عيد العمال في 5 دول.. مظاهرات وتشريعات واشتباكات مع الشرطة

01 مايو 2023
عيد العمال وفرصة متجددة سنوياً للمطالبة بتحسين ظروف العمل (Getty)
+ الخط -

احتفل 

العالم اليوم الإثنين باليوم العالمي للعمال، الذي تحل مناسبته في الأول من مايو/أيار كل عام، ويكون عادة عطلة رسمية في العديد من البلدان، حيث تباينت مظاهر الاحتفال، لتظهر الاحتجاجات في بعض الدول، بينما تستبق الحكومات، في البعض الآخر، الاحتفالات بسن أو إلغاء بعض القوانين ذات الصلة بالعمال.

ويعود تاريخ الاحتفال باليوم العالمي للعمال إلى العام 1886، حيث خرج عدد من عمال مصانع شيكاغو في الولايات المتحدة في إضراب عن العمل، مطالبين بتحسين ظروف العمل وخفض ساعاته إلى ثماني ساعات يومياً. وفي الخامس من مايو من ذلك العام، اندلعت اشتباكات بين العمال والشرطة، وأدت إلى إصابة ومقتل العديد من الأشخاص.

وفي العام التالي، تم تنظيم اجتماع في باريس، حيث دعا ممثلو الحركات العمالية إلى تحديد الأول من مايو كيوم عالمي للعمال، لتكريم ذكرى المظاهرة في شيكاغو ولتعزيز حقوق العمال في جميع أنحاء العالم. ومنذ ذلك الحين، يحتفل العالم باليوم العالمي للعمال في الأول من مايو من كل عام، بينما تحتفل به الولايات المتحدة يوم الإثنين الأول من شهر سبتمبر/أيلول، رغبة منها في الابتعاد عن الحركات الاجتماعية اليسارية.

واليوم، ومع حلول ذكرى اليوم العالمي للعمال، وفي ظل أوضاع اقتصادية دولية تتباين فيها أوضاع العمال من دولة إلى أخرى، كان طبيعياً أن تكون هناك احتجاجات في العديد من البلدان، التي تسمح بخروج المواطنين للمطالبة بالتغيير.

فرنسا: احتجاجات واشتباكات عنيفة مع الشرطة

ففي فرنسا التي عقد فيها اجتماع الحركات العمالية، استمر الشقاق بين الرئيس إيمانويل ماكرون والحركات العمالية للعام الخامس على التوالي، فمنذ 2018 بدأت احتجاجات السترات الصفراء، حاملة مطالب اقتصادية واجتماعية، خاصة بعد رفع أسعار المحروقات وما تبعها من ارتفاع في معدل الأسعار. ولم يوقف تلك الاحتجاجات خلال السنوات الأخيرة سوى جائحة الكورونا.

وتزايدت حدة الاشتباكات اليوم بين الشرطة الفرنسية ومئات آلاف المتظاهرين، الذين يرتدون ملابس سوداء، في باريس ومدن أخرى خلال احتجاجات قادتها النقابات ضد الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي أصدر قراراً رفع فيه سن التقاعد عامين إلى 64 عاماً، في خطوة أدت إلى انخفاض شعبيته لما يقرب من المستويات القياسية المنخفضة التي شهدها خلال أزمة "السترات الصفراء" في 2018.

وقالت وكالة فرانس برس إن مئات الآلاف من الفرنسيين نزلوا إلى شوارع فرنسا الإثنين بمناسبة عيد العمّال، للاحتجاج على إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس إيمانويل ماكرون. وقالت الأمينة العامّة للاتحاد العمّالي العام صوفي بينيه إنّ نسبة المشاركة "في هذا الأول من أيار/مايو هي من الأكبر في تاريخ عيد العمّال في البلاد".

بدوره، اعتبر الأمين العام لـ"الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل" لوران بيرجيه أنّ "نسبة التعبئة كبيرة جدّاً".

ونظرًا لتلك الاحتجاجات، التي بدأت قبل فترة، خفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني السيادي لفرنسا يوم الجمعة بدرجة واحدة إلى "AA-"، مشيرة إلى الاضطرابات الاجتماعية والجمود السياسي المحتمل كمخاطر على طاولة ماكرون.

إيطاليا: خطوات استفزازية

ولم يكن الحال أفضل كثيرًا في إيطاليا، حيث أقرت الحكومة هناك عدة إجراءات تحت مسمى حزمة العمل.

ووافقت الحكومة اليمينية في إيطاليا اليوم الاثنين على إجراءات لتعزيز خلق فرص العمل وأجور العمال، وسط ردود فعل عدائية من النقابات وأحزاب المعارضة بشأن التخفيضات المصاحبة في الرعاية الاجتماعية والقواعد الأكثر مرونة بشأن عقود العمل قصيرة الأجل.

وسهلت رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني على الشركات تقديم عقود عمل تتراوح مدتها بين 12 و24 شهرا وقلصت خطة "أجور المواطنين" لمكافحة الفقر بهدف تشجيع الأصحاء على البحث عن عمل.

وخصصت روما أيضا نحو ثلاثة مليارات يورو (3.30 مليار دولار) لخفض ما يسمى بـ"الوتد الضريبي" لمدة ستة أشهر، وهو الفرق بين ما يدفعه صاحب العمل وما يأخذه العامل إلى المنزل، ولكن فقط لأولئك الذين لا يكسبون أكثر من 35 ألف يورو سنوياً.

وقال ميلوني في بيان بالفيديو إن التخفيضات الضريبية ستصل في المتوسط إلى 100 يورو شهرياً.

وفي تصريح استفزازي قالت ميلوني "أنا فخورة باختيار الحكومة الاحتفال بيوم 1 مايو (يوم العمال العالمي) بالحقائق بدلاً من الكلمات".

يذكر أن ميلوني قد فازت في الانتخابات العام الماضي جزئياً على وعد بجعل إيطاليا أكثر ملاءمة للأعمال.

إسبانيا: تشريعات إيجابية 

وعلى العكس من ذلك اختارت إسبانيا،  حيث يعد الاقتصاد الرئيسي الآخر في جنوب أوروبا مسارا معاكسا لذلك التيار، حيث دفعت حكومة يسار الوسط بتشريع لزيادة العقود الدائمة بين العمال الشباب، ما أدى إلى حالة من الهدوء في أوساط الطبقة العاملة هذا العام.

المغرب: احتجاجات نادرة

وجنوب المتوسط، وتحديداً في المغرب، شارك منضوون في نقابات عمّالية مختلفة في مسيرات عيد العمّال بالرباط الإثنين احتجاجاً على غلاء الأسعار و"ضرب القدرة الشرائية" للمستهلك، حيث تسبّبت معدّلات التضخّم المرتفعة في المملكة بارتفاع أسعار المواد الغذائية على وجه الخصوص.

وشارك مئات من النقابيين، من انتماءات مختلفة، في مسيرة جابت في أجواء هادئة وسط العاصمة.

وردّد المتظاهرون هتافات ركّزت على رفض غلاء الأسعار و"تدمير القدرة الشرائية" للمواطن، في حين طالبت هتافات أخرى "بإسقاط الفساد".

ودعا بعض المتظاهرين رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى الرحيل، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.

وتطالب النقابات على وجه الخصوص الحكومة باتّخاذ سلسلة إجراءات لدعم القدرة الشرائية للمواطنين. ومن أبرز هذه المطالب وضع سقف لأسعار المحروقات وبخفض الضريبة على القيمة المضافة للمواد الأساسية.

مصر: قرارات حكومية وأزمات معيشية

وفي مصر، التي تعاني منذ أكثر من عام ويلات أزمة مالية خانقة، تسببت في تراجع مستوى المعيشة للملايين من المصريين، أصدرت الحكومة المصرية عدة قرارات احتفالاً بعيد العمال، كان أبرزها  إنشاء صندوق إعانة الطوارئ للعمالة غير المنتظمة، وتفعيل عمل الصندوق فور انتهاء الإجراءات القانونية بصرف 1000 جنيه (أقل من 33 دولاراً أميركياً) إعانة عاجلة، وإصدار وثيقة جديدة من شهادة "أمان" لتغطية التأمين على الحياة وإصابات العمل للعمالة غير المنتظمة، وأخيرًا الالتزام بالنسبة المقررة قانوناً 5% لتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.

وكانت دار الخدمات النقابية المصرية، وهي إحدى الكيانات الاتحادية المستقلة للعمال، قد أصدرت بيانًا قالت فيه إن عيد العمال هذا العام يأتي بينما يعيش العالم أزمة اقتصادية، لنشهد ارتفاع معدلات التضخم، وارتباك الأعمال وحركة الأسواق، وفقدان الوظائف، والتسريح الجماعي للعمال.

وأضافت أن معدل التضخم الأساسي قد ارتفع ليصل إلى مستوى قياسي متجاوزاً الأربعين بالمائة، مع تضاعف أسعار الغذاء والسلع الأساسية على نحو غير مسبوق، على خلفية خفض قيمة العملة المحلية (الجنيه)، والنقص القائم في العملة الأجنبية، وتأثير نقص المواد الخام، والتأخيرات المستمرة في دخول الواردات إلى البلاد”.

وقالت أيضاً في نص البيان "وبطبيعة الحال يتحمل العمال، وذوو الدخول الثابتة والمنخفضة، فاتورة هذه الأزمات الاقتصادية الخانقة، ورغم إصدار الحكومة حزمة من القرارات في محاولة لامتصاص آثارها، تضمنت زيادة الحد الأدنى للأجور للعاملين في الإدارات والمؤسسات الحكومية وشركات قطاع الأعمال العام إلى 3500 جنيه، وتقديم موعد صرف زيادة المستحقات التأمينية (المعاشات) إلى إبريل بدلاً من يوليو، وضخ المزيد من بعض الإعانات الإضافية من خلال برنامج تكافل وكرامة.. إلا أن هذه الإجراءات المحدودة لم يكن لها أن تصمد أمام تضاعف أسعار السلع الأساسية الذي التهمها دون رحمة، بل أن الكثير من الأسر عانت مباشرةً من انخفاض واضح وكبير في مستوى معيشتها، خاصة وأنها لا تملك ترف اللجوء إلى بدائل أقل تكلفة".

كما أكد البيان على أهمية تحديد علاقات عمل عادلة فيما يختص بالتعيين والفصل والعلاوات الدورية وتنظيم الحقوق العمالية كالإضراب والضمان والحماية الاجتماعية والحق في التنظيم المستقل دونما تعسف في اللوائح والقوانين.

واختتم البيان “يا عمال مصر.. ما غيب الله لكم صوتاً.. فأنتم – كما العمال في كل مكان - تديرون عجلات الإنتاج بعرقكم، وتغزلون الحياة بأنوالكم، تحمل جدران الوطن بصماتكم، وينفتح طريق المستقبل بمطارقكم”.