تتفاقم أزمة الغاز في مناطق سيطرة النظام السوري، فالعائلة عليها أن تنتظر أكثر من شهرين لتحصل على أسطوانة غاز، من المفترض أن يكون بداخلها 8 كغ من الغاز السائل، إلا أنها في كثير من الأحيان تكون إما أقل وزنا أو صمامها به عطل أو قد تكون معبئة بالماء.
وتحمّل أزمة الغاز العائلات أعباء إضافية في تأمين بدائل للطهي، خاصة أن أسطوانة الغاز، التي يبلغ سعرها الرسمي نحو 11500 ليرة سورية، وصل سعرها في السوق السوداء إلى أكثر من 125 ألف ليرة إن توفرت (الدولار = نحو 4000 ليرة).
وقال محمد جبور (46 عاما)، وهو موظف في إحدى الدوائر العامة، لـ"العربي الجديد": "في ظل سياسة تقنين المحروقات، جرى تخصيص أسطوانة غاز واحدة للعائلة كل 60 يوما عبر البطاقة الذكية، وهي مخصصة لتوزيع المحروقات والمواد الغذائية المدعومة، في البداية استبشرنا خيرا بأننا سننتهي من الوقوف أمام مراكز توزيع الغاز في طوابير الانتظار لساعات، وبالفعل على أرض الواقع تخلصنا من الطوابير، إلا في حال كانت الشبكة غائبة عن أجهزة النقل، لكن لم ننتهِ من أزمة عدم توفر الغاز، فغالبا ما ننتظر أكثر من 70 يوما حتى نحصل على الأسطوانة".
وأضاف أن "كمية الغاز الموجودة في أسطوانة 8 كغ، بالرغم من التقنين، لا تكفي لأكثر من 40 يوما، ومن ثم تبدأ عملية تسخين الأسطوانة بالماء الحار، فلقد اكتشفنا أن هذه العملية تطيل عمر الاستخدام عدة أيام، ولكن بعدها إما علينا التخلي عن فكرة الطهي أو إيجاد بدائل أخرى، فمرة نحاول الطهي على وسائل تعمل بالكهرباء، لكن غالبا الانقطاعات المتكررة خلال الساعة التي يأتي فيها التيار بعد خمس ساعات من الانقطاع، لا تسمح لنا بالاستفادة من الكهرباء، ما اضطرني ككثير من معارفي والجيران للاعتماد على المواقد البدائية".
ولا يعتبر نقص الغاز الأزمة الوحيدة التي تواجه السوريين، فسوء الأسطوانات ونقص وزنها وملؤها بالماء، مشاكل تحدث عنها غيث نمر، (36 عاما)، سائق سيارة أجرة بريف دمشق، لـ"العربي الجديد"، قائلا: "أصبح من الضروري أن نفحص أسطوانة الغاز بشكل دقيق قبل استلامها من المعتمد، فقد يكون صمام الأسطوانة عاطل عن العمل فلا يمكن تركيب الأسطوانة أو أنه لا يمكن فتحه، كما أن مشكلة أخرى نواجها مثل نقص وزن المادة، والمشكلة الأكبر عندما يتم استلام الأسطوانة لنكتشف أنه جرى ملؤها بالماء بدلا من الغاز".
وأضاف: "اليوم أسطوانة الغاز وصل سعرها في السوق السوداء إلى نحو 125 ألف ليرة أو أكثر، وأصبحنا نشتري الغاز بالكيلوغرام الذي وصل إلى 13-15 ألف ليرة، لمن لا يملك ثمن أسطوانة غاز"، لافتا إلى أنه "حاول الحصول على أسطوانة إضافية، لكن مؤسسة توزيع الغاز ليست لديها أسطوانات بشكل نهائي".
بدوره، قال مصدر من جمعية معتمدي الغاز في دمشق، في تصريح لصحيفة "الوطن" المحلية، إن هناك تأخراً في تزويد معتمدي الغاز بمادة الغاز المنزلي من فرع دمشق وريفها للغاز، مبيناً أن مدة تزويد المعتمد بالمادة تجاوزت عشرين يوما ووصلت عند بعض المعتمدين إلى شهر كامل. وأوضح أن عدد الارتباطات لدى هؤلاء المعتمدين يتراوح بين 1500 و2500 ارتباط.
لا يعتبر نقص الغاز الأزمة الوحيدة التي تواجه السوريين، فسوء الأسطوانات ونقص وزنها وملؤها بالماء، مشاكل تحدث عنها غيث نمر، (36 عاما)، سائق سيارة أجرة بريف دمشق
وبيّن أن سعر أسطوانة الغاز الفارغة في السوق السوداء يتراوح بين 100-150 ألف ليرة، بحسب العرض والطلب، في حين بلغ سعر سائل الغاز المنزلي داخل الأسطوانة 130 ألف ليرة. وتجاوز سعر أسطوانة الغاز الصناعي مبلغ 180 ألف ليرة، وذلك في السوق السوداء للغاز.
ولفت إلى أن هناك نقصاً في وزن أسطوانات الغاز يصل إلى 400 غرام في كل أسطوانة، ما يعني نقص 15 أسطوانة في كل 300 أسطوانة، في ظل الوزن الحالي للغاز داخل الأسطوانة البالغ 8 كغ، مؤكداً أن "تموين ريف دمشق" نظمت ثلاثة حملات تموينية بخصوص هذه المسألة في معمل غاز عدرا خلال الشهرين الماضيين.
وذكر المصدر ذاته أن مشكلة التوالف من الأسطوانات لا تزال عالقة من دون حل في ظل عدم وجود أسطوانات حديد فارغة لدى "محروقات"، على الرغم من رفع سعرها إلى أكثر من مئة ألف ليرة، مبيناً أن المشكلة أصبحت تتعاظم لدى المعتمدين، فعدد الأسطوانات التالفة المرتجعة من المستهلكين يصل إلى نحو عشرين أسطوانة في كل حمل، ما يؤدي إلى تراكم التوالف لدى المعتمدين.
يشار إلى أن السوريين في مناطق النظام يعيشون أزمة معيشية قاسية في ظل النقص الشديد بالمحروقات وارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث فقد أكثر من 80% من المواطنين أمنهم الغذائي، بحسب الأمم المتحدة.