان إلى آخر بهدف العمل، أو لغايات أخرى، فيُضطرون إلى الصيام، لتكون الرحلة إلى أي دولة بمثابة فرصة للتعرف على تقاليد جديدة، خاصة في البلدان الغربية، ومنها المملكة المتحدة التي تستضيف ما لا يقل عن مليونَي مسلم.
رمضان في بريطانيا مختلف عن بقية الدول الأجنبية لأن الجاليات المسلمة عموما والعربية تحديدا كبيرة ومتنوعة. وبالتالي، فإن التعرّف على العديد من التقاليد من حول العالم أمر رائع ومرغوب فيه.
تخيل أن تصوم في المملكة المتحدة وتتناول وجبة الإفطار في مطعم أفغاني أو باكستاني، ومن ثم تصلي في مساجد تابعة للجالية العربية، وبعدها تتناول وجبة السحور في مطاعم تركية أو حتى من بلاد الشام، تحديدا لبنان والأردن.
الإفطارات الجماعية
تُعد الإفطارات الجماعية في الساحات العامة واحدة من أهم الفعاليات التي تجذب الصائمين البريطانيين والأجانب وحتى السياح.
ولعل الإفطار الأخير، الذي أُقيم ثامن أيام رمضان في كاتدرائية مانشستر البريطانية، واحدا من أجمل الأحداث التي يمكن للسائح أن يكتشفها حيث يعيش الأجواء الرمضانية بامتياز. وبحسب وسائل إعلامية، فإن الأذان رُفع فيها لأول مرة.
وجاء الإفطار الرمضاني في الكاتدرائية البريطانية العريقة ضمن فعالية إفطار جماعي من تنظيم مؤسسة "الإفطار المفتوح" Open Iftar. كذلك، نظمت مؤسسة "الإفطار المفتوح"- وهي مؤسسة إسلامية بريطانية تعنى بإقامة إفطارات جماعية في شهر رمضان من كل عام في أماكن وفعاليات مختلفة- إفطارا بحضور عدد من الشخصيات المسلمة والمسيحية، وستبقى هذه الإفطارات الجماعية حتى نهاية الشهر الكريم.
فعاليات رياضية
إلى عشاق الرياضة، إن كنتم في زيارة إلى المملكة المتحدة خلال شهر رمضان الكريم، فأنتم مدعوون لحضور مآدب الإفطار في أحد النوادي الرياضية الشهيرة.
فقد ساعد انتشار المسلمين ووجود العديد من اللاعبين داخل هذه الأندية في تعريف المجتمع المحلي بثقافات المسلم وعاداته وتقاليده.
وبدأت نواد عديدة، في السنوات الأخيرة، في إعداد مآدب إفطار كنوع من المشاركة. وفي هذا الإطار، دعا فريق "برايتون" الإنكليزي إلى إقامة إفطار خاص للصائمين، على خطى ما قام به نادي "تشلسي" بداية الشهر الكريم.
وصرح فريق "برايتون ألبيون" في بيان بأنه "أصبح أول فريق كرة قدم خارج لندن يحتضن مثل هذه المناسبة، بمشاركة لاعبين من الأكاديمية وعائلاتهم والجلوس معا إلى مائدة الإفطار".
ولذا، توقع أن تكون خلال وجودك في المملكة المتحدة مدعوا لتناول الإفطار في ناديك المميز، حتى إنه من غير المستبعد أن تكون فرصة للتسامر مع بعض اللاعبين.
بين الإفطار والسحور
يمتلك السائح الصائم خلال زيارته بريطانيا العديد من الخيارات لتذوق الأطعمة التي تنفرد بها كل جالية.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكنه الانتقاء من بين أفضل المطاعم الحلال التي حازت نجمات "ميشلان" لتذوق مأكولات مختلفة. وحتى بعيدا من المطاعم التي تستقطب كبار الطهاة حول العالم، فإن العديد من المتاجر تخصص لائحة متنوعة للصائمين.
مثلا، إن كنتم في المتاجر أو المولات على غرار "مارك أند سبنسر" و"وايت روز"، فأنتم مدعوون أيضا لتناول أطعمة شرقية بين الإفطار والسحور.
كما يُعد "شارع العرب" واحدا من أهم المعالم السياحية للمسلمين والصائمين، ويعكس تنوّع الحضارات التي تسكن في لندن، التي تقدم صورة كاملة للجمال الذي يخلقه هذا التنوّع، فهناك كم هائل من خيارات الإفطار والسحور، حتى إن العديد من المطاعم المنتشرة هناك تقدم وجبات مجانية، والهدف من ورائها ليس فقط تقديم الطعام إلى المحتاجين، بل أيضا تعريف المجتمعات الغربية بأطعمة مختلفة من الدول العربية.
البازارات والأسواق
احتفل "سيرك بيكاديللي لندن" هذا العام بقدوم شهر رمضان من خلال إقامة بازار لبيع المنتجات المخصصة للشهر الكريم، وبيع الأطعمة والمشروبات الرمضانية. ويُعد هذا الاحتفال الأول من نوعه.
وقاد المشروع شركة "أضواء رمضان" في المملكة المتحدة. كما تلألأت الأنوار الخاصة بالشهر الكريم في "البيكاديللي"، بمشاركة عمدة لندن صادق خان.
وإضافة إلى الزينة التي ازدانت بها كافة المناطق التي يسكنها العرب، وبدأ بعضها، على غرار "شارع العرب"، بتنظيم فعاليات سوق رمضان، حيث تنتشر بعض العربات الملونة المتخصصة ببيع المنتجات الرمضانية، منها الأطعمة والحلويات والزينة الرمضانية، فضلا عن العصائر من كافة الدول العربية، ناهيك عن قسم مخصص للألعاب الفلكلورية من مختلف الدول.
وبالتالي، يمكن للسائح أو حتى المقيم شراء العديد من الاحتياجات الخاصة بالشهر الكريم، كما يمكنه شراء الهدايا التذكارية، كالعبايات التقليدية والأواني القديمة.