ثمن اقتصادي باهظ: شركة ثانية تغادر السوق الإسرائيلي احتجاجاً على إصلاحات نتنياهو القضائية
أعلنت شركة "فيربيت"، ثانية أكبر شركات التأمين في تل أبيب، مغادرتها السوق الإسرائيلي احتجاجاً على "الإصلاحات القضائية" التي أعلنت حكومة بنيامين نتنياهو عزمها على تطبيقها، وذلك بعد أسبوع من خطوة مماثلة اتخذتها شركة "بيبيا غلوبال"، إحدى شركات التقنية الرائدة.
وقال توم ليفني، مؤسس ومدير الشركة التي يقدر رأس مالها بمليارات الدولارات، إنه ينوي مغادرة إسرائيل ليتوقف عن دفع الضرائب رفضا للإصلاحات القضائية.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، عن ليفني قوله: "دفعت عشرات الملايين من الدولارات بينما دفعت شركتي مئات الملايين في السنوات الأخيرة كضرائب للدولة، لكن الآن علينا أن ننهي مجرد أن نكون مواطنين في دولة إسرائيل".
وتمنى ليفني أن يحذو المزيد من أصحاب الشركات حذوه ويغادروا إسرائيل ويتوقفوا عن دفع الضرائب، مضيفا: "نحن نمثل القطار الذي يجر الاقتصاد الإسرائيلي، وعندما نقدم على هذه الخطوة يمكن أن يقتنع قادة الحكومة بأن يأخذوا مواقفنا بعين الاعتبار".
ورد وزير المالية الإسرائيلي على قرار ليفني، حيث كتب على حسابه على تويتر: "نحن إخوة، أتمنى أن تتراجع عن قرارك".
ثمن اقتصادي باهظ
وتدل كل المؤشرات على أن إسرائيل تتجه لدفع ثمن اقتصادي باهظ بفعل الاستقطاب الداخلي الذي تفجر في أعقاب حركة الاحتجاج الواسعة على سياسات الحكومة الجديدة، ولا سيما مخططها لإدخال "إصلاحات" على الجهاز القضائي.
وأدى إعلان نتنياهو ووزير القضاء يريف ليفين عن خطة "الإصلاحات القضائية" بالفعل إلى دفع العديد من الشركات إلى وقف طرح أسهمها في السوق الإسرائيلي فضلا عن وقف شركات أخرى أنشطتها بشكل نهائي، وعن تحذير البنوك من أنها باتت تلمس بداية حركة سحب ودائع من المصارف.
ولعل الدافع الرئيس الذي يردع الكثير من الشركات، وتحديدا شركات التقنية، عن مواصلة أنشطتها في إسرائيل هو تأكيدها أن الإصلاحات القضائية تضر كثيرا بالبيئة الاستثمارية وتزيد من حالة انعدام اليقين بشكل يمس بعوائد استثمارها داخل إسرائيل.
وكانت عملاق التقنيات المتقدمة "بيبيا غلوبال" قد أعلنت قبل أسبوع مغادرتها السوق الإسرائيلي احتجاجا على الإصلاحات القضائية بحجة أنها لن توفر بيئة استثمارية مناسبة.
ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مؤسسة الشركة ومديرتها العامة عينات غاز قولها: "هناك حالة انعدام يقين بشأن القدرة على إدارة أنشطة اقتصادية دولية انطلاقا من إسرائيل".
ومما يوضح الثمن الاقتصادي التي تدفعه إسرائيل مقابل الإصلاحات القضائية حقيقة أن رأس مال هذه الشركة يبلغ 3.5 مليارات دولار، حيث تشغل الآلاف من الموظفين.
وأوقفت شركة "ماكس"، كبرى شركات "بطاقات التأمين"، الجمعة، طرح أسهم بقيمة 600 مليون شيكل (حوالي 176.5 مليون دولار)، بفعل التحولات في ظروف السوق في أعقاب التحولات السياسية الداخلية.
وحسب نيتسان كوهين، المعلق في موقع "آي سي إي" الاقتصادي، فإنه على الرغم من أن شركة "ماكس" تعد من الشركات "الناجحة والممتازة، ورغم أنها قدمت عروضا مغرية للمستثمرين، إلا أنها في النهاية قررت التراجع عن طرح الأسهم لأن المستثمرين لم يبدو حماسة لشرائها".
وفي تقرير نشره الموقع، أشار كوهين إلى أن "العاصفة" التي أحدثتها الإصلاحات القضائية تهدد بدفع المستثمرين الأجانب "للهروب" من السوق الإسرائيلي.
تحذيرات بنكية
وباتت التحذيرات التي أطلقها مدراء البنوك في لقائهم، الجمعة الماضي، بنتنياهو أكثر ما يثير القلق من تبعات الإصلاحات القضائية والاستقطاب الداخلي على الأوضاع الاقتصادية.
فحسب ما ذكر موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت"، فقد لفت مدراء البنوك أنظار نتنياهو إلى أنهم باتوا يلمسون بدء حركة لسحب الودائع من بنوكهم وإن كانت محدودة في الوقت الحالي.
وحسب الصحيفة، فقد وجه أوري ليفين، مدير بنك "ديسكونت"، كلامه لنتنياهو: "لا يمكنك أن تتجاهل ما يقوله رجال الاقتصاد الذين يعبرون عن مخاوفهم الكبيرة جدا من إجراءاتكم، لذا عليك أن توقف هذا الأمر فورا وأن تحدث تغييرات بشكل حذر وفي ظل توافق واسع".
أما سامي بيريتس، المعلق في صحيفة "ذي ماركير" الاقتصادية، فقد أوضح أن مجرد أن يطرح مدراء النوك مخاوفهم علنا فإن هذا بحد ذاته قد يدفع المودعين إلى سحب ودائعهم من البنوك.
وفي تحليل نشرته الصحيفة، الأحد الماضي، قال بيريتس إن مدراء البنوك أبلغوا نتنياهو بشكل واضح بأن أحدا من المستثمرين الأجانب لم تعد لديه الدافعية للاستثمار في السوق الإسرائيلي في أعقاب طرح الإصلاحات القضائية".
وأضاف بيريتس: "لا يتوجب الانتظار حتى تحدث أمور خطيرة على الصعيد الاقتصادي حتى يقتنع نتنياهو في النهاية بوجوب وقف إصلاحاته القضائية".