أوقفت وزارة الزراعة العراقية توريد مادة السماد الحيواني الذي تعاقدت على شرائه من وزارة الصناعة، بعد أن صدرت نتائج الفحص الأولية من قبل وزارة البيئة التي أثبتت أن السماد الحيواني مُسرطن وغير صالح للاستخدام.
وسماد الداب (DAP) هو اختصار لفوسفات ثنائي الأمونيوم، حيث يعتبر من أكثر الأسمدة استخداماً في العالم، وله محتوى غذائي مرتفع على شكل حبيبات جافة أو مساحيق قابلة للذوبان يسهل على الجذور امتصاصها واستخدام العناصر الغذائية فيها، ويعتبر من أهم المواد الداعمة للقطاع الزراعي.
السماد المُسرطن
وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة، هادي هاشم، إن وزارته أبرمت عقداً مع وزارة الصناعة لتزويدها بسماد الداب، وجرى تجهيز الشركة العامة للتجارة الزراعية بكمية قدرها 50 ألف طن، أرسلت عينات منها إلى وزارة البيئة للتأكد من سلامتها، فتبين أن هذه الكمية من السماد توجد فيها نسب أكثر من الحدود الطبيعية من العناصر المشعة.
وأضاف هاشم في حديث صحافي، أن وزارة الزراعة سارعت لإيقاف الكميات المتبقية من وزارة الصناعة لحين التأكد من نتائج الفحص النهائية للعمل على إتلافها بشكل كامل لخطورتها.
فيما أكد رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق، حسن التميمي، أن الفلاح العراقي يعاني الكثير من المشاكل، وآخرها مشكلة السماد المسرطن الذي يحتوي على مواد مشعة، متهماً وزارة الصناعة بمحاولة القضاء على ما تبقى من الفلاحين العراقيين.
وطالب التميمي خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، بتشكيل فريق تحقيق متخصص من قبل الحكومة القضاء واللجان الرقابية المعنية، وإصدار عقوبات صارمة بحق المتسببين بهذه الكارثة.
وأشار إلى أن عدم وجود مادة سماد الداب الصالحة للاستخدام لدى المزارعين يفاقم من المشكلة الزراعية للموسم الشتوي، لأن هذه المادة تعتبر من أهم مواد التغذية الزراعية التي يتم الاعتماد عليها بشكل كبير.
إنتاج أم تعبئة؟
وزارة الصناعة والمعادن العراقية أعلنت بدورها أن مصنع (سماد الداب) في الشركة العامة لصناعة الأسمدة بمحافظة البصرة تم افتتاحه قبل أشهر بالشراكة مع شركة تربل البريطانية.
وأضافت الوزارة في بيان لها مؤخراً، أن المصنع يتكون من ثلاثة خطوط إنتاجية أوروبية المنشأ لإنتاج سماد الداب بطاقة 1500 طن في اليوم، وبما يُعادل 500 ألف طن سنوياً بقيمة مُضافة 30 بالمائة، وبجودة عالية وفق المواصفات العراقية المعتمدة لدى وزارة الزراعة، موضحة أن من الأهداف الأساسية لإنشاء المصنع هو إيقاف المستورد ودعم القطاع الزراعي وتغطية احتياج وزارة الزراعة من هذا النوع من الأسمدة الفوسفاتية التي تحتاجها بكثرة، حسب وزارة الصناعة.
إلا أن عضو البرلمان العراقي، ماجد شنكالي، كشف عن أن مصنع إنتاج سماد الداب الذي تم افتتاحه في محافظة البصرة من قبل منهل الخباز وزير الصناعة والمعادن في حكومة مصطفى الكاظمي السابقة، ظهر أنه للتعبئة فقط ولا وجود لأي إنتاج خطوط إنتاجية فيه.
وقال شنكالي، لـ"العربي الجديد"، إن المصنع العائد للشركة العامة لصناعة الأسمدة الجنوبية استورد كمية كبيرة من مادة سماد الداب الملوث إشعاعياً من روسيا، ومن خلال العقد المبرم مع وزارة الزراعة، يفترض أن توزع هذه المادة للفلاحين، لكن الفحوصات أوقفت التوزيع وأنقذت المزارعين من كارثة كبيرة.
وأوضح شنكالي، أنه تبين أن وزارة الصناعة تستورد السماد من الخارج وتحديداً من روسيا، وتقوم بتعبئته في مصنع سماد الداب بمحافظة البصرة وتسلمه الى وزارة الزراعة وفق العقد المبرم بينهما على أنه إنتاج وصناعة وطنية.
تحقيق شفاف
من جهتها، طالبت لجنة الزراعة في البرلمان العراقي، بإيقاف عقد تجهيز السماد الروسي، والتحفظ على الكميات الموجودة في المخازن وإجراء تحقيق شفاف وعادل في صلاحية هذه المادة، والتي يمكن أن تتسبب بكارثة كبرى حال توزيعها على المزارعين.
وقال مستشار اللجنة، صباح موسى، إن لجنته هي الجهة المسؤولة عن الرقابة على جميع ما يتعلق بالقطاع الزراعي في العراق، فقد قامت بمخاطبة الجهات المسؤولة للوقوف على كافة تفاصيل العقد الذي تم بموجبه استيراد سماد الداب.
طالبت لجنة الزراعة في البرلمان العراقي، بإيقاف عقد تجهيز السماد الروسي، والتحفظ على الكميات الموجودة في المخازن
وبين موسى لـ"العربي الجديد"، أن المادة تم اكتشافها من قبل مركز الوقاية من الإشعاع، إحدى تشكيلات وزارة البيئة التي تمتلك أجهزة متطورة قادرة على رصد وتحديد النسب المسموح بها من الإشعاع، وبعد إرسال نماذج من مادة سماد الداب
تبين بعد الفحص أن هناك نسبة غير مسموح بها من الإشعاع، فتم رفض تلك المادة وإرجاعها.
وأضاف أنه تمت استضافة مسؤول من قبل المديرية العامة للأسمدة التابعة لوزارة الصناعة، وكانت إجاباته عن الأسئلة التي تم طرحها بخصوص المواد المستوردة من روسيا غامضة وغير واضحة، مما يدل على وضوح التقصير لدى وزارة الصناعة العراقية.
وأوضح أنه تم تشكيل لجنة متخصصة من وزارة البيئة والزراعة والتجارة بالتعاون مع لجنة الزراعة في مجلس النواب لمتابعة الشحنة وتحديد الجهات المسؤولة عن عملية الاستيراد.