شركات عصر ترامب... منتجو النفط والسلاح ومديرو السجون يزدهرون

13 نوفمبر 2024
مالك تسلا وحليف ترامب والمسؤول المحتمل في إدارته المقبلة إيلون ماسك (Getty)
+ الخط -

تمثل الولاية الثانية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، عصراً ذهبياً للكثير من الشركات الأميركية، ليس فقط في قطاعات النفط والذكاء الاصطناعي والسيارات الكهربائية، وإنما أيضا إنتاج السلاح وإدارة السجون، إذ أشعل فوزه الكاسح في الانتخابات موجة صعود جنونية للأسهم، فضلا عن العملات المشفرة على رأسها بيتكوين الأبرز عالمياً.

قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية التي جرت في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، كانت القطاعات مقسمة إلى ما تعرف بقطاعات الجمهوريين والديمقراطيين، إذ تميزت محفظة المراهنين على ترامب بشركات النفط ومصنعي الأسلحة، بينما ركزت محفظة المراهنين على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس على منتجي الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، في حين راهنوا ضد الشركات المالية ومصنعي الأدوية، باعتبار أنهم قد يواجهون المزيد من القواعد في ظل الديمقراطيين.

لكن ما أن حقق ترامب فوزاً كاسحاً، حققت الأسهم الأميركية أفضل أسبوع لها في عام، مدعومة بارتفاع محموم، فيما رجح محللون أن تشهد ولايته الثانية ازدهاراً ليس فقط للشركات المنتمية إلى القطاعات التي يشجعها الرئيس العائد إلى البيت الأبيض على رأسها النفط، وإنما شركات القطاعات التي طالما كان مؤيدو الديمقراطيين يراهنون عليها وعلى رأسها السيارات الكهربائية، لتنضم كيانات ذات تخصصات نوعية هذه المرة إلى قائمة المستفيدين بقوة، وهي الشركات المتخصصة في إدارة السجون ومراكز الاحتجاز في ضوء أجندة ترامب التي تعهد خلالها بترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين.

فقد انتعشت أسهم "جي إي أو غروب" (The GEO Group)، التي تدير من بين أمور أخرى مراكز احتجاز للمهاجرين، و"كورسيفك" (CoreCivic)، وهي شركة خاصة تدير سجوناً. وقد قفزت قيمتهما السوقية لأسهمها بنحو الثلثين خلال ثلاثة أيام من فوز ترامب، لتزداد قيمتهما السوقية بنحو 6 مليارات دولار. ويوم الخميس الماضي قفز سهم "GEO" بنحو 72% ليغلق عند 24.43 دولاراً للسهم، مقابل 14.18 دولاراً للسهم في اليوم السابق للانتخابات. كما قفز سهم "CoreCivic"، بنسبة 69.5% ليصل إلى 22.35 دولاراً، الخميس، مقابل سعر إغلاق، يوم الاثنين الماضي، البالغ 13.19 دولاراً.

استثمار في احتجاز ملايين المهاجرين وترحيلهم

وقال جورج زولي، مؤسس ورئيس مجلس إدارة "جي إي أو غروب"، خلال تعليقات تتعلق بأرباح الشركة، الخميس الماضي: "نتوقع من إدارة ترامب القادمة اتخاذ نهج أكثر حدة في ما يتعلق بأمن الحدود وإنفاذ القانون الداخلي، وطلب تمويل إضافي من الكونغرس لتحقيق هذه الأهداف".

كذلك قال بريان إيفانز، الرئيس التنفيذي للشركة، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية إن الأسرّة غير المستخدمة في منشآتهم قد تدر 400 مليون دولار إيرادات سنوية في حال تم إشغالها، وإن الشركة لديها القدرة على توسيع برنامج المراقبة الحالي ليشمل "ملايين المهاجرين"، مما يزيد من الإيرادات. ووصف هذه الفرصة بأنها "غير مسبوقة بالنسبة للشركة". كذلك ستستفيد شركات الطيران، إذ قال مسؤولون تنفيذيون إنهم يستطيعون توسيع نطاق الخدمات التي يقدمونها بالفعل للنقل الجوي والبري الآمن، مما قد يؤدي إلى نقل مئات الآلاف من المهاجرين.

وعلى صعيد الشركات الأبرز من القطاعات الأخرى، جاءت "تسلا" لصناعة السيارات الكهربائية، التي خطفت الأنظار، حيث قفز سهم الشركة بنسبة 9% فقط، في تداولات، يوم الاثنين، مستكملا رحلة الصعود الجنونية منذ إعلان فوز ترامب. واستطاعت إضافة 92 مليار دولار إلى قيمتها السوقية يوم الاثنين فقط، لتصل إلى 1.1 تريليون دولار وتصبح ثامن أكبر شركة في العالم بعد أن تجاوزت شركة و"ارن بافيت". وقفز السهم بنسبة 28% عند 341.45 دولاراً، تقريباً منذ الأربعاء الماضي، حيث تجاوزت الشركة لأول مرة منذ عام 2022 حاجز التريليون دولار، يوم الجمعة الماضي.

جزء من عبقرية ترامب السياسية، هو أنه يقدم كل شيء للجميع، أو على الأقل لجميع مؤيديه، وفق تقرير لمجلة "إيكونوميست" البريطانية. فسياسته الرامية إلى خفض الضرائب وتقليص البيروقراطية، تدفع أكبر اقتصاد على هذا الكوكب نحو حراك كبير. ليست الشركات الكهربائية فقط التي ستستفيد بقوة من ولاية ترامب، وإنما شركات السيارات العاملة بالوقود مثل جنرال موتورز وفورد. ويرجع ذلك إلى أن الإدارة القادمة ستقلل من الضغط على شركات السيارات للتحول إلى المركبات الكهربائية. وتعهد ترامب بفرض رسوم جمركية أعلى على السيارات المصنعة في الخارج لحماية الوظائف في الولايات المتحدة، بما في ذلك في ولاية ميشيغين، معقل صناعة السيارات التقليدية.

وبحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية، فمن المتوقع أن تستفيد الشركات الأميركية بشكل مباشر من تخفيضات الضرائب على الشركات في عهد ترامب، ولكن شركات صناعة السيارات، على وجه الخصوص، قد تستفيد من المزيد من الحماية التجارية وتخفيف قواعد الانبعاثات. فيما ستخلق الرسوم الجمركية تحدياً آخر لشركات صناعة السيارات الأوروبية التي تعاني بالفعل من انخفاض المبيعات والأرباح.

شركات السلاح والعملات المشفرة

وبالنسبة لشركات صناعة الأسلحة، من المتوقع أن ترتفع النفقات الدفاعية تحت إدارة ترامب، وهو ما سيكون مفيداً لشركة "جنرال إلكتريك" لأنها تعد من أبرز موردي محركات الطائرات الحربية في الولايات المتحدة والعالم. كما أن شركات التقنية من المتوقع أن تستفيد بشكل كبير، لاسيما العاملة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، فضلا عن شركات العملات المشفرة، ومنها "كوين بيس" لتداول العملات المشفرة.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست في تقرير، أمس الثلاثاء، أن ترامب يتطلع إلى مرشحين مؤيدين للعملات المشفرة في الوكالات المالية الفيدرالية الرئيسية، إذ استكشفت الإدارة القادمة موظفين وسياسات جديدة يمكنها الوفاء بوعد حملة ترامب بتحويل الولايات المتحدة إلى "عاصمة العملات المشفرة على هذا الكوكب". وحققت عملة بيتكوين رقماً قياسياً جديداً، أمس، لتقترب كثيراً من 90 ألف دولار وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق.

ويمثل موقف ترامب انعطافاً قوياً معاكساً لحملة القمع التي قادتها هيئة الأوراق المالية والبورصات تحت إدارة الرئيس جو بايدن تجاه هذه الصناعة المثيرة للجدل. وأدى هذا التحول إلى تنشيط عمليات شراء قائمة على المضاربة في العملات المشفرة الكبيرة والصغيرة على حد سواء، مما رفع قيمة الأصول المشفرة إلى أكثر من 3 تريليونات دولار، حسبما تظهر بيانات منصة "كوين غيكو". وكتب كريس ويستون، رئيس الأبحاث في مجموعة "بيبرستون" للتداول، في مذكرة إن "بيتكوين في وضع قوي للغاية.. والسؤال المطروح للمتداولين الذين لم يشاركوا بعد هو ما إذا كان لا يزال هناك مجال لملاحقة هذا الارتفاع الساخن أم أنه يحب الانتظار لحدوث تصحيح طفيف لتهدأ تلك الاندفاعة بعض الشيء".

في سوق الخيارات، يتهافت المستثمرون على رهانات بأن سعر بيتكوين سيتجاوز حاجز 100 ألف دولار بحلول نهاية العام، وفقاً لبيانات من منصة "ديريبيت". تزامناً مع ذلك، قامت شركة "مايكروستراتيجي" وهي أكبر شركة عامة تمتلك بيتكوين خارج قطاع صناديق التداول، بشراء حوالي 27200 بيتكوين بقيمة تقارب ملياري دولار بين 31 أكتوبر/ تشرين الأول و10 نوفمبر/ تشرين الثاني، وفق وكالة بلومبيرغ.

وتضاعفت قيمة بيتكوين أكثر من مرتين في عام 2024 حتى الآن، بفضل الطلب القوي على صناديق العملة المتداولة في الولايات المتحدة، وقرارات تخفيض أسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالي. ويفوق هذا الارتفاع العوائد من استثمارات مثل الأسهم والذهب. وأنفقت شركات الأصول المشفرة بكثافة خلال حملة الانتخابات لدعم مرشحين يُنظر إليهم على أنهم مؤيدون لمصالحها. وفي ظل هذا السياق، تراجع ترامب عن موقفه السابق، وأصبح مؤيداً لصناعة كان قد وصفها سابقاً بأنها "عملية احتيال".

المساهمون