تمتنع شركات المقاولات في قطاع غزة، منذ نهاية فبراير/شباط الماضي، عن العطاءات الخاصة بتنفيذ المشاريع، بسبب عدم حصولها على الإرجاعات الضريبية (عائدات الضرائب) التي يتم خصمها عليها منذ قرابة 14 عاماً من قبل السلطة الفلسطينية.
والإرجاع الضريبي يتمثل في قيام المقاولين بدفع قيمة الضريبة المضافة بنسبة 16% على المشتريات للمشاريع التي تطرحها الدول والمؤسسات المانحة، والتي تشترط أن تكون قيمة الضريبة فيها صفرا، والتي كانوا يستردّونها من دائرة الضريبة حتى وقوع الانقسام عام 2007، ومنذ ذلك التوقيت تراكمت مستحقات المقاولين من الإرجاع الضريبي.
وأدت هذه الخطوة التصعيدية للمقاولين إلى تحذير البلديات من التداعيات الكبيرة المترتبة على عدم المشاركة في العطاءات، أو المشاركة بأي زيارات موقع أو حضور اجتماعات تمهيدية أو أية فعاليات أو ممارسات لها علاقة بالعطاءات المطروحة في القطاع، إذ تخشى المؤسسات المحلية من فقدان التمويل للمشاريع المطروحة حالياً.
في الأثناء، قال نقيب المقاولين الفلسطينيين، أسامة كحيل، إن استمرار حالة التجاهل لن يدفعهم نحو استئناف شراء عطاءات المشاريع من جديد، بالرغم من الضغوطات والاتصالات التي تقوم بها عدة أطراف لوقف هذه الخطوة والعودة إلى العمل من جديد.
وأضاف كحيل لـ"العربي الجديد" أن إجمالي الأموال المتراكمة للمقاولين لدى مؤسسات السلطة الفلسطينية يتجاوز 80 مليون دولار منذ عام 2008، من دون أن يتم دفع أية مبالغة منذ تلك الفترة، موضحاً أن هذه الأموال هي حقوق متراكمة لصالح 185 شركة في غزة.
وأشار إلى وجود مجموعة من الخطوات التصعيدية التي سيقدم عليها المقاولون في القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006، إذا لم يتم وضع حل لهذا الملف، تتمثل في وقف العمل في المشاريع والعطاءات القائمة حالياً، بالإضافة إلى خطوات أخرى ستحدد لاحقاً.
وبحسب كحيل، فقد قاطع المقاولون، منذ بدء خطواتهم التصعيدية في 28 فبراير/شباط الماضي، أكثر من 120 عطاء لتنفيذ المشاريع في القطاع، في ظل مماطلة الحكومة الفلسطينية ومؤسسات السلطة في تنفيذ الوعود التي قدمتها على مدار السنوات الماضية.
ويبلغ عدد شركات المقاولات العاملة في قطاع غزة قرابة 300 شركة، لا يعمل منها إلا 200 شركة، فيما توقفت أكثر من 100 شركة عن العمل بشكل كلي، نتيجة تراكم الديون والمستحقات المالية على مدار السنوات الماضية، ما تسبب في تسريح العاملين في هذه الشركات.
وقطاع المقاولات في غزة يشغّل ما يتراوح بين 22% و25% من العمالة، ويعتبر من القطاعات التي تنشّط الدورة الاقتصادية، إلا أنه يعتبر من أكثر القطاعات التي دفعت فاتورة الانقسام وحصار الاحتلال الإسرائيلي والعدوان المتكرر على غزة، إذ خرجت عشرات الشركات من سوق العمل المحلي، وفق نقابة المقاولين.
وأكد وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، ناجي سرحان، حق المقاولين في المطالبة باسترجاع حقوقهم المالية المتمثلة في الإرجاعات الضريبية لدى الحكومة الفلسطينية في رام الله، إلا أن التوقيت ينعكس بشكل سلبي على تنفيذ المشاريع والعطاءات المطروحة.
يبلغ عدد شركات المقاولات العاملة في قطاع غزة قرابة 300 شركة، لا يعمل منها إلا 200 شركة
وقال سرحان لـ"العربي الجديد" إن التوقيت الحالي الذي اختاره المقاولون لتنفيذ إضرابهم في شراء العطاءات قد يؤدي إلى وقف تنفيذ مشاريع بنية تحتية، وقد يدفع المانحين والممولين على حدٍ سواء إلى صرف النظر عن تنفيذ هذه المشاريع وسحب العطاءات كلياً. ورأى المسؤول الحكومي في الوزارة التي تديرها حركة حماس، أن الأفضل وقف الإضراب فوراً وعودة المقاولين للمشاركة في شراء العطاءات والانتظار إلى ما بعد تشكيل حكومة جديدة، في ظل التحضيرات السائدة لإجراء الانتخابات التشريعية في 22 مايو/أيار المقبل.
ومن بين المشاريع التي توقفت بفعل عزوف المقاولين عن شراء العطاءات، مستشفى الصحة النفسية، ومشاريع بنية تحتية خاصة بعدد من البلديات في القطاع، فيما تخشى هذه المؤسسات أن تقدم الدول والصناديق الممولة لهذه المشاريع عن وقف التمويل كلياً، وفقاً للحكومة في غزة.
وشدد وكيل وزارة الأشغال في غزة على أن غالبية الحقوق الخاصة بالمقاولين متراكمة على الحكومة الفلسطينية في رام الله وتتمثل في الإرجاعات الضريبية، مشيراً إلى جاهزية الوزارة في غزة للجلوس مع المقاولين بالإضافة إلى وزارة المالية من أجل النظر في أية حقوق مالية خاصة بهم.