- "رايستاد إنيرجي" تتوقع زيادة إنتاج الغاز المنقول عبر الأنابيب إلى الصين، لكن تحقيق هدف روسيا بإنتاج 100 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال بحلول 2030 يواجه صعوبات، مع توقعات بوصول الإنتاج إلى 40 مليون طن فقط.
- العقوبات الغربية، بما في ذلك قيود على تصدير معدات التسييل والعقوبات الأمريكية، تضع تحديات فنية ولوجستية أمام الصناعة، مؤثرة على قدرة الشركات الروسية على الحفاظ على محطاتها وتأمين الناقلات للشحنات التجارية.
على الرغم من أن إنتاج النفط الروسي ظل قوياً وتمكّن من النجاة وتخطي العقوبات التي فرضتها الدول الغربية، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، فإن صناعة الغاز المسال لا تزال تعاني من العقوبات، وفق تقارير متخصصة لشركة "رايستاد أنيرجي" النرويجية لأبحاث الطاقة، و"إنيرجي إنتيلجنس"، و"أويل برايس".
وتعود معاناة صناعة الغاز الطبيعي الروسية إلى محدودية البنية التحتية لخطوط الأنابيب، والاعتماد على الشركات الغربية في تزويدها بقطع الغيار وتقنيات الأنابيب والسفن الناقلة للغاز المسال.
وتتوقع شركة "ريستاد إنيرجي" النرويجية لأبحاث الطاقة، زيادة إنتاج الغاز الروسي المنقول عبر الأنابيب إلى الصين بسبب البنية التحتية الجديدة، لكن التوقعات بالنسبة للغاز الطبيعي المسال الروسي لا تبدو وردية.
ووضع الكرملين خطة طموحة لإنتاج 100 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2030، لكن توقعات شركة الأبحاث النرويجية، تظهر أن البلاد ربما ستفشل في تحقيق هذا الهدف، وربما يصل إنتاج الغاز المسال الروسي إلى 40 مليون طن فقط بنهاية العقد الجاري.
في الشأن ذاته يرى تقرير في نشرة "إنيرجي إنتيليجنس"، أن صناعة الغاز المسال الروسي ستواجه تحديات فنية عديدة، بالنسبة للصيانة في محطاتها الرئيسية، حسبما قال خبراء في ندوة عبر الإنترنت نظمتها شركة تحليلات الشحن فورتيسكا في نهاية الشهر الماضي.
وحسب ما ذكرت النشرة، قال مهدي طويل، المتخصص المستقل في عمليات الغاز الطبيعي المسال، في الندوة: "إن التحديات على الجانب الفني هائلة". وأضاف: "شراء قطع الغيار.. مشكلة كبيرة لمنشآت الغاز الطبيعي المسال الروسية". وأضاف أن الشركات تعمل على تطوير الخبرات المحلية في هذا الجانب، لكن التنفيذ سيستغرق سنوات.
وأشارت "إنيرجي إنتيليجنس" إلى أن العقوبات التكنولوجية التي فرضها الاتحاد الأوروبي في عام 2022 تحظر تصدير معدات التسييل الرئيسية لمشاريع الغاز الطبيعي المسال الروسية، في حين أن العقوبات الأميركية التي تستهدف المشاريع الفردية الجديدة تفرض عقوبات ثانوية على البائعين الأجانب الذين يتعاملون مع مشغلي المشاريع والمقاولين الروس المدرجين في القائمة السوداء.
لدغة العقوبات
بدأ مصنع شركة نوفاتيك الروسية الجديد للغاز الطبيعي المسال 2، التشغيل في القطب الشمالي، أخيراً، وانطلقت عملياته في أول قطار له بطاقة 6.6 ملايين طن متري سنوياً، لكنه سوف يواجه صعوبات أكبر في الصيانة مقارنة بأول مشروعين كبيرين في روسيا، وهما مشروع "سخالين 2" الذي تبلغ طاقته الإنتاجية أكثر من 11 مليون طن سنوياً، ومشروع "نوفاتك" الذي تبلغ طاقته 20 مليون طن سنوياً.
وقالت نشرة "أنيرجي إنتيلجنس"، إن صيانة توربينات الغاز أمر أساسي، ويستخدم كل من مشروع "سخالين-2" ومشروع "يامال"، توربينات الغاز "Frame 7 "، من شركة بيكر هيوز الأميركية، وبالتالي فإن مشاريع الغاز المسال الروسية ستجد عقبات في شراء قطع الغيار.
وقال الطويل إن مشروع "Arctic LNG 2"، يستخدم توربينات "LM9000" الجديدة من شركة بيكر هيوز، و"ليس هناك طريقة يمكن للروس من خلالها وضع أيديهم على قطع الغيار لهذه التوربينات".
أزمة الناقلات والمشترين
بدأت أولى خطوات إنتاج الغاز الطبيعي المسال في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن شركة مشروع "Arctic LNG 2"، المدرجة على القائمة السوداء من قبل الولايات المتحدة، أوقفت الإنتاج لأنها ما زالت غير قادرة على العثور على ناقلة لبدء الشحنات التجارية.
كما تؤدي العقوبات أيضاً إلى تعقيد عملية بحثها عن مشترين، على الرغم من أن "نوفاتيك" ربما تراهن على مشترين من الدرجة الثانية والثالثة من الصين، دون أن تكون لهم صلات بالنظام المالي الأميركي.
وقال الطويل إن "Arctic LNG 2" قد تحصل على خمس ناقلات من فئة الجليد، من أصل 15 جرى طلبها في حوض بناء السفن في زفيزدا في روسيا، لكن من غير المرجح أن يحدث ذلك قبل الصيف. وجرى أيضاً بناء ست ناقلات للمشروع في كوريا الجنوبية، لكن من غير المرجح أن تعمل على الإطلاق في مشروع "Arctic LNG 2"، أو أي مشاريع روسية أخرى بسبب مخاطر العقوبات على أصحابها.
من جانبها، تتوقع نشرة "أويل برايس"، أن تمضي مشاريع الغاز الطبيعي المسال المخطط لها في روسيا قدماً، على الرغم من العقوبات والتحديات في تأمين السفن والعقود طويلة الأجل، وذلك بفضل الدعم الحكومي والحوافز المتعلقة بالتمويل والبحث والتطوير، إلى جانب الإعفاءات الضريبية. ولكنها تقول ربما لن يكون الإنتاج بالطموحات التي وضعتها الحكومة الروسية.
ونظراً للبيئة الصعبة، فمن غير المرجح أن يصل إنتاج الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى الأهداف الحكومية، حيث تتوقع تتوقع نشرة "رايستاد إنيرجي"، أن يصل إنتاج الغاز المسال الروسي 36.3 مليون طن فقط بحلول عام 2026.
وكانت وزارة الطاقة الروسية قد توقعت في عام 2021 أن يرتفع إنتاج الغاز الطبيعي المسال في البلاد إلى ما يصل إلى 140 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035، في ظل سيناريو الحالة العالية، أو 80 مليون طن سنوياً في ظل توقعات أكثر تحفظاً.
وكشفت الوزارة العام الماضي عن خطتها لزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال بنسبة 33% بين عامي 2022 و2026، لتصل إلى 44 مليون طن سنوياً. وفي السيناريو المحافظ، من المتوقع أن تصل هذه الزيادة في الإنتاج إلى 18% فقط، مع هدف يبلغ 39 مليون طن سنوياً.
ويقول نائب رئيس أبحاث التنقيب والإنتاج في شركة ريستاد إنرجي، سوابنيل بابيلي،: "لا تزال الحكومة الروسية متفائلة بشأن إنتاج البلاد، ولكن بدون تغيير كبير في الثروات، فإن الوصول إلى الأهداف قد يكون مجرد حلم بعيد المنال".