عرف شو جياين الفقر قبل أن يصبح مليارديراً من ضمن الذين برزوا في الصين بمباركة ودعم من الحزب الشيوعي. يواجه الرجل اليوم امتحاناً عسيراً، حيث سيكون عليه إنقاذ مجموعته العقارية "إيفرغراند"، ثاني أضخم مجموعة عقارية في البلاد، والتي تعيش انهياراً مالياً حاداً وعدم قدرة على سداد الديون المتعثرة المستحقة عليها.
مجموعة الملياردير العاشق لليخوت والماركات المخملية، والبالغ من العمر 62 عاما، ترزح تحت مديونية تصل إلى 305 مليارات دولار، وهو أعلى مستوى ديون لشركة عقارية في العالم. واقع وضع الاقتصاد الصيني، خاصة القطاعين المصرفي والعقاري، في أزمة، لا بل امتدت تداعيات هذا الزلزال إلى الأسواق العالمية.
تتولى المجموعة العملاقة اليوم إنجاز 778 مشروعاً في 223 مدينة صينية، وتوفر 200 ألف فرصة عمل، بل إن المجموعة تؤكد على أن نشاطها يتيح أكثر من ثلاثة ملايين فرصة عمل غير مباشرة. يؤكد موقع "فينانشال تايمز" البريطاني أن المجموعة دخلت في حلقة مفرغة.
فالمصارف لا تريد إقراضها المال الضروري والسيولة من أجل إنجاز مشاريعها العقارية، فيما تجد نفسها عاجزة عن توفير الأموال لدفع ما في ذمتها تجاه المقرضين والمستفيدين من مشاريعها والموظفين، وكذا لا تستطيع وسط هذه الأزمة طمأنة المصارف والمؤسسات الدائنة على وضعيتها.
إذ إنه ليس المقرضون وحدهم الذين يواجهون القلق بسبب وضعية المجموعة التي يمكن أن تخضع للتصفية، بل إن المستثمرين في أسهمها وأسراً سعت إلى شراء شقق وعقارات في مشاريعها السكنية والتجارية يخشون على أموالهم من الضياع. هذا ما دفع بعض المتضررين إلى الاحتجاج أمام مقر المجموعة في بلد قلما يحتج فيه الناس.
يعزو شو جياين نجاحاته إلى التربية والحزب الشيوعي، وهو الذي صرح سابقاً خلال اعتداده بمجموعته بأنه "من دون أهمية المدرسة الإعدادية، كنت سأوجد دائما بالريف. من دون منحة من الدولة بقيمة 14 يوان لم أكن لأذهب إلى الجامعة.
من دون الإصلاح وانفتاح البلد، لم تكن (إيفرغراند) لتصبح ما هي عليه اليوم"، غير أن هناك من يعتبر أن نجاحه يعود إلى صداقته مع شقيق وين جياباو، عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية في الحزب الشيوعي، ورئيس الوزراء خلال الفترة ما بين 2003 و2013.
يحكي الملياردير، الذي يعكس صعوده التحول الذي عرفته الصين في الأعوام الأخيرة، أن والدته توفيت قبل أن يتجاوز سنته الأولى من العمر، واقتات على البطاطس والخبز المطهو بالبخار خلال مساره الدراسي، مؤكدا أنه كان يرتدي ملابس قديمة.
يقول إن حلمه كان مغادرة الريف والحصول على العمل والطعام، وانتقل إلى الجامعة قبل أن يوظف بمصنع للصلب تابع للدولة، ثم ينتقل في العام 1992 إلى شنجن، التي كانت القلب النابض لتجربة الانفتاح الاقتصادي بالصين في التسعينيات من القرن الماضي، ليؤسس بعد أربعة أعوام من ذلك التاريخ مجموعة "إيفرغراند".
عندما أطلق أول مشروع له، تمكن من بيع 323 شقة في نصف يوم، وحصل على 80 مليون يوان. وقامت الشركة بعد ذلك ببناء الشقق في جميع أنحاء الصين، مستفيدة من الطلب المرتفع عليها.
عندما تم قيد الشركة في بورصة هونغ كونغ في العام 2009، حصلت على 70.5 مليار دولار، كي تصبح أكبر شركة عقارية في الصين، ويتحول شو جياين إلى أغنى رجل في القارة الآسيوية.
غير أنه لم يكتف بنشاطه في العقارات، فقد اشترى في العام 2020 ناديا فنيا لكرة القدم، وجلب لاعبين مرموقين، واستثمرت المجموعة في قطاعات أخرى مثل السيارات الكهربائية والسياحة والمياه المعدنية.
وقدر مؤشر المليارديرات الذي تصدره وكالة بلومبيرغ، ثروته في 2017 بـ43 مليار دولار، غير أنها هوت اليوم إلى 9 مليارات دولار، بل إنه فقد 14.5 مليار دولار منذ بداية العام مع انهيار قيمة إيفرغراند، التي يتساءل مراقبون حول ما إذا كان إفلاسها ستكون له تداعيات مشابهة للتي خلفتها كارثة انهيار بنك "ليمان براذرز" الأميركي في 2008، خاصة أن سلطات بكين أعلمت العديد من المصارف الكبيرة بأن المجموعة لا يمكنها الوفاء بالفوائد المترتبة عليها.