غوتيريس: النظام الاقتصادي العالمي فاسد أخلاقياً ويحتاج لإصلاحات عميقة

14 ابريل 2022
غوتيريس يحذر من التبعات الاقتصادية للحرب بأوكرانيا (فرانس برس)
+ الخط -

اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أن لا شيء يمكن أن يحل محل الإرادة السياسية التي نحن بحاجة إليها لاتخاذ قرارات من أجل تنفيذ الخطوات اللازمة لمواجهة التحديات التي تعصف بالعالم من بينها الاقتصادية والمناخية، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده الأربعاء بمناسبة صدور تقرير "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" (أونكتاد) حول "التأثير العالمي للحرب في أوكرانيا على أنظمة الغذاء والطاقة والتمويل".

يأتي التقرير في سياق إنشاء غوتيريس، بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، لـ"مجموعة الاستجابة للأزمات العالمية بشأن الغذاء والطاقة والتمويل" وتقديم التقارير إلى اللجنة التوجيهية التي تضم جميع وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية. وهذا هو التقرير الأول للجنة.

وكان الأمين العام قد حذر في أكثر من مناسبة، من عواقب تداعيات أزمة المناخ وجائحة كورونا على الاقتصادات حول العالم والدول النامية والفقيرة على وجه التحديد.

وردا على سؤال لمراسلة "العربي الجديد" بالأمم المتحدة في نيويورك حول ما إذا كانت لديه خطة ثانية للتعامل مع تلك التحديات وخاصة أن الكثير من السياسيين يقطعون الوعود دون تنفيذها، قال غوتيريس: "الخطة الثانية هي عدم الاستسلام بتاتا والتأكيد على ضرورة تنفيذ خطتنا الرئيسية. لا يوجد أي شيء يمكن أن يحل محل الإرادة السياسية التي نحن بأمسّ الحاجة إليها من أجل اتخاذ الخطوات اللازمة. يمكننا (كأمم متحدة) أن نشير إلى الخطوات التي يجب اتخاذها، الموارد متوفرة حول العالم، ولكن نحن بحاجة للإرادة والقرارات السياسية لتنفيذها".

وشدد غوتيريس على أن العالم يواجه فترة حرجة على عدة أصعدة، وأنه من الضروري أن يتحرك السياسيون لتنفيذ عدد من الخطوات. كما تحدث عن الدور المهم الذي يلعبه عدد من المنظمات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وتابع قائلا: "حجم الحاجة والمعاناة اللتين نشاهدهما حول العالم ضخم، بما في ذلك أوكرانيا، من قبل أشخاص عانوا تبعات كورونا والتغير المناخي والنقص في اللقاحات والنقص في الدعم المادي للتعافي. نحتاج للتحرك وبسرعة. الموارد متوفرة والخطوات واضحة. هناك دول لديها مخزون غذاء عالٍ يمكن أن تتيحه في السوق (للتخفيف من صدمة الحرب على استيراد القمح وغيره على السوق العالمية) كما يجب رفع القيود، ولكن الأهم من كل شيء أنه علينا أن نستغل وبشكل فوري الإمكانيات الاقتصادية المتاحة".

وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة موضحاً: "لقد قلت ومنذ فترة طويلة إن النظام الاقتصادي العالمي فاسد أخلاقيا. وقلت إننا نحتاج إلى إصلاحات عميقة للنظام الاقتصادي العالمي، ولكن الآن يجب التحرك وبشكل طارئ واستخدام الأدوات المتاحة".

وكان غوتيريس قد استهل المؤتمر الصحافي بالحديث عن الحرب في أوكرانيا، وقال: "انصب اهتمام العالم، منذ غزو روسيا الاتحادية لأوكرانيا، على الحرب والمستويات المخيفة من الموت والدمار والمعاناة"، لافتا إلى أن الاهتمام كان أقل في ما يخص تأثير الحرب وأبعادها المختلفة عالميا بشأن زيادة الفقر والجوع والاضطرابات العالمية.

وشدد على أن الحرب "تؤدي إلى تفاقم أزمة ثلاثية الأبعاد؛ الغذاء والطاقة والتمويل، والتي تضرب الأشخاص والبلدان والاقتصادات الأكثر ضعفًا في العالم"، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في وقت لا تزال فيه البلدان النامية تواجه تحديات "ليست من صنعها، مثل جائحة كورونا وتبعات التغير المناخي والافتقار إلى الوصول إلى الموارد الكافية لتمويل الانتعاش في سياق اللامساواة المستمرة والمتزايدة".

وشدد غوتيريس على أمرين أساسيين يبرزهما التقرير. وقال في هذا السياق: "ما يصل إلى 1.7 مليار شخص، ثلثهم يعيش في فقر بالفعل، معرضون الآن بشدة لاضطرابات في أنظمة الغذاء والطاقة والتمويل التي تؤدي إلى زيادة الفقر والجوع".

ولفت الانتباه إلى أن "ستاً وثلاثين دولة حول العالم تعتمد على روسيا وأوكرانيا في أكثر من نصف وارداتها من القمح، بما في ذلك بعض أفقر البلدان وأكثرها ضعفًا في العالم"، موضحاً أن "أسعار القمح والذرة متقلبة للغاية منذ بدء الحرب، لكنها لا تزال أعلى بنسبة 30 في المائة منذ بداية العام".

وبخصوص ارتفاع أسعار الطاقة، قال: "ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 60 في المائة خلال العام الأخير، مما أدى إلى تسريع الاتجاهات السائدة. وينطبق الشيء نفسه على أسعار الغاز الطبيعي، التي ارتفعت بنسبة 50 في المائة في الأشهر الأخيرة، كما زادت أسعار الأسمدة أكثر من الضعف".

وربط غوتيريس ارتفاع الأسعار بارتفاع نسب الجوع وسوء التغذية، متحدثاً عن أن ذلك يؤدي إلى بدء "حلقة مفرغة محتملة من التضخم والركود. كما يوضح التقرير أن هناك علاقة مباشرة بين ارتفاع أسعار المواد الغذائية وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي"، محذراً من أن العالم لا يمكنه تحمل ذلك ويجب العمل والتحرك الآن.

وحضرت المؤتمر الصحافي كذلك الأمينة العامة لـ"أونكتاد" ريبكا غرينسبان، والتي تحدثت بدورها عن عدد من التوصيات التي يشملها التقرير.

وقالت: "يوصي التقرير، في ما يتعلق بأزمة الغذاء، بإبقاء الأسواق مفتوحة. ونحث جميع الدول على أن ترفع أي عقبات لاستمرار إبقاء الأسواق مفتوحة، كما رفع أي عقبات تؤثر سلبا على التجارة العالمية بما فيها وصول الأسمدة والأغذية، وتكديس المنتجات ومضاربات تهدد سلسلة التوريد. كما نحتاج لتضامن عالمي أكبر".

وأضافت: "علينا أن نساعد الدول لتساعد فقراءها وخلق شبكة أمان لدعمها. أغلب العائلات الفقيرة تخصص أغلب دخلها للغذاء. وهذا يعني أن ارتفاع أسعار الأغذية يوجع الفقراء". ثم تحدثت عن ضرورة مساعدة المزارعين الصغار حيث يجب أن تتاح أمامهم الإمكانيات، مشيرة إلى أهمية التركيز على الطاقة ومصادرها وعلى رأسها الطاقة النظيفة.

المساهمون