استمع إلى الملخص
- **تأثير المنافسة الصينية على السوق الأوروبية**: زادت الشركات الصينية من عدد مقاعد السفر بنسبة 30% في أغسطس 2023، بينما خفضت الشركات الأوروبية قدرتها بنسبة 40%، مما أدى إلى انخفاض أسعار التذاكر وزيادة الضغوط على الشركات الأوروبية.
- **مطالبات بالدعم الأوروبي**: طالبت لوفتهانزا بالدعم من بروكسل لمواجهة المنافسة غير المتكافئة، مشيرة إلى ضرورة إيجاد حلول صناعية وسياسية.
يبدو أن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا بدأت ترخي بظلالها على شركات الطيران في أوروبا وألمانيا، حيث تواجه الخطوط الجوية مشاكل في رحلاتها من الشرق الأقصى وإليه، بعدما اضطرت ومنذ بداية الحرب عام 2022 إلى التحليق حول روسيا، ما أدى إلى زيادة وقت الرحلات وتكاليفها. وهذا ما سمح لشركات الطيران الصينية المملوكة من الدولة بالاستفادة من المزايا التنافسية غير المتكافئة، ولا سيما أنها غير مرغمة على تحويل مسارها.
هذا الواقع دفع شركة لوفتهانزا الألمانية، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة هاندلسبلات، أمس الاثنين، إلى تخفيض رحلاتها، وذلك بعدما وسعت شركات الطيران الصينية عروضها وخدماتها إلى أوروبا وآسيا بشكل كبير، وهذا ما أثبتته البيانات الواردة من مزود الخدمة البريطانية "سيريوم" المتخصص في مجال الطيران، ناهيك عن أنّ الخطوط الجوية الصينية بات لديها امتياز على الشركات الغربية وبإمكانية الطيران فوق موسكو بفعل الحرب والعقوبات على نظام الكرملين.
ويتعين على لوفتهانزا، على سبيل المثال، أن تطير مسافة 1000 كيلومتر أبعد من منافسيها في الشرق الأقصى، ويبلغ طول الخط المباشر بين باريس ولندن أو شنغهاي عبر روسيا حوالي 9300 كيلومتر.
وأبرزت الصحيفة الألمانية أنّ عروض عدد مقاعد السفر بين المدن الأوروبية والآسيوية لدى الشركات الصينية زاد بنسبة 30% خلال أغسطس/ آب مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019، فيما شركات مثل لوفتهانزا والخطوط الجوية البريطانية والفرنسية خفضت قدرتها بنسبة 40% تقريباً.
ضغوط على شركات الطيران الأوروبية
وشكل تزايد المعروض من المقاعد لدى الشركات الصينية عاملاً مؤثراً وإيجابياً على الركاب مع انخفاض أسعار بطاقات السفر إلى وجهات شرق آسيا. ويقدر مطلعون أنّ ذلك انقلب ضغوطاً على شركات الطيران الأوروبية التي تتحمل أعباء وأكلاف موظفين ووقود وخدمات أرضية وغيرها، وتواجه قيودا من الصعب التأقلم معها في مثل هذه الانعطافات الاقتصادية، وبعدما طال زمن الحرب الروسية على أوكرانيا وتخطيه العامين ونصف حتى الآن.
وفي السياق، اعتبر الخبير الاقتصادي ماركوس بوك، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه من الطبيعي أن تنتج عن فائض العرض الصيني عواقب على أسعار التذاكر، والشركات الصينية تستغل الوضع الأمني المضطرب بين دول الاتحاد الأوروبي وروسيا، وهذا ما وضع شركات مثل لوفتهانزا تحت الضغط، حتى أنّ تقارير أشارت إلى أنّ الخطوط الجوية البريطانية بصدد تعليق رحلاتها بين لندن وبكين اعتباراً من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل لأسباب اقتصادية، فيما يتم الإعلان عن أنّ شركات طيران صينية أخرى تخطط لتطوير خطوط المسافات الطويلة، ولتوسيع نقاط رحلاتها في أوروبا وأميركا وأستراليا.
وأفادت "هاندلسبلات" بأنّ لوفتهانزا طالبت بالدعم من بروكسل، وبأنه يجب على السياسيين الأوروبيين إيجاد إجابات سياسية صناعية بشأن هذا الأمر، وكل ذلك بعد أن أصبح معروفاً أنّ العديد من شركات الطيران تشكو من الزيادة الهائلة في الرسوم داخل ألمانيا، بينها المتطلبات المتعلقة بأهداف حماية المناخ والتي من شأنها أن تزيد تشويه المنافسة، مع العلم أنّ شركات الطيران الأوروبية كانت تعوّل على الرحلات الجوية إلى آسيا وأنها مصدر أمل لنشاطها التجاري، ولا سيما أنّ الصين أعادت في وقت متأخر فتح حدودها بعد جائحة كورونا. وباعت لوفتهانزا في عام ما قبل أزمة 2019 ما يقرب من ربع سعة المقاعد على هذا المسار الجوي.
ووفقاً لبيانات شركة ستاتيستا الألمانية، تعد شركة "شينا سوثرن إير" و"شينا إيسترن إيرلاينز" و"مجموعة شينا إيرغروب" في العام 2023 من بين أكبر شركات الطيران في جميع أنحاء العالم من حيث عدد الكيلومترات المباعة للركاب، ناهيك عن أنه يتم أيضاً خدمة المطارات الصغيرة من الصين بشكل متزايد، بينها مثلاً لشركة تشاينا إيسترن من شنغهاي إلى مرسيليا، وستليها البندقية وبودابست.
واستناداً إلى ما سبق، ذكرت صحيفة تاغسشبيغل أنه وفي نظرة على تفاصيل عمليات الشركات الصينية، يتبين مدى قوة شركات طيران مثل "تشاينا إيسترن" و"وتشاينا ساوثرن" و"طيران الصين"، وحركتها في أوروبا.
وأفادت "شينا إيسترن"، في أحدث تقرير سنوي لها، بأنّ هدفها الاستراتيجي أن تصبح شركة طيران عالمية المستوى، ولتحقيق هذه الغاية، سيتم تعزيز الشراكات مع دلتا والخطوط الفرنسية والهولندية ضمن تحالف "سكاي تيم"، وسيتم تشكيل "المثلث الذهبي للنقل الجوي" الذي يربط آسيا وأميركا الشمالية وأوروبا.