يسابق المسؤولون السويسريون الزمن لإنهاء صفقة شراء مصرف "يو بي أس" أكبر المصارف السويسرية "كريدي سويس" الذي يواجه أزمة سيولة منذ الأسبوع الماضي.
ويسعى المسؤولون السويسريون بالتعاون مع السلطات الأميركية والأوروبية إلى وضع اللمسات النهائية للصفقة الأهم في عالم البنوك الأوروبية قبل فتح الأسواق المالية اليوم الاثنين.
ويواجه بنك كريدي سويس أزمة ثقة دفعت آلاف المودعين لسحب أموالهم، وتراجعت أسهمه بشكل حاد يوم الأربعاء الماضي حيث فقدت نحو 25% من قيمتها السوقية، بعد أن قال إنه وجد "ضعفاً مادياً" في تقاريره المالية.
وأفادت صحيفة "بليك" يوم السبت بأنّ "يو بي أس" سيشتري كريدي سويس، وسيتم إبرام الصفقة خلال اجتماع استثنائي للحكومة ولقادة المصرفَين العملاقين في العاصمة برن. وعادة ما يتطلّب اندماج أكبر مصرفين في البلاد أشهراً، خصوصاً أنّ أحدهما يواجه أزمة معقّدة، كما يثير عدم ثقة متزايدة لدى المستثمرين. لكن بنك مصرف "يو بي أس" مضطر لإتمام الصفقة في أيام معدودة.
وحسب تقرير "بليك"، ليس لدى السلطات السويسرية خيار سوى دفع "يو بي أس" لتجاوز تردّده، بسبب الضغط الهائل الذي يمارسه شركاء سويسرا الاقتصاديون والماليون الرئيسيون الذين يخشون على مراكزهم المالية.
وتتخوف سويسرا، عاصمة المال والمصارف في أوروبا، من أن يقود التأخر في إكمال صفقة إنقاذ "كريدي سويس" إلى تعرض المصرف لمزيد من الضغوط حينما تفتح الأسواق أبوابها للتعامل اليوم الاثنين.
وكان سهم المصرف قد تمكن من الارتفاع بقوة يوم الخميس وبنسبة بلغت 30% بعد التراجع المريع الذي شهده يوم الأربعاء الماضي. وتفتح البورصة السويسرية عند الساعة الثامنة بتوقيت غرينتش صباح الإثنين، وبحلول ذلك الوقت، سيتوجّب التوصّل إلى حلّ للمصرف الذي يُنظر إليه على أنّه حلقة ضعيفة في القطاع.
وعند إغلاق سوق الأوراق المالية الأربعاء بعد انخفاض قياسي، بالكاد بلغت قيمة كريدي سويس سبعة مليارات فرنك سويسري، في ما يشكّل تعسّراً لمصرف هو جزء من 30 مؤسسة حول العالم تعتبر أكبر من أن يُسمح لها بالانهيار.
لكن وفق صحيفتي "فايننشال تايمز" و"بليك"، سحب زبائن المصرف ودائع بقيمة 10 مليارات فرنك سويسري في يوم واحد في أواخر الأسبوع الماضي، في مؤشر قوي على عدم الثقة بالمؤسسة.
كما أن صفقة القرض البالغة 54 مليار دولار التي منحها البنك المركزي السويسري لمصرف " كريدي سويس" لم تحل مشكلة السيولة بعد. ويتخوّف مسؤولو المال في واشنطن والعواصم الغربية من أن تؤدي تداعيات إفلاس 3 بنوك في الولايات المتحدة خلال الأسبوعين الماضيين ومشكلات "كريدي سويس" إلى هزّ الثقة بالنظام المالي العالمي.
ووفق وكالة بلومبيرغ، يطالب مسؤولو مصرف "يو بي إس" بضمانات عامّة لتغطية التكاليف القانونية والخسائر المحتملة من الصفقة والتي يمكن أن تصل إلى مليارات الفرنكات.
وأشارت الوكالة إلى أنّ النقاشات تتعثر بشأن مستقبل البنك الاستثماري كريدي سويس، وأحد السيناريوهات قيد الدراسة هو الاستحواذ فقط على إدارة الأصول والثروات وتصفية القسم الاستثماري للمصرف.
وحسب بلومبيرغ، كان لدى بنك كريدي سويس 1.2 مليار فرنك سويسري (1.3 مليار دولار) في الأحكام القانونية الصادرة ضده في نهاية عام 2022 وكشف أنه قد يتكبد خسائر محتملة معقولة تضيف 1.2 مليار فرنك أخرى إلى هذا الإجمالي مع وجود العديد من الدعاوى القضائية والتحقيقات التنظيمية العالقة عليه.
وتراجعت القيمة السوقية لبنك كريدي سويس إلى حوالي 7.4 مليارات فرنك سويسري، من ذروة عام 2007 التي تجاوزت 100 مليار فرنك، بينما تبلغ القيمة السوقية لبنك "يو بي أس" 60 مليار فرنك.
وسحب العملاء أكثر من 100 مليار دولار من أصول بنك كريدي سويس في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي مع تصاعد المخاوف بشأن الصحة المالية.
كذلك، تركّز المناقشات على مصير الفرع السويسري من بنك كريدي سويس الذي يعدّ أحد الشركات المربحة ضمن المجموعة التي خسرت 7.3 مليارات فرنك سويسري العام الماضي وتتوقع تسجيل خسائر "كبيرة" عام 2023.
ويقدم الفرع خدمات مصرفية للأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن السبل التي يشير إليها المحلّلون هو طرحه للاكتتاب العام، ما من شأنه تجنّب عمليات التسريح الجماعي للموظفين في سويسرا.
والأربعاء، دفع انعدام ثقة المستثمرين والشركاء البنك المركزي السويسري إلى إقراض 50 مليار فرنك سويسري من أجل إنعاش كريدي سويس وطمأنة الأسواق. ومع ذلك، فإنّ فترة الثبات لم تدم طويلاً.