بينما تشير تقارير المؤسسات الدولية إلى اتجاه إيجابي لمسار الاستثمار الأجنبي في سلطنة عُمان ومؤشراتها الاقتصادية، اتخذت وزارة التجارة والصناعة خطوة معاكسة في 18 يونيو/حزيران الفائت، بتحديدها أنشطة اعتبرتها "محظورة" على الاستثمار الأجنبي تشمل النقل والبيع بالتجزئة والخدمات والتجميل والترفيه.
كما شملت الأنشطة المحظورة على الاستثمار الأجنبي تشغيل مفارخ (مزارع) الدواجن، فيما عدا المشروعات ذات الطاقة الإنتاجية الكبيرة، وتربية النحل وإنتاج العسل وشمع العسل، وصيد الأسماك البحرية وذبح وتهيئة الدواجن والأرانب والطيور، فيما عدا المشروعات ذات الطاقة الإنتاجية الكبيرة.
هذا بالإضافة إلى نشاط الطباعة باستخدام الآلات الناسخة والحاسب الآلي والآلات المكتبية الأخرى مثل ناسخات الصور أو الناسخات الحرارية، ونقل وبيع المياه غير الصالحة للشرب وتأجير الرافعات التي يشغلها عامل، واستئجار آلات ومعدات التشييد الأخرى، التي يشغلها عامل، وتأجير معدات البناء أو الهدم، التي يشغلها عامل، حسبما أورد بيان لوزارة التجارة والصناعة العمانية.
ولا يعني ذلك غلق عُمان أبوابها أمام الاستثمار الأجنبي، بل "توجيهها" نحو قطاعات أُخرى مثل التصنيع والسياحة والتكنولوجيا، بحسب البيان.
لكن القرار أثار تساؤلات بشأن المردود الاقتصادي المتوقع له، خاصة في ظل اتساع نطاق الأنشطة المحظورة، إذ قد يشهد بعضها زيادة في الإيرادات والأرباح للمستثمرين المحليين، مثل بيع الماء والغاز والهاتف، وقد يشهد بعضها تحسنا في جودة الخدمات والسلع، مثل التصليح والغسيل والخدمات المكتبية، وبعضها قد يشهد تنوعاً في المنتجات والمشاريع، مثل الحلوى والخنجر والحرف اليدوية، بينما قد يشهد البعض الآخر تحديات في التوطين والتأهيل والتنافس، مثل النقل والتخليص والتأمين والعقارات، حسب تقدير أورده موقع "تريد أرابيا".
ويشير الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن أصل حظر بعض الأنشطة على الاستثمار الأجنبي في عُمان كان موجودا في السابق، وتتجدد قائمته من وقت إلى آخر مع تجدد مطالب السوق، ومستهدفات الحكومة، مشيرا إلى أن بعض الجهات الاقتصادية في عمان تعتقد أن بعض النشاطات ترتبط بالموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد في السلطنة، ويجب أن تقتصر فقط على العمانيين.
وأضاف أن السلطنة تريد بذلك أيضا دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتمكينها في الاقتصاد الوطني، وبالتالي دعم المواطن العماني، وهو توجه لا ينسجم مع توجهات السوق الحرة، لكن لكل بلد خصوصيتها، وعمان ترى أن لبعض المهن خصوصية، وتريد الحد من المنافسة فيها بين العماني والأجنبي، وتخصيصها فقط للعُماني.
كما تهدف الحكومة إلى تقوية الشركات العمانية متوسطة وصغيرة الحجم، والتي يملكها عمانيون، مع استثناء ممكن للمستثمرين الخليجيين، عبر معاملتهم معاملة العمانيين، واعتبار أن تعريف "الأجنبي" هو غير العماني وغير الخليجي، بحسب الشوبكي الذي توقع زيادة عدد الشركات أو المؤسسات أو المهن أو الأنشطة التي يملكها عُمانيون، إضافة إلى زيادة فرص العمل للمواطنين ودعم بنية القطاع الخاص الوطني.