لا أعلم يقيناً كيف يمكن أن تموّل جامعة الدول العربية العجز، حين تعرج موازنتها ويزيد الإنفاق، ما يهددها بالإفلاس، كما حدث مع بداية عهد الأمين العام السابق، عمرو موسى الذي هدد بالاستقالة إن لم يتم الدعم والتمويل وتسديد أقساط الدول الأعضاء.
كما لا علم لي إن كان لدى الجامعة العربية شق استثماري بموازنتها العامة أم لا، بيد أني أتوقع، وليس بالتوقع من آثام، أن بعض الدول الغنية، تموّل عجز المظلة العربية. أو تدعم، بشكل أو بآخر، الأجهزة الملحقة والمنظمات والمجالس الوزارية.
إذ ليس من الشيم العربية بمكان، أن تخرج الشائعات عن أمة قحطان، ويلوكها المتربصون بالجامعة ودورها، إن عجزت سورية الأسد عن سداد اسحقاقاتها لعشر سنوات، أو تمنّعت العراق عن الدفع لعدم تعيين سفراء من مواطنيها، أو تلكأت الدول الغنية بالدفع، لإجبار أمانة الجامعة على مد اليد للاحتياطي لتسديد الرواتب، أو ضغط النفقات العامة وترشيد الاستهلاك خلال المناسبات والاجتماعات.
قصارى القول: للعلم ليس إلا، لا تزيد موازنة الجامعة العربية عن 60 مليون دولار سنوياً، إضافة إلى 40 مليوناً للمنظمات العربية المتخصصة، ما يعني إجمالي 100 مليون دولار سنوياً.
والمبلغ على قلته وبسبب صعوبة تحصيله سنوياً، دفع أمين عام الجامعة، أحمد أبو الغيط في تصريحات سابقة، لأن يكشف عن تلكؤ بعض الدول بعدم سداد المستحقات، ويلوّح بإفلاس الجامعة وعدم قدرتها على تسديد أجور موظفيها.
نهاية القول: أياً كان الوضع السياسي أو المالي للجامعة العربية، ومهما تراكمت قضايا الشعوب واسترخت الملفات وتكدست البيانات، لكن لا أحد يمكنه نفي الرحمة والحنان عن الجامعة، وربما بقرار أمس الأحد، دليل يقلّع عين كل فتان أثيم.
إذ قرر وزراء الخارجية العرب إسقاط التزامات سورية والتي تمثل مساهماتها في موازنات جامعة الدول العربية والأجهزة الملحقة وجميع المنظمات والمجالس الوزارية المتخصصة بين أعوام 2012 و2022.
ولدحض كل ادعاء يشكك بحنان ورحمة مظلة العروبة، هاكم ما حدث في 7 أيار/مايو الماضي، وقت قرر وزراء الخارجية في الجامعة العربية، وخلال اجتماع استثنائي، عودة النظام السوري إلى حضن الجامعة بين إخوته وأهله.
قرار تعليق عضوية سورية في تشرين الثاني/ أكتوبر 2011، على ما يبدو، كان خاطئاً أو بصيغة أدق، متسرّعاً وجائراً، فالنظام السوري لم يقتل أو يشرّد أو يتآمر ويبع مقدرات شعبه، بل شبّه لهم.
وربما بعودة العضو بشار الأسد، تحلّ مشاكل الجامعة المالية ولو من أموال المواد المخدرة "الكبتاغون" التي تصدر وتستهلك على الأرض العربية.