قالت وكالة ستاندرد أند بورز إنه في وقت بدأ الاقتصاديون يشعرون بالقلق إزاء موجة ثالثة من التضخم، في أعقاب جائحة كوفيد 19 واندلاع الحرب الأوكرانية، أحدث الصراع في غزة صدمة نفطية إضافية قد تؤدي إلى موجة تضخمية ثالثة، وفقا لما رأته وكالة التصنيف الرائدة.
وتحولت المحادثات في غرف التداول ومراكز أبحاث الاستثمار نحو التأثير المدمر المحتمل للصراع بين نظام الاحتلال وغزة على الأسواق والاقتصادات العالمية، حتى لو لم يكن للحرب التي استمرت 11 يوما حتى الآن تأثير خطير على الاقتصاد العالمي.
وقال بول غرونوالد، كبير الاقتصاديين في الوكالة، في تصريحات خاصة نقلتها ذا ناشيونال اليوم الثلاثاء، إنهم قد نجحوا في إدارة التضخم، ودفعه نحو الانخفاض، لكنهم يشهدون صدمة في أسعار النفط العالمية.
وتساءل غرونوالد عما إذا كنا سنشهد دورة تضخم أخرى؟ وهل سيدفع ذلك البنوك المركزية إلى إطالة فترة توقفها؟ وهل ستحتاج فعلًا إلى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى؟ وأشار إلى أن ذلك السيناريو سيئ وغير مناسب.
وبعد عودته أخيراً من اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في المغرب، وعندما طغت عملية "طوفان الأقصى" على الاجتماعات إلى حد كبير قبل أيام قليلة، قال الخبير الاقتصادي إنه لم ير تحرك الاقتصاد الكلي بعد.
وأضاف لصحيفة ذا ناشيونال إنه من الواضح أننا شهدنا بعض التخفيف من الخطر في الأسواق، بعدما ارتفعت سندات الخزانة وغيرها من الأصول الآمنة. وتساءل عما إذا كان الصراع سينتشر ويبدأ في التأثير على ما أسماه "المتغيرات الحقيقية" في المنطقة أم لا.
ويعد النفط متغيرًا مهمًا آخر، كما يرى غرونوالد، لكنه يرى أن الوقت مبكر جدًا لمعرفة توجهاته متوسطة المدة، رغم الارتفاعات الأخيرة. وعلى الرغم من أن مؤشر الاقتصاد الكلي لم يتحرك بعد، فإن بول يرى أن ذلك لا يعني أنه لن يتحرك، ويؤكد أنه يحتاج فقط إلى تحديد المخاطر والقنوات، وسيواصل القيام بالمراقبة.
انضم لغرونوالد عدد من الساسة والمسؤولين الذين عبروا عن مخاوفهم مما يمكن أن يصيب الاقتصاد العالمي في حالة تصاعد الصراع واتساع نقاشه، خاصة إذا تمدد إلى مناطق أخرى.
ونقلت "بلومبيرغ" عن اقتصاديين توقعاتهم بارتفاع أسعار النفط إذا دخلت إيران في الصراع بشكل مباشر، وصولاً إلى سعر 150 دولارًا للبرميل، ما قد يخفض الناتج الاقتصادي العالمي بمقدار تريليون دولار.
ووصف جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان، تلك الفترة بأنها "أخطر فترة منذ عقود".
وقبل اندلاع الصراع بين قوات الاحتلال وغزة، كانت آفاق الاقتصاد العالمي خافتة في أفضل تقدير، وكان يُنظر إلى ارتفاعات أسعار الفائدة على أنها أحدثت التأثير الذي صممت من أجله، وعلى هذا النحو، تم اعتبار أن الطلب قد وصل إلى ذروته.
وفي توقعاتها للاقتصاد العالمي للربع الرابع، تنبأت وكالة ستاندرد أند بورز بفترة من النمو دون المتوسط، تغذيها أسعار الفائدة المرتفعة على المدى الطويل في المستقبل، مع تعديل أبطأ وألطف نسبيًا للعودة إلى الحالات المستقرة، وهذا مشروط بوجود أسواق عمل قوية.
وعلى الرغم من أن الاقتصادات تبدو في وضع أفضل في المعركة ضد التضخم، فإن الصدمات الجيوسياسية لا تزال قادرة على تحويل الكثير منها عن مساره.
وقالت كاثلين بروكس، مؤسسة شركة مينيرفا للتحليل، إنه إذا استمر الصراع في الضغط على أسعار النفط، فإنه يمكن أن يغذي "توقعات التضخم الاستهلاكي في الغرب في الشهر المقبل. وأضافت أن ذلك قد يؤثر في ما بعد على توقعات أسعار الفائدة ومعنويات المستثمرين.
وفي حديثها في مراكش، أشارت جيتا جوبيناث، نائبة رئيس صندوق النقد الدولي، إلى أن العالم من المحتمل أن يواجه "عددًا كبيرًا من الصدمات".
وقالت إنه نظرا لأن الديون وصلت لمستويات قياسية في نفس الوقت الذي يتعين فيه على الاقتصادات إبقاء أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول، فإن هناك "الكثير من الأمور التي يمكن أن تسوء".