انتهى اجتماع مجموعة "أوبك+" التي تضم 23 دولة نفطية، الأحد، على اتفاق كامل، فقد قررت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وعلى رأسها السعودية، وحلفاؤها النفطيون بقيادة روسيا، على إضافة المزيد من إمدادات النفط تدريجياً إلى السوق، بعدما حلت السعودية والإمارات نزاعاً كان يعرقل التوافق. وستعزز المجموعة الإنتاج بما يصل إلى 400 ألف برميل يومياً كلّ شهر، اعتباراً من أغسطس/آب المقبل.
وتفيد الصفقة بمنح الإمارات والعراق والكويت وروسيا والسعودية حصص إنتاج أعلى، بدءاً من مايو/أيار 2022. وزاد خط الأساس الخاص بالإمارات الآن إلى 3.5 ملايين برميل يومياً، أي أقلّ من 3.8 ملايين برميل كانت قد طلبتها في مفاوضاتها التي عرقلت الوصول إلى اتفاق منذ أسبوعين، لكن أعلى بكثير من المستوى السابق البالغ 3.2 ملايين برميل.
وقال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، للصحافيين بعد الاجتماع: "أوبك+ هنا لتبقى. بناء التوافق فنّ"، مشيراً إلى مواصلة المجموعة الاجتماع كلّ شهر لمراقبة تعافي السوق عن كثب. وشرح أنّ تعديلات خط الأساس لن تغير وتيرة زيادات الإنتاج الشهرية البالغة 400 ألف برميل يومياً عندما تدخل حيز التنفيذ في العام المقبل.
وأعرب عن أمله في الانتهاء من خفض الإنتاج تماماً بحلول سبتمبر/أيلول 2022. وأكد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي للصحافيين، بعد الاجتماع، أنّ "الإمارات ملتزمة بهذه المجموعة وستعمل معها دائماً"، شاكراً السعودية وروسيا على "الحفاظ على أوبك+ معاً، وتعزيز الحوار البنّاء الذي مكّن من التوصل إلى اتفاق".
وأشارت وكالة "رويترز" إلى أنّ تعديل مستوى الأساس لإنتاج "أوبك+" النفطي يضيف 1.63 مليون برميل يومياً للإمدادات، اعتباراً من مايو 2022.
بدوره، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، الأحد، أنّ بلاده ستزيد إنتاجها النفطي في النصف الثاني من العام، بفضل اتفاق جديد توصل إليه تحالف "أوبك+" بشأن زيادة الإنتاج. وقال نوفاك إنّ روسيا ستبدأ زيادة الإنتاج شهرياً بواقع 100 ألف برميل يومياً بداية من أغسطس/آب المقبل، على أن تصل إلى مستوى ما قبل الأزمة في مايو 2022.
وأضاف أنّ روسيا ستنتج نحو 21 مليون طن أخرى من النفط هذا العام والعام المقبل. وأبلغ قناة "روسيا 24" أنّ ميزانية بلاده ستزيد 400 مليار روبل (5.4 مليارات دولار) بفضل الاتفاق الجديد، على أساس متوسط سعر نفط يبلغ 60 دولاراً. وستخفف الهدنة من ضغوط العرض التي تلوح في الأفق، وتقلل من مخاطر ارتفاع أسعار النفط التضخمي.
كما تضع حداً لخلاف دبلوماسي أثار قلق التجار والسوق النفطية العالمية، إذ جرى الترويج خلال الفترة الماضية أنّ الصراع بين الحليفين قد يهدد بتفكيك الاتفاق الأوسع بين منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها، الذي عزز انتعاش أسعار النفط الخام.
واتفقت "أوبك+"، العام الماضي، على تخفيضات قياسية للإنتاج بنحو عشرة ملايين برميل يومياً، لمواجهة تراجع الطلب الناجم عن تفشي وباء فيروس كورونا، وهي قيود خففتها تدريجياً منذ ذلك الحين، ليبلغ الخفض نحو 5.8 ملايين برميل يومياً، على أن تعاود زيادة الإنتاج بشكل تدريجي اعتباراً من إبريل/نيسان 2022، وأدت تلك الخطوة حينها إلى ارتفاع أسعار النفط المرجعية في الأسواق.
يأتي ذلك بعدما تعرضت أسعار النفط، التي كانت بدأت التراجع في ظل قلق بشأن الاقتصاد العالمي، لانتكاسة كبيرة في إبريل 2020، مع تفشي فيروس كورونا حول العالم وتأثيره على قطاعات واسعة، مثل الاستهلاك والنقل وسلاسل التوريد، إضافة إلى نشوب حرب أسعار بين السعودية وروسيا. وشرحت وكالة "بلومبيرغ" في تقرير لها أنّه منذ بداية الأسبوع الماضي، كانت هناك علامات متزايدة على اتفاق مؤقت من شأنه أن يمنح الإمارات حصة إنتاجية أكثر سخاء.
وقال مندوبون إنّ وزراء من السعودية والإمارات وحلفائهم الخليجيين اجتمعوا عبر الإنترنت، يوم السبت، لمناقشة الأمر. وكانت الإمارات تجادل بأنّ الطريقة التي يتم بها حساب حصتها غير عادلة. ولتوضيح وجهة نظرها، أعاقت صفقة وافقت عليها بقية دول الكارتل، في وقت سابق من هذا الشهر. وكان الخلاف علنياً بشكل غير عادي، وفق الوكالة الأميركية، وتجاوزت التوترات دبلوماسية النفط. بينما استخدم وزراء كلّ دولة المقابلات الإعلامية لإثبات قضيتهم، وتم تحريك ذكريات حرب الأسعار لعام 2020 بين روسيا والسعودية، وتهديد أبوظبي المقنّع، في وقت لاحق من ذلك العام، بمغادرة التحالف.
وأدى انهيار المحادثات، في وقت سابق هذا الشهر، لفترة وجيزة، إلى ارتفاع النفط الخام إلى أعلى مستوى في ست سنوات في نيويورك. وانخفض الأسبوع الماضي إلى نحو 72 دولاراً للبرميل.
وألقى الخلاف العلني النادر بين الرياض وأبوظبي، خلال النقاشات الأخيرة، الضوء على مسارين متباينين تتبعهما الحليفتان الوثيقتان في العديد من الملفات، مع احتدام التنافس الاقتصادي بينهما في الأعوام الأخيرة، وشكّل خروجاً عن المألوف لجهة حلّ الخلافات بين دول الخليج ومسؤوليها خلف الأبواب الموصدة.
ورأى فيه محللون مؤشراً إلى زيادة الحدّ في التنافس الجديد بين الدولتين على وقع التغيير الكبير الذي تشهده السعودية. وذكرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير أنّ أسواق النفط العالمية من المقرر أن "تضيق بشكل كبير" ما لم يحل تحالف "أوبك+" مشكلاته ويوافق على زيادة الإنتاج.
وشرحت وكالة الطاقة أنّ مأزق المجموعة يهدد بإحداث "عجز متزايد في الإمدادات"، مع "احتمال أن يؤدي ارتفاع أسعار الوقود إلى تأجيج التضخم وإلحاق الضرر بتعافٍ اقتصادي هش".