شركات الذكاء الاصطناعي.. مستقبل التقنية الواعد في السعودية

20 ابريل 2023
من قمة الذكاء الاصطناعي التي عُقدت سابقاً في الرياض (فرانس برس)
+ الخط -

بإجمالي بلغ 3 آلاف سجل تجاري في الربع الأول من العام الجاري، واصل نشاط تقنية الذكاء الاصطناعي قفزته النوعية في السعودية، مقارنة بـ232 في الربع الأول من عام 2022، ما يعزز مؤشرات اعتباره أحد أهم روافد التنويع الاقتصادي في المملكة خلال السنوات المقبلة.

وشمل النمو الواعد للقطاع عدداً من المجالات، أبرزها: البنية التحتية الرقمية، والتكنولوجيا المالية، والدفع الإلكتروني، والخدمات اللوجستية والنقل، إلى جانب الخدمات الإلكترونية المرتبطة بجودة الحياة مثل: الصحة الإلكترونية، والتعليم الإلكتروني، والترفيه والألعاب، بحسب نشرة قطاع الأعمال الصادرة عن وزارة التجارة.

ويعد نمو تطوير الألعاب الإلكترونية الأبرز على هذا الصعيد، إذ نمت سجلاته المصدرة خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 92%، بحسب النشرة الوزارية.

ويستند هذا النمو بالأساس إلى استثمارات الصندوق السيادي السعودي من جانب، وجذب الشركات الأجنبية للاستثمار بالقطاع داخل المملكة عبر نقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض أو إنشاء فروع لها بإحدى مدن المملكة. 

ولدعم هذا الاتجاه، أعلنت الحكومة السعودية اشتراط نقل الشركات الأجنبية لمقراتها الإقليمية إلى الرياض للتعامل معها، فضلاً عن إطلاق ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، العام الماضي، الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، بهدف زيادة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للمملكة إلى 388 مليار ريال (103.5 مليارات دولار) سنوياً بحلول 2030.

وضمن أحدث الخطوات على الصعيد ذاته، أطلقت السعودية، في 13 إبريل/نيسان، 4 مناطق اقتصادية، ستتمتع بنظم تشريعية ولوائح خاصة للنشاطات الاقتصادية؛ لجعلها من بين الأكثر تنافسية في العالم لاستقطاب أهم الاستثمارات النوعية.

وتشمل لوائح التنظيم الخاصة بتلك المناطق إمكانية تملك الأجانب في المناطق الاقتصادية بنسبة 100%، حسبما أوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس".

نقل مقرات الشركات

ويؤكد الخبير الاقتصادي السعودي، سليمان العساف، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ المملكة تتجه بقوة للاستثمار في الذكاء الصناعي والتقنية المرتبطة به، واصفاً ذلك بأنه "أحد المسارات المهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة".

ويشير العساف، في هذا الصدد، إلى أنّ المملكة أعلنت أنّ عام 2024 سيكون عاماً لنقل المقرات الإقليمية للشركات الكبرى، خاصة تلك المتخصصة في التقنية، إلى السعودية، كشرط للتعامل الحكومي معها، وهو ما استجابت له أكثر من 100 شركة حتى الآن. 

ويشير الاقتصادي السعودي إلى أنّ عدد الشركات المنتقلة إلى السعودية مرشح للتضاعف 5 مرات خلال العامين المقبلين، "ما يعني جذباً كبيراً للاستثمارات الأجنبية، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي".

ويؤكد العساف أنّ "المستقبل للذكاء الاصطناعي في مجالات الحياة: الصناعة، والزراعة والخدمات، وحتى الغذاء، ولذا يتجه العالم نحو قفزات تقنية كبيرة، وتريد السعودية أن تكون واحدة من رواد هذا الاتجاه العالمي".

ويدعم التوجه السعودي بقوة تقدم خدمات الإنترنت في المملكة بشكل كبير، ولذا تستثمر في شركات الذكاء الاصطناعي، وتستهدف جذب أكثر من 400 مليار ريال (106.7 مليارات دولار) لهذا القطاع.

وتجلى اهتمام الدولة الخليجية الكبيرة بهذه التقنية، في إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" عام 2019 لتتولى إدارة هذا الملف بصفتها الجهة المختصة في المملكة بالبيانات.

ريادة عربية وعالمية

واحتلت السعودية، عام 2020، المركز الأول عربياً والـ 22 عالمياً في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي، مقارنة بالمركز 29 عالمياً عام 2019، وفقاً لمؤشر "Tortoise Intelligence".

غير أنّ هذا الاهتمام يشمل العمق الاجتماعي السعودي أيضاً، حسبما أفاد تقرير مؤشر جامعة ستانفورد للذكاء الاصطناعي في نسخته السادسة، الذي صنف مجتمع المملكة، في 6 إبريل/نيسان الجاري، بالمرتبة الثانية عالمياً، بعد الصين، في معدل ثقة المواطنين بالتعامل مع منتجات وخدمات هذه التقنية.

واستند التقرير إلى معايير، أهمها "مدى معرفة المجتمع بفوائد وقيمة منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي"، وهي المعايير التي صنفت المجتمع السعودي في مرتبة متقدمة على مجتمعات أخرى متقدمة، مثل الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الجنوبية وفرنسا وروسيا. 

ولذا تختار كثير من الشركات الأجنبية في مجال الذكاء الاصطناعي نقل مقراتها إلى السعودية بوتيرة مرشحة للتضاعف، حسبما يتوقع العساف. 

ويعزز ذلك من خطط الدولة السعودية وفق رؤية 2030، إذ يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا ومركزيًا في تحقيق الرؤية في مشروعات عدة، منها بناء المُدن الذكية (مثل نيوم) وإنترنت الأشياء وأنظمة المساعدة الشخصية وروبوتات خدمة العملاء والدردشة الآلية والأنظمة الخبيرة وأنظمة التشخيص الطبي والرؤية الحاسوبية وأنظمة التفاعل الصوتي.

المساهمون