تراجعت سندات العملة الصعبة الصادرة عن تونس بنحو 4.6 سنتات، بعد أن رفض الرئيس قيس سعيّد شروط برنامج متعثر قيمته 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
وأظهرت بيانات تريدويب أن الإصدارات التونسية المقومة باليورو تعرضت لأكبر انخفاض، إذ تراجعت السندات المستحقة في فبراير/شباط 2024 إلى ما يزيد قليلاً عن 67 سنتاً لليورو، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وهوت السندات التونسية المقومة بالدولار بنحو 3.5 سنتات لتباع بما يزيد قليلا عن 50 سنتا للدولار.
ورفض سعيّد، اليوم الخميس، إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي قائلاً إنه يرفض "الإملاءات"، محذراً من أنه لن يجازف بتهديد السلم الأهلي في البلاد.
وتوصلت تونس التي تعاني أزمة مالية هي الأسوأ وتقول مؤسسات تصنيف ائتماني إنها تهدد بتخلف البلاد عن سداد ديونها؛ العام الماضي، إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد حول قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.
ومع ذلك، تعثر التوصل إلى اتفاق نهائي منذ عدة أشهر، وسط دعوات دولية لتونس لبدء إصلاحات فورية تشمل خفض دعم سلع غذائية ودعم الطاقة وإعادة هيكلة الشركات العامة وخفض فاتورة الأجور العامة.
ورداً على أسئلة صحافيين بشأن البديل عن إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي، قال سعيّد: "التونسيون يجب أن يعتمدوا على أنفسهم".
وذكر سعيّد أن تونس شهدت احتجاجات دامية عام 1983، عندما رفض التونسيون قطع الدعم بعد أن رفعت الحكومة سعر الخبز آنذاك.
خيارات صعبة
قال سعيّد للصحافيين، في مدينة المنستير، في ذكرى وفاة الرئيس الأول للبلاد الحبيب بورقيبة: "لا، لن أسمع الكلام.. السلم الأهلي ليس لعبة".
وتناقض تصريحات سعيّد موقف أعضاء حكومته الذين قالوا إنه لا بديل عن الاتفاق مع الصندوق. وكان وزير الاقتصاد سمير سعيد كرر أن تونس لا خيار لها سوى الاتفاق مع صندوق النقد، وأنه لا خطة "ب" لديها.
ووفقاً لميزانية 2023، تعتزم تونس خفض نفقات الدعم بنسبة 26.4% إلى 8.8 مليارات دينار (2.89 مليار دولار).
لكن حتى الآن، لم ترفع الحكومة أسعار الوقود هذا العام على عكس ما خطط سابقاً، في ما يبدو أنه سعي لتجنب الغضب الشعبي مع وصول التضخم إلى 10.3%، وهو أعلى مستوى منذ أربعة عقود.
وسيطر سعيّد على معظم السلطات في عام 2021، وأغلق لاحقاً البرلمان، وعين حكومة جديدة وانتقل إلى الحكم بمراسيم، وهي خطوات قال إنها ضرورية لإنهاء سنوات من الفوضى والفساد بين النخبة السياسية. ووصفت المعارضة خطواته بأنها انقلاب.
وألقى سعيّد اللوم في مشاكل تونس الاقتصادية على الفساد خلال السنوات الماضية، ورفض ما اعتبره تدخلا أجنبيا.
ومع توقف محادثات الإنقاذ مع صندوق النقد الدولي منذ شهور، طالبت الولايات المتحدة وفرنسا، من بين دول أخرى، بإصلاحات بعيدة المدى من أجل صرف الأموال. لكن إيطاليا تقول إنه يتعين دعم تونس بسرعة لتجنب حدوث انهيار مالي.
وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، الشهر الماضي، إن أوروبا تخاطر برؤية موجة ضخمة من المهاجرين تصل إلى شواطئها من شمال إفريقيا إذا لم يتم ضمان الاستقرار المالي في تونس.
وتزيد الأزمة الاقتصادية في تونس حاجة الأفراد والمؤسسات إلى التمويلات البنكية بينما تستنزف حاجة الدولة إلى السيولة جهد القطاع المصرفي، ما تسبب في تآكل أمواله الذاتية بنسبة كبيرة، وفق بيانات ذكرها تقرير وكالة "موديز" في فبراير/شباط الماضي.
واشتكى عملاء المصارف التونسية من القيود المشددة على القروض، وتباطؤ دراسة الملفات والمغالاة في طلب الضمانات، ما ضاعف مشاكل الباحثين عن المال، ودفع بعضهم نحو البحث عن التمويلات في وجهات أخرى، من بينها المرابون (السوق السوداء)، الذين نشطوا في ظل هذه الأوضاع.
(رويترز، العربي الجديد)