أعلنت سلطات شرق ليبيا، اليوم الأحد، تأجيل موعد انعقاد المؤتمر "الدولي" لإعادة إعمار مدينة درنة، التي دمرتها الفيضانات في 10 سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني.
وأعلنت اللجنة التحضيرية، في بيان، أن المؤتمر الذي كان من المقرر عقده في 10 أكتوبر/ تشرين الأول تم تأجيله لأسباب لوجستية، ومن أجل منح الشركات "الوقت اللازم لتقديم الدراسات والمشروعات الناجعة التي ستسهم في عملية إعادة الإعمار".
وأشارت الحكومة المعينة من البرلمان وغير المعترف بها دوليا إلى انعقاده في الأول والثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني في مدينتي درنة وبنغازي.
وجرى التأجيل بناء على طلب البلديات في المدن والمناطق المتضررة وعدد من الشركات العالمية الراغبة في المشاركة، وفق ما أوضح رئيس اللجنة صقر الجيباني.
وترى مصادر مطلعة في حديث مع "العربي الجديد" أن الانقسام الحاد في المؤسسات الحكومية في البلاد سيعرقل جهود إعمار درنة والمناطق المجاورة لها، كما عرقل إرسال الإغاثات الإنسانية، في إطار التنافس والاستقطاب السياسي الحاد.
وأعلنت سلطات شرق ليبيا، الأربعاء الماضي، إنشاء صندوق لإعادة إعمار مدينة درنة التي دمرتها الفيضانات، وتنظيم مؤتمر لإعادة الإعمار في درنة، بعد تخصيص حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس 418 مليون دولار لصندوق آخر لإعادة إعمار المدينة ذاتها.
وقالت السلطات إن المؤتمر "سيفتح الباب أمام الشركات العالمية لتقديم أفضل التصاميم الملائمة لطبيعة وتضاريس المدينة"، وكانت دعت في البداية "المجتمع الدولي" بأكمله للمشاركة.
وتجاهلت الحكومة المنافسة المعترف بها من الأمم المتحدة ومقرها العاصمة طرابلس (غرب) حتى الآن هذه الإعلانات، ولم تقل ما إذا كانت سترسل ممثلين.
ولم تحدد الحكومة التي تتخذ مقرا في بنغازي (شرق) كيفية تمويل الصندوق الجديد، لكن البرلمان، ومقره أيضًا في الشرق، خصص بالفعل 10 مليارات دينار (1.9 مليار يورو) لمشاريع إعادة الإعمار.
وتعاني ليبيا من الانقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، وتحكمها حاليا إدارتان متنافستان: واحدة في الغرب بقيادة عبد الحميد الدبيبة، والأخرى في الشرق بقيادة أسامة حمّاد ويدعمها البرلمان واللواء المتقاعد خليفة حفتر.
من جهته، قال الخبير في شؤون ليبيا في "المعهد الملكي للخدمات المتحدة" جلال حرشاوي إنه "من الناحية المؤسسية"، حكومة الشرق "غير موجودة، لأنها غير معترف بها دوليا"، لذلك "من غير المرجح أن تقدم دول أموالا إلى الشرق".
وقال البنك الدولي، في بيان سابق، إنه على استعداد للتعامل مع حكومة الوحدة الوطنية والجهات التابعة لها، و"ذلك لتحسين تقديم الخدمات، حتى يتمكن المواطنون الليبيون من البدء في رؤية التحسن في حياتهم والحصول على الخدمات في أسرع وقت ممكن".
وأضاف حرشاوي، لوكالة "فرانس برس"، في تصريحات سابقة: "أغلب الظن أنه يجب أن تمر الأموال (الدولية) عبر طرابلس"، مشددا على أن حكومة الدبيبة تسعى للاستفادة من هذه المأساة عبر الوصول إلى أصول ليبيا واستثماراتها الدولية المجمّدة حاليا.
وتبلغ قيمة الأصول المجمّدة عشرات المليارات من الدولارات، ويديرها الصندوق السيادي "المؤسسة الليبية للاستثمار"، وقد جمّدتها الأمم المتحدة عام 2011 لتجنب الاختلاس.
وفي الثاني والعشرين من سبتمبر المنصرم أعلن رئيس حكومة مجلس النواب، أسامة حماد، عزم حكومته تنظيم مؤتمر دولي في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بهدف إعادة إعمار مدينة درنة والمناطق الأخرى المتضررة جراء العاصفة "دانيال" شرق البلاد.
ودعا حماد المجتمع الدولي إلى المشاركة في فعاليات المؤتمر الذي سيُعقد في مدينة درنة، لتقديم "التصورات والرؤى الحديثة والسريعة لإعادة إعمار المدينة والمناطق المتضررة، بما في ذلك إعادة بناء الطرق والسدود التي تحمي المدن من أي كوارث طبيعية، مثلما حدث في الأيام القليلة الماضية".
طلب المساعدة
وجاءت دعوة حماد بعد يوم من توجيه حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس خطابا إلى البنك الدولي، تطلب فيه المساعدة في إدارة أموال إعادة إعمار درنة والمناطق والمدن التي تكبدت خسائر هائلة بسبب العاصفة "دانيال". وقد حددت الحكومة طلبها من البنك بتقييم سريع للأضرار وإنشاء برامج للتحويلات المالية السريعة للمتضررين، وإدارة الأموال المرتقبة لإعادة الإعمار.
ومنذ بداية الكارثة، شهدت المنطقة وصول 24 دولة برحلات إغاثة، بما في ذلك 65 طائرة إغاثية وحوالى 7 سفن، نقلت مساعدات إنسانية إلى درنة والمناطق الشرقية الأخرى في ليبيا التي تضررت بشدة، بسبب الفيضانات والسيول، وفقاً لتصريحات المتحدث الرسمي باسم حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس، محمد حمودة، في مؤتمر صحافي عُقد ليلاً أمس الخميس.
وتعليقا على دعوة حماد لعقد مؤتمر دولي قال السفير الأميركي في ليبيا، ريتشارد نورلاند، إنه "من المؤكد أن اقتراح عقد مؤتمر لإعادة الإعمار في بنغازي في العاشر من أكتوبر سوف يكون أكثر فاعلية، إذا تم إجراؤه بشكل مشترك وشامل بالتنسيق مع المؤسسات التي تدير الموارد والتمويل، مع الأخذ في عين الاعتبار المصالح الفضلى للشعب الليبي".
ومن جانبه عبر المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، عن أن "التنسيق بين المؤسسات في شرق البلاد وغربها لم يكن على مستوى التضامن غير المسبوق الذي أبداه الليبيون" في حشدهم الشعبي لإغاثة المناطق المنكوبة.
وفي إشارة واضحة لإدراكه أن الانقسام السياسي سيعرقل جهود إعادة إعمار المناطق المنكوبة، عقد باتيلي سلسلة من اللقاءات خلال الأسبوعين الماضيين مع القادة الليبيين بهدف إعادة تنشيط العملية السياسية، خاصة ملف الانتخابات، بهدف إجرائها لتجديد الشرعية للمؤسسات الليبية وتوحيدها.