استقبل عاملون في قطاع السياحة الخارجية الروسية بتفاؤل كبير نبأ إصدار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مرسوما يقضي برفع الحظر عن تنظيم الرحلات المباشرة إلى المنتجعات المصرية المطلة على البحر الأحمر.
جاء ذلك، وسط توقعات بأن تعود مصر وجهة أساسية للسياحة الروسية في الموسم الشتوي المقبل، بعد غيابها عن السوق الروسية لمدة تزيد عن خمس سنوات، إثر واقعة تحطم طائرة "إيرباص-321" الروسية في سيناء، في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2015.
وفي هذا الإطار، يعتبر نائب رئيس اتحاد الشركات السياحية الروسية، دميتري غورين، في حديث مع "العربي الجديد"، أن عدد السياح الروس المتجهين إلى مصر في هذه السنة سيعتمد على عدد الرحلات التي سيتم السماح بتنفيذها.
ويلفت إلى أن رفع الحظر هو قرار طال انتظاره لمحبي السباحة والغوص في البحر الأحمر والاستمتاع بطبيعته الفريدة من نوعها.
توقعات بأن تعود مصر وجهة أساسية للسياحة الروسية في الموسم الشتوي، بعد غيابها عن السوق الروسية لمدة تزيد عن خمس سنوات، إثر تحطم طائرة روسية في سيناء في 2015
ويقول غورين: "نترقب الآن قرار غرفة العمليات التابعة للحكومة الروسية بشأن عدد الرحلات المسموح بها، وما إذا كانت ستكون منتظمة أم عارضة (تشارتر) منخفضة التكاليف، حتى يتسنى للسياح السفر إلى الغردقة وشرم الشيخ مباشرة من دون المرور بالقاهرة. وبعد اتخاذ هذا القرار، يمكن الحديث عن تاريخ انطلاق الرحلات على وجه الدقة".
وحول توقعاته لإقبال الروس على الاستجمام في مصر بعد رفع الحظر، يضيف: "في سنوات الذروة قبل واقعة الطائرة، كانت مصر تستقبل ما يصل إلى 3 ملايين سائح روسي سنوياً. والآن سيعتمد الأمر على نوع الرحلات التي سيتم السماح بها، وأسعار الباقات السياحية".
ويشرح أنه "في حال السماح بالرحلات العارضة، نتوقع في البداية أسعارا ترويجية في متناول شرائح واسعة من سكان روسيا، تبدأ من 25 ألف روبل (حوالي 340 دولارا) للباقة السياحية للفرد الواحد، مع الإقامة في فندق من فئة 3 نجوم، قابلة للازدياد حسب مستوى الفندق، ولكن الأسعار ستكون أعلى من ذلك بمقدار الضعف أو ثلاثة أضعاف في حال تم السماح بالرحلات المنتظمة فقط.
علما أن أسعار الباقات السياحية عبر القاهرة تبدأ حاليا من 80 ألف روبل (أكثر من ألف دولار)". ويشير إلى مجموعة من المزايا التي تدفع السياح الروس إلى قضاء عطلاتهم في مصر، قائلا: "تجمع مصر عددا من المزايا، مثل الأسعار المناسبة، والقرب الجغرافي، ومتعة السباحة والغطس في البحر الأحمر، بالإضافة إلى اعتراف مصر بشهادات التطعيم باللقاح الروسي المضاد لكورونا "سبوتنيك في"، مما سيعفي العائلات من تحمّل نفقات إجراء اختبارات "كوفيد-19".
ويحبذ غورين أن تلغي مصر رسوم التأشيرة البالغة 25 دولارا، ويقول: "صحيح أن هذا المبلغ ليس كبيرا، ولكنه قد يكون مؤثرا للعائلات المكونة من بضعة أفراد".
ومع ذلك، لا يتوقع غورين طفرة فورية في الطلب على الرحلات إلى مصر، بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الموسم الصيفي، والذي يعتمد السياح الروس فيه على الوجهات ذات المناخ الأكثر اعتدالا مثل اليونان وكرواتيا، وبالدرجة الأولى تركيا، مؤكداً أن مصر قد تعود وجهة رائدة للسياحة الروسية في فصول الخريف والشتاء والربيع، لاسيما في ظل استمرار إغلاق الوجهات المنافسة في جنوب شرق آسيا.
وعملياً، بدأت شركات السياحة والطيران الروسية الكبرى حالياً تتأهب لتنفيذ الرحلات إلى المنتجعات المصرية. إذ توقعت شركة "تيز تور" للسياحة، أن يستغرق تنسيق عدد الرحلات العارضة والمنتظمة إلى مصر ما بين ثلاثة وأربعة أسابيع.
ونقلت صحيفة "فيدوموستي" عن ناطق باسم "تيز تور" قوله: "بالتنسيق مع غرفة العمليات، سيتم تحديد العدد وشروط استئناف حركة الطيران".
بدورها، أكدت شركة الطيران "روسيا" التابعة لمجموعة "أيروفلوت"، استعدادها من وجهة النظر الفنية لتنفيذ الرحلات العارضة إلى مصر، بالتعاون مع شركة "بيبليو غلوبوس" للسياحة.
وقال ناطق رسمي باسم "روسيا"، لوكالة "تاس" الرسمية: "من وجهة النظر الفنية والبنية التحتية، فإن شركة "روسيا" وشريكنا شركة "بيبليو غلوبوس" للسياحة مستعدتان لتنفيذ الرحلات إلى المدن المصرية. تنتظر شركة الطيران التصاريح اللازمة من غرفة العمليات والوكالة الفدرالية للنقل الجوي".
ولما كان قرار رفع الحظر عن الرحلات إلى المنتجعات المصرية يأتي بعد نحو أسبوعين فقط من استئناف الرحلات إلى تركيا، زاد ذلك من التساؤلات حول آفاق احتدام المنافسة بين هاتين الوجهتين الخارجيتين للسياحة الروسية.
شركات سياحة روسية تطالب مصر بالغاء رسوم التأشيرة البالغة 25 دولارا
إلا أن المدير العام لشركة "إنفوموست" للاستشارات في مجال البنية التحتية والنقل، بوريس ريباك، يذكّر، في حديث مع "العربي الجديد"، بالتوازن في الاختيار ما بين تركيا ومصر، قبل واقعة الطائرة الروسية، في ظل اختلاف الظروف الجوية بين الوجهتين.
ويقول ريباك: "شكّل إغلاق مصر في عام 2015 ضربة مروعة لقطاعي السياحة والطيران. وقبل ذلك كانت تركيا ومصر تتكاملان جيدا، إذ كانت مصر وجهة للسياحة الشتوية، وتركيا للسياحة الصيفية، موفرتين مجتمعتين فرص الاستجمام بأسعار مناسبة للروس على مدار السنة".
وكان بوتين قد وقّع، الخميس الماضي، على مرسوم رفع الحظر عن تنفيذ رحلات الركاب من روسيا إلى المدن المصرية (كان يستثني قبل ذلك الرحلات المنتظمة إلى القاهرة فقط)، ملغيا أيضا التوصيات للشركات والوكالات السياحية بالامتناع عن حجز الباقات السياحية إلى المنتجعات المصرية للروس.
وسبق لبوتين ونظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، أن اتفقا، في اتصال هاتفي في 23 إبريل/نيسان الماضي، على استئناف حركة الطيران بين البلدين على نحو كامل، بما في ذلك إلى منتجعي الغردقة وشرم الشيخ الواقعين على سواحل البحر الأحمر.