انعكس ارتفاع سعر الدولار في الأسواق المحلية العراقية إلى أكثر من 1600 دينار في السوق السوداء على زيادة أسعار السلع والمواد الغذائية والأساسية، ومنها اللحوم الحمراء والبيضاء، حيث تجاوزت أسعار اللحوم من الأغنام والعجول في بعض المناطق 20 ألف دينار للكيلو غرام، وتقل في المناطق الشعبية لتصل إلى 16 ألف دينار بعد أن كان يتراوح سعر بيعها سابقاً ما بين 11 ألف دينار إلى 12 ألفا للكيلو الواحد (الدولار = 1450 ريالا رسميا).
شكاوى جماعية من العراقيين
شكا مواطنون، خلال حديثهم لـ"العربي الجديد"، من أن أسعار اللحوم في السوق العراقية تفوق مستوى الدخل وقدرتهم الشرائية. ويقول مواطن من بغداد، السيد أبو كاظم، أنه فوجئ أثناء شرائه لحم العجل بأن سعر الكيلوغرام الواحد بلغ 19 ألف دينار، مبيناً أن هذه الأسعار مبالغ فيها، إذ يستغل التجار هذا الأمر مع ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية.
وأضاف أبو كاظم أن أسعار اللحوم والمواد الغذائية الأخرى ترتفع بشكل يومي من دون أن تكون هناك أي مراقبة حقيقية للسوق، متهماً الفرق الرقابية الحكومية بالتعاون مع التجار من أجل مكاسب مالية، ما يدفعهم إلى عدم اتخاذ ما يلزم لمراقبة السوق ومواجهة هذا الجشع الكبير.
أما المواطن عبد القهار سهيل، فأكد لـ"العربي الجديد" استغناءه وعائلته عن شراء اللحوم الحمراء بشكل كامل، بسبب ارتفاع أسعارها، واعتبروها حاجة ثانوية بالنسبة لهم، معتمدين على لحوم الدجاج على الرغم من كون أسعارها مرتفعة أيضاً، إلا أنها تعتبر مناسبة مقارنة بأسعار لحوم الأغنام والعجول.
من جانبه، قال صاحب محل لبيع اللحوم، عباس كريم، إن أسعار اللحوم ارتفعت مع زيادة سعر صرف الدولار، على الرغم من أن غالبية اللحوم المتاحة في السوق هي إنتاج محلي، لكن المشاكل التي تعرض لها قطاع الثروة الحيوانية في العراق من جفاف وغلاء في أسعار الأعلاف ساهمت في ارتفاع أسعارها. وأضاف كريم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن عدم توفير الدعم من قبل الدولة للمنتجين ساهم في ارتفاع أسعار اللحوم، لأن التاجر يشتري الحيوانات من المربين بأسعار ليست كما كانت سابقاً.
ويرى مختصون أن أسباب ارتفاع أسعار اللحوم متعددة، ولم تقتصر على ارتفاع سعر الدولار فحسب. وقال الباحث الاقتصادي، أحمد صباح، إن ارتفاع أسعار اللحوم في العراق، وتحديداً في العاصمة بغداد، أصبح عبئاً آخر يتحمله المواطن، بعد سلسلة ارتفاع السلع والمواد في السوق نتيجة الارتفاع القياسي لسعر صرف الدولار. وأضاف صباح، لـ"العربي الجديد"، أن ارتفاع أسعار المواشي والدواجن المحلية، بسبب انعدام الدعم الحكومي لمربي المواشي والدواجن، ساهم إلى حد كبير في اعتماد التجار على اللحوم المستوردة، نظرا لرخص ثمنها مقارنة بالعراقي، وبالتالي، فإن معظم المواطنين يشترون هذه اللحوم على حسب قدرتهم الشرائية وإمكانياتهم المادية.
وأشار صباح إلى فوضى السوق الاقتصادية التي يشهدها العراق بسبب القرارات السياسية التي تتحكم بالنظام الاقتصادي والمالي، فضلاً عن غياب الرقابة الاقتصادية للسوق وعدم وجود عدالة اقتصادية في توزيع الثروات. وفي وقت سابق، كشفت وزارة الزراعة العراقية عن أن ارتفاع أسعار لحوم الدواجن وبيض المائدة هو بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف واللقاحات والأدوية البيطرية المستوردة من الخارج.
بدائل السوريين معدومة
وفي سورية، لم يقتصر الأمر على غياب اللحوم عن موائد المواطنين، بل أصبحت هناك صعوبات للحصول على البدائل التي ارتفعت أسعارها.
وقدّر الاقتصادي السوري، محمود حسين، نسبة ارتفاع أسعار اللحوم، خلال شهر، بأكثر من 10%، ليغدو البروتين الحيواني، برأيه، أمنية بالنسبة لأكثر من 90% من السوريين، بعد أن وصل سعر كيلو لحم الخروف، أمس الإثنين، في دمشق، إلى نحو 65 ألف ليرة، ولحم العجل إلى 45 ألف ليرة. ولا يرى الاقتصادي السوري، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، بدائل رخيصة عن اللحوم، بعد وصول سعر كيلو البطاطا إلى 2500 ليرة والباذنجان إلى 3 آلاف ليرة والبندورة "طماطم" إلى 3200 ليرة سورية.
وأكد أن البروتين النباتي، أيضاً، بات فوق قدرة السوريين الشرائية، بعد وصول سعر كيلو الفول "جاهز باللبن" إلى 10 آلاف ليرة على سبيل المثال. وتعاني الأسواق السورية من ارتفاع حاد في أسعار جميع السلع والمنتجات الغذائية، وفي مقدمتها اللحوم، بعد تراجع سعر صرف العملة السورية، أمس الإثنين، إلى 6800 ليرة للدولار، بحسب موقع "الليرة اليوم" من العاصمة السورية دمشق، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف والمحروقات، ما وضع الثروة الحيوانية السورية برمتها في موقع الخطر والتلاشي. ويقول رئيس غرفة زراعة حمص، أحمد كاسر العلي، إن قطاع الدواجن شبه منهار، وهو بالرمق الأخير ولا يعمل منه حالياً سوى 20 بالمئة فقط.
في المقابل، يؤكد مربي وتاجر الأغنام، رضوان محمد، أن الثورة الغنيمة "في أسوأ الحالات" بسبب تراجع المراعي وارتفاع أسعار الأعلاف، مبيناً أن سبب ارتفاع الأسعار يعود لتراجع العرض في الأسواق نتيجة تراجع القدرة الشرائية والتصدير. ويؤكد المتقاعد قاسم محمد، من دمشق، أن "الجميع يعاني الجوع بمعنى الكلمة"، معتبراً أن السؤال عن أسعار اللحوم "بات ترفاً بالنسبة للسوريين"، لأن السعي اليوم لسد جوع الأطفال "بأي طريقة"، فسعر كيلو اللحم بلغ أكثر من 60 ألف ليرة والفروج المشوي 50 ألف ليرة، "أي نصف راتب الموظف".
تباين الأسعار في الأردن
في الأردن، تشهد أسعار اللحوم ارتفاعاً بنسب متفاوتة، لا سيما في فترة الصيف والاقتراب من شهر رمضان، بسبب ارتفاع الطلب المحلي، ما يشكّل عبئاً على المواطنين. وتبلغ أسعار اللحوم البلدية حوالي 14 دولاراً للكيلو، فيما تختلف أسعار اللحوم المستوردة الطازجة والمجمدة والمبردة بحسب المنشأ.
وارتفع المستوى العام للأسعار في الأردن لأسعار المستهلك، خلال الأحد عشر شهراً الأولى من العام الماضي، بنسبة 4.2%، مقابل ارتفاع نسبته 1.2% لذات الفترة من العام 2021.
وانخفضت أسعار اللحوم لشهر أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي بنسبة 1.8%. وبحسب أرقام صادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، فإنّ معدل استهلاك الفرد الأردني للحوم الحمراء بلغ حوالي 38 كيلوغراماً سنوياً.
وتشير الأرقام إلى أنّ الأردنيين يحتلون المرتبة السادسة عربياً في نسب استهلاك اللحوم البلدية المنتجة محلياً أو المستوردة من مناشئ مختلفة.