دعا صندوق النقد الدولي إلى تبني إصلاح جبائي يتيح جني إيرادات لتمويل النفقات العاجلة في الدول العربية. وأكد خبراء في الصندوق، في آخر تقرير صادر على الموقع الإلكتروني لهذه المنظمة الدولية، ضرورة الزيادة التصاعدية للضرائب وتقليص الإعفاءات، ما سيساهم في تلبية أولويات الإنفاق والمساعدة على النمو الاقتصادي والحد من عدم المساواة.
يرى الخبير الجبائي محمد الرهج، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تقليص الإعفاءات الجبائية أساسي من أجل تحقيق العدالة بين المكلفين. ويلاحظ الرهج أن الإصلاح الجبائي الذي يدعو إليه الصندوق يستدعي نوعا من الإرادة السياسية لدى البلدان من أجل الوصول إلى العدالة الضريبية، مشددا على ضرورة تحقيق نوع من التوازن في المساهمة الجبائية بين الرأسمال والعمل.
ويلفت إلى أن المساهمات الجبائية تأتي بشكل كبير من عدد قليل من الشركات والأجراء الذين يخضعون للاقتطاع في المنبع والاستهلاك، عبر الضرائب الداخلية على الاستهلاك والقيمة المضافة، ما يزيد الضغوط على القدرة الشرائية للأسر، خاصة في الظروف الحالية المتسمة بارتفاع التضخم وزيادة الأسعار في غالبية الأسواق العربية.
ويشدد الرهج على أن الإصلاح الجبائي يجب أن يجرى بشكل متوازن لتوزيع العبء بين جميع الملزمين، بما يوفر للدول إيرادات تتيح لها الإنفاق وتفادي اللجوء للاستدانة بشكل مفرط، والوقوع تحت ضغط شروط دولية يمكن أن تكون لها تداعيات اجتماعية كبيرة.
وتأتي أهمية بحث صندوق النقد من كون أحد المساهمين فيها هو جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، الذي يتولى في الفترة الأخيرة الإشراف على المفاوضات مع بلدان تواجه أزمة مالية خانقة مثل تونس ولبنان، أو تسعى للحصول على خطوط تمويل لدعم رصيدها من النقد الأجنبي مثل المغرب.
ولا يرى خبراء الصندوق حلا لتعظيم الإيرادات في بلدان الشرق الأوسط خارج إعادة تصميم الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة، ومواصلة تطوير الضرائب العقارية، بالموازاة مع ضمان فاعلية الإدارات العامة التي تتولى تحصيل الضرائب.
وتأتي توصيات الصندوق بعد ملاحظة أن نسبة الإيرادات الجبائية قياسا بإجمالي الناتج المحلي مازالت منخفضة في العديد من الدول، وهي إيرادات ينتظر الرهج أن تنخفض أكثر في الظرفية الحالية بالنظر إلى وضعية الشركات وإيرادات الأفراد، بينما ينتظر أن ترتفع الإيرادات المتأتية من الضرائب التي تصيب الاستهلاك.