بدأت تبعات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تصل إلى سورية، بشكل غير مباشر، في ظل الارتدادات التي تطاول أسعار المحروقات، التي دفعت أسعار السلع في الأيام الأخيرة إلى الصعود لأعلى مستوى في أكثر من عقد.
وتأتي تحركات الأسعار، وسط ترقب وقلق من احتمال اتساع نطاق الحرب وانعكاسها على معيشة السوريين الذين يئنون بالأساس من أوجاع سنوات طويلة من الغلاء وتردي مستويات المعيشة. وتتوجه الأنظار إلى احتمال التصعيد في الجولان السوري المحتل، أو انخراط حزب الله بشكل أكبر في الصراع عبر مناطق جنوب لبنان، التي تؤوي أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري.
يقول المحلل الاقتصادي السوري علي الشامي، إن الأسعار بلغت أعلى مستوى منذ 12 عاماً، مشيراً إلى أن تسارع الأسعار يأتي في ظل وضع خانق بالأساس، كما أن "ما يخيف الكثيرين هو أن السوريين لا يملكون مالاً ليخزنوا سلعاً وبضائع تحسباً لتطور الصراع ودخول سورية فيه ولو عبر وكلاء الحرب، أو أن الأسعار العالمية زادت كما هو متوقع".
ويضيف الشامي أن ما يزيد من الضغوط على مستويات الأسعار المحلية هو استمرار حكومة بشار الأسد في تصدير الخضر والفواكه إلى دول الخليج العربي، ما رفع أسعار بعض المنتجات الزراعية إلى أعلى مستوى على الإطلاق، بعدما سجل سعر كيلو البطاطا والخيار 8 آلاف ليرة (0.57 دولار) والبندورة أكثر من 5 آلاف ليرة وتعدى سعر كيلو الثوم 50 ألف ليرة. وأشار إلى عودة تراجع سعر صرف العملة السورية، بعد استقرار نسبي وبلوغ سعر الدولار نحو 14 ألف ليرة، أمس الثلاثاء.
بدوره، يشير الخبير الاقتصادي أسامة قاضي، إلى أن أسعار النفط عالمياً مرتبطة بتطور الحرب، ما سينعكس على جميع الأسعار في سورية حال ارتفاع الأسعار.
ويقول قاضي لـ"العربي الجديد" إن "الأسعار والوضع الاقتصادي العام في سورية مرشحة للتفاقم بناء على مجريات المعارك واتساع دائرتها مهما حاول نظام الأسد السكوت على قصف المطارات والنأي بالنفس، خاصة إذا ما دخل حزب الله على خط المعارك، وقتها سنرى تدفقاً من لبنان لسورية، سواء لاجئون سوريون أو لبنانيون من الجنوب، وقتها سنرى الآثار واضحة على أسعار العقارات والسلع الاستهلاكية وحتى واقع الإنتاج.. كما أن الأرجح أن نرى مزيداً من هجرة الرساميل وأصحاب المنشآت".
وكانت مصادر خاصة من العاصمة السورية دمشق، قد كشفت لـ"العربي الجديد" عن "وصول عشرات العائلات من الجنوب اللبناني إلى سورية خلال الأيام الأخيرة هرباً من شبح الحرب، واستأجرت بيوتاً في دمشق وحلب واللاذقية".
ويقول الخبير الاقتصادي السوري عماد الدين المصبّح، إن الاقتصاد السوري "منهار بالأساس.. فماذا لو انعكست تبعات الحرب على هذا الوضع؟". ويضيف لـ"العربي الجديد" أن جميع السيناريوهات مرشحة للحدوث، فإن توسعت دائرة المعارك ووصلت شظاياها إلى دمشق، فنحن أمام تبدلات كبيرة بالأسعار والطلب على العقارات، خاصة إن التزمت حكومة الأسد باستقبال اللاجئين من لبنان، كما يجري الحديث".
ويشير المصبح إلى أن متوسط إيجار المنزل في دمشق بلغ 1.5 مليون ليرة شهرياً، قبل التداعيات الأخيرة، لكن العقارات استشعرت المخاطر وبدأت ترتفع أسعار العقارات والإيجارات، بعد فترة ركود عاناها القطاع، نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء وعدم امتلاك السوريين ثمن أسعار العقارات التي قفزت بشكل كبير بعد دخول الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين السوق ورفع مستوى الأسعار، لافتا إلى أن مستوى الفقر في سورية حالياً يزيد عن 95% بواقع ارتفاع مستمر للأسعار وتراجع سعر الصرف.
ورغم القلق من تداعيات اتساع نطاق الصراع، إلا أن المصبح يستبعد انخراط النظام السوري في الحرب "حتى لو قصفوا القصور الرئاسية".
ويضيف: "رأينا قصف مطاري دمشق وحلب مرتين خلال أسبوع، ولم يحدث أي رد، رغم أن المناخ، ربما مناسب لينفض بشار الأسد عنه ذل صمت وقصف إسرائيلي متواصل منذ عشر سنوات".