زادت أزمة المحروقات من المعاناة الشهرية لمتقاعدي العاصمة السورية دمشق، إذ تأتي الكهرباء لمدة ساعتين صباحاً من الثامنة وحتى العاشرة في أغلب المصارف التي تفتح في الساعة التاسعة والنصف، وسط طلب موظف البنك منهم القدوم في اليوم التالي الذي يشهد تغير موعد التقنين من الساعة العاشرة وحتى الثانية عشرة.
كل هذا يحدث في مصارف عدة، منها مصرف الرقم 16 في الميسات بدمشق، ما يفقد أغلب المتقاعدين قدرتهم على قبض رواتبهم التقاعدية في موعدها المحدد، ويؤخر قدرتهم على شراء احتياجاتهم الشهرية، وخصوصاً الأدوية.
ويعاني متقاعدو دمشق، كما غيرها في مناطق النظام، من عدم قدرتهم على سحب رواتبهم التقاعدية بسبب انقطاع الكهرباء الطويل، بفعل أزمة المحروقات التي ما زالت مستمرة منذ منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت.
على مدار أسبوع، فشل الموظف الحكومي المتقاعد عبد القادر خليل (65 عاماً) في قبض راتبه التقاعدي من المصرف العقاري - فرع الميسات. وهذه المرة لم يكن السبب الازدحام أمام المصارف، بل عدم توافر الكهرباء إلا لساعات محددة.
ويقول الرجل الستيني في حديثه لـ"العربي الجديد" إن "ساعات التقنين وعدم توافر المحروقات في مؤسسات النظام حوَّل حياتنا كلها إلى مسلسل من الانتظار"، مضيفاً أن الكهرباء تأتي في المصرف العقاري لمدة ساعتين صباحاً من الثامنة وحتى العاشرة، لكن الصراف لا يفتح بابه للمتقاعدين إلا في الساعة التاسعة والنصف.
وهكذا تمضي ساعة ونصف من توافر الكهرباء دون قدرة متقاعدي العاصمة دمشق على الاستفادة منها، ومن لا يقبض خلال نصف الساعة الباقية، فعليه العودة في اليوم التالي والانتظار، علّه يحظى بقبض راتبه التقاعدي الذي لم يعد يكفي لأيام، وفقاً لعدد من المتقاعدين التقتهم "العربي الجديد".
ويبلغ عدد المتقاعدين في سورية 750 ألف مستحق للمعاش التقاعدي، من ضمنهم 550 ألف حساب جارٍ و200 ألف دفتر معاش، بحسب بيانات المؤسسة العامة للتأمين والمعاشات التابعة للنظام. ويصرف المعاش التقاعدي في مختلف المدن السورية في الـ20 من كل شهر عبر ثلاث طرق، هي "حساب جارٍ، صراف آلي ودفتر معاش تقاعدي".
ولا يختلف ما حدث مع خليل، عمّا حصل لسامي الرفاعي (70 عاماً)، وهو أيضاً موظف حكومي متقاعد، إذ عانى لأكثر من أسبوع بين صراف وآخر، وتنقل من منطقة إلى أخرى على اختلاف ساعات التقنين، حتى تمكن من قبض راتبه التقاعدي.
ويقول لـ"العربي الجديد": "في فترة وصل الكهرباء من الساعة الثامنة وحتى العاشرة نخسر ساعة ونصف ساعة انتظاراً دون قبض، بحجة أن المصارف لا تفتح إلا في الساعة التاسعة والنصف". وبينما يقف في طابور أمام الصراف، يستنكر الرجل السبعيني عدم تغيير المصارف الحكومية لسياسة دفع الرواتب حسب ساعات التغذية الكهربائية.
يبلغ عدد المتقاعدين في سورية 750 ألف مستحق للمعاش التقاعدي، من ضمنهم 550 ألف حساب جارٍ و200 ألف دفتر معاش
ويروي الرفاعي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "راتبه التقاعدي البالغ 120 ألف ليرة، بعد 30 سنة خدمة لم يعد يلبي احتياجاته الصحية، وخصوصاً عقب رفع حكومة النظام لأسعار الدواء أكثر من 120% منذ أيام".
ويضيف الرفاعي، باستهجان شديد: "تخيل راتبي لا يشتري 4 علب أوجمنتين"، إذ رفعت وزارة الصحة التابعة لحكومة النظام السوري أسعار أكثر من 12 ألفاً و826 صنفاً دوائياً بنسبة أكثر من 50%، بحجة استمرار توفيرها في الأسواق، ونظراً لرفع مصرف سورية المركزي سعر صرف الليرة مقابل الدولار".
ولا تنتهي معاناة متقاعدي دمشق عند تأخر تسلّم رواتبهم، بل تمتد إلى الطلب منهم تحديث بياناتهم الشخصية كل فترة بحجة التأكد من استمرار وجودهم داخل البلاد، حسب المتقاعد الحكومي ياسين حسين. ويقول لـ"العربي الجديد": "في الشهر الفائت طلبت مني موظفة التأمين والمعاشات بياناً عائلياً واستمارة معلومات عني ورقم البطاقة التأمينية وغيرها من الوثائق".
وتشهد الصرافات التابعة لحكومة النظام في كل شهر حركة ازدحام وسط تعطل أغلبها عن العمل وعدم صيانتها بحجة العقوبات الغربية وعدم قدرة النظام على استيراد صرافات جديدة أو قطع غيار لها.