شركة إيطالية متورطة بصفقات أسلحة ضخمة مع إسرائيل.. ما القصة؟

24 سبتمبر 2024
جيش الاحتلال على حدود غزة، 21 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

كشفت صحيفة "ميلانو فينانسا" الاقتصادية الإيطالية العريقة عن صفقة أسلحة ضخمة من معدات عسكرية من إنتاج مجموعة ليوناردو الإيطالية لإسرائيل من خلال فرعها في الولايات المتحدة.

ونشرت الصحيفة، على مدار الأيام الثلاثة الماضية، تحقيقاً حمل في حلقته الأولى بتاريخ 19 سبتمبر/أيلول الجاري عنوان "ليوناردو دي آر إس تتطلع إلى إسرائيل، البنتاغون يستدعي الشركة في صفقة بقيمة 165 مليون دولار". وذكرت أن وزارة الخارجية الأميركية صدقت على صفقة ممكنة، ما زالت في مرحلة التقييم، بقيمة 164.6 مليون دولار لتوريد مقطورات لدبابات والتجهيزات المرتبطة بها لصالح إسرائيل، فيما أشار البنتاغون إلى شركة ليوناردو دي آر إس التابعة لمجموعة ليوناردو الإيطالية لصناعات الدفاع، ومقرها فيرجينيا، على أنها المورد الرئيسي للصفقة، ومن المتوقع أن تبدأ عمليات التسليم في عام 2027.

ونقلت الصحيفة عن وكالة التعاون الدفاعي الأمني الأميركية قولها، في بيان، إن "الولايات المتحدة ملتزمة أمن إسرائيل، ومن الحيوي بالنسبة إلى المصالح الوطنية للولايات المتحدة مساعدة إسرائيل على تطوير والاحتفاظ بقدرات قوية وجاهزة للدفاع عن نفسها. وهذه الصفقة المقترحة تتسق مع تلك الغايات، ومن شأنها تحسين قدرات إسرائيل على التصدي للتهديدات الراهنة والمستقبلية في الدفاع عن حدودها". 

وفي الحلقة الثانية من التحقيق، التي حملت عنوان "ليوناردو تعلق التعامل مع إسرائيل، الراية تنتقل إلى شركة Drs"، ذكرت الصحيفة أن السنوات الأخيرة، قبل هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 التي أثارت الهجوم الإسرائيلي على حماس، دأبت مجموعة ليوناردو على تزويد حكومة تل أبيب بطائرات تدريب ومروحيات وأنظمة إلكترونية متطورة، ووقعت على اتفاقيات شراكة لتطوير شركات ناشئة مبتكرة، وما إلى ذلك، بقيمة تقارب مليار يورو.

وأضافت أنه منذ ذلك التاريخ الدامي، "لم تصدر أي تراخيص جديدة لتصدير أسلحة إلى إسرائيل، وما زال التعليق مستمراً"، كما أكد وزير الخارجية أنطونيو تاياني وكما تظهر بيانات وحدة تراخيص التسليح التابعة للخارجية الإيطالية.

تصنيع أسلحة لإسرائيل

وأوضحت الصحيفة أن عام 2024 لم يسجل أنشطة تعاون بين ليوناردو وإسرائيل، إلا الدعم اللوجستي لأسطول طائرات التدريب من طراز Aermacchi M-346، مقابل حوالى 7 ملايين يورو، التي يتدرب عليها طيارو سلاح الجو الإسرائيلي منذ عام 2016. كذلك تحلق المروحيات الـ14 من طراز AW119Kx أيضًا في الأجواء الإسرائيلية، التي طلبتها وزارة الدفاع على دفعتين أيضاً لأغراض التدريب، من خلال الخارجية الأميركية وتُنتَج في مصانع ليوناردو في فيلادلفيا.

ولفتت إلى أن مسار العلاقات التجارية بين الجانبين قد شهد تحولاً، حيث بُني القمر الصناعي Optsat-3000 التابع لوزارة الدفاع الإيطالية، على سبيل المثال، من قبل شركة Telespazio كقائد لكونسورتيوم دولي من شركات كان من بينها مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية، في نطاق اتفاقية التعاون الدولي بين إيطاليا وإسرائيل والتي كانت بمثابة إطار لجميع العقود، العسكرية وغيرها.

ولكن اليوم، كما هو الحال في تسليم الراية، فإن شركة ليوناردو DRS (الأميركية) هي الأكثر نشاطًا على جبهة الصفقات مع تل أبيب، حتى إنه يمكننا القول إنها موجودة في حمضها النووي، بحسب تعبير الصحيفة.

وقد كان الاندماج في عام 2022 مع شركة رادا الإسرائيلية، هو الذي أوصلها إلى الإدراج في بورصة ناسداك، حيث تضاعفت قيمة أسهمها ثلاث مرات. وحصلت ليوناردو DRS، من خلال الاندماج مع الشركة المتخصصة في الرادارات التكتيكية العسكرية، أيضًا على حصة 12% في Radsee Tecnhology، ومقرها في هرتسليا، حيث تنتج رادارات المركبات.

وفي الحلقة الثالثة من التحقيق، بتاريخ 20 سبتمبر/أيلول التي حملت عنوان "ليوناردو وشركاؤها، توركو (من حركة 5 نجوم) يقترح فرض ضريبة على الأرباح الإضافية لمن يبيع أسلحة لإسرائيل"، ذكرت الصحيفة أن الحلقة الأولى من تحقيقها حول وجود صفقة ممكنة بقيمة 165 مليون يورو لإسرائيل تمثل فيها شركة ليوناردو DRS المورد الرئيسي فيها، أثارت جدلاً في البلاد.

معارضة برلمانية

من جهته، قال السيناتور ماريو توركو، عضو مجلس الشيوخ الإيطالي ونائب رئيس حركة 5 نجوم (المعارضة)، إن "الحكومة لا تريد فقط الجلوس إلى طاولة السلام، مفضلة الاستمرار في تزويد أوكرانيا وإسرائيل بالأسلحة، وإنما ترفض أيضاً فرض ضريبة على أرباح المبيعات الحربية للشركات المتداخلة في هذا الأمر".

وأشار توركو، في تصريحات خاصة لصحيفة "ميلانو فينانسا"، إلى أن "إيطاليا كانت في حقبة خلت سفيرة للسلام في الصراعات، أمّا الآن فإنها من بين الموردين الرئيسيين لأوكرانيا وإسرائيل. وبالنسبة إلى هذه الأخيرة، فإنها تفعل ذلك في انتهاك واضح لقرار الأمم المتحدة الذي يطالب الحكومة الإسرائيلية بالرحيل عن الأراضي الفلسطينية".

وأضاف: "نحن نعتبر أنّ من الخطورة بمكان عدم معرفة الإيطاليين، أو حتى البرلمان صاحب السيادة، على وجه الدقة ماذا نرسل ومستوى وجود إيطاليا في هذا السياق. ومن المرجو أن يكون ثمة المزيد من الشفافية من قبل حكومة متورطة هكذا في جبهتي الحرب المفتوحتين (أوكرانيا وإسرائيل)، أيضاً بصرف النظر عن واجب التزام السرية التقليدية لهذه العقود التي تثري الشركات، بما فيها تلك التي تسهم الحكومة في ملكية أسهمها".

وشدد السيناتور الإيطالي المعارض على "الحاجة لدعم اقتصاد السلام وإحباط اقتصاد الحرب، الذي تسانده حكومة ميلوني وتواصل تجاهلها للمعركة التي نخوضها. ولهذا السبب، نطالب بفرض ضريبة تراوح بين 30% و45% على الأرباح الإضافية التي حققتها شركات صناعات الدفاع الإيطالية في فترة الـ3-5 سنوات الماضية".

يُذكَر أن النائب أنجيلو بونيللي، وهو المتحدث الرسمي باسم حزب أوروبا الخضراء، وعضو مجلس النواب الإيطالي عن تحالف الخضر واليسار المعارض، كان قد تقدم بطلب إحاطة برلماني في نهاية الشهر الماضي، دعا فيه وزيري الدفاع والاقتصاد والمالية ورئيسة الوزراء جورجيا ميلوني نفسها إلى الرد وتوضيح لماذا تسهم الحكومة الإيطالية في مذبحة الشعب الفلسطيني.

وقال بونيللي في بيان له، إن "ثمة في إيطاليا من يبرم صفقات ذهبية على جثث 40 ألفاً من المدنيين في غزة، 70 في المائة منهم من النساء والأطفال"، مشيراً إلى أن "مجموعة ليوناردو الإيطالية لصناعات الدفاع هي التي زودت القوات البحرية الإسرائيلية بمدافع استخدمتها في القصف المتواصل من دون انقطاع لغزة ومينائها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023".

وأوضح في بيانه أن "هذا العقد، الذي بلغت قيمته 440 مليون دولار، يمثّل إحدى أكبر الصفقات التي أبرمتها مجموعة صناعات الدفاع الإيطالية الرئيسية في تاريخها في السياق الحربي لمنطقة الشرق الأوسط"، مضيفاً أن "المدافع من عيار 76 ملم المثبتة على القرويطات (وحدات الكورفيت) الإسرائيلية من إنتاج شركة أوتو ميلارا التابعة لمجموعة ليوناردو. أمّا الآلية التي اتُّبعت في هذه الصفقة، فقد كانت بسيطة: إسرائيل طلبت التعاقد على المدافع من الولايات المتحدة، التي اشترتها بدورها من المجموعة الإيطالية، ومن ثم نقلتها إلى تل أبيب التي استخدمتها فيما بعد في قصف غزة".

المساهمون