- تحت حكم بايدن، تواجه الولايات المتحدة تحديات اقتصادية مثل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، زيادة معدلات الفقر والتشرد، وارتفاع معدلات التأخر في سداد الديون، مما يعقد مهمته في الفوز بالحجة الشعبوية.
- على الرغم من التحديات الاقتصادية، حقق بايدن نجاحات في مجال الرعاية الصحية مثل خفض أسعار الأدوية ووضع حد لتكاليف الأنسولين، لكن ثقة الناخبين في قدرته على إدارة الاقتصاد تتراجع، مما يشكل تحديًا لحملته الانتخابية.
مع الاقتراب من انتخابات الرئاسة الأميركية، يحاول الرئيس الأميركي جو بايدن في الفترة الأخيرة التركيز على موضوعات الشعبوية الاقتصادية، التي ساعدت الرؤساء الديمقراطيين في العديد من الانتخابات السابقة، إلا أن مؤشرات سنوات حكمه الاقتصادية تقول إن فقراء أميركا قد يكون لهم رأي آخر هذه المرة.
ويصور بايدن نفسه على أنه ملتزم بالدفاع عن المواطن الأميركي المتوسط ضد المصالح القوية والأثرياء. لكن استطلاعات الرأي تظهر باستمرار أن عددًا أكبر بكثير من الأميركيين، بما في ذلك أعداد كبيرة من الناخبين السود والأسبان الأقل دخلاً وثروة، يعتقدون أنهم استفادوا شخصيًا من سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب مقارنة بسياسات بايدن.
ويقول منظمو استطلاعات الرأي في كلا الحزبين إنه من الشائع سماع المشاركين يقولون إنهم شعروا أن لديهم المزيد من المال في جيوبهم في نهاية الأسبوع عندما كان ترامب رئيسًا.
وقال جيم ماكلولين، أحد منظمي استطلاعات الرأي لصالح ترامب: “قبل كوفيد مباشرة، كان الناس يخبروننا أنه أفضل اقتصاد رأوه في حياتهم. والآن، يقولون: "إنهم يلومون جو بايدن على وجه التحديد على الصعوبة المتزايدة التي يواجهونها في تغطية نفقاتهم". وأضاف ماكلولين: "قف خارج محل بقالة، وسيخبرونك بمدى ازدهار الاقتصاد".
ويمثل هذا التوجه لصوت فقراء أميركا تهديداً لفرص بايدن في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني القادم. ولو تمكن الرئيس الحالي من إقناع الناخبين بأن سياسات ترامب ساعدت الأغنياء والشركات أكثر من غيرهم، فربما يبقى محدودو ومتوسطو الدخل على تفضيلهم التصويت لترامب إذا رأوا أن مستويات معيشتهم كانت أفضل في عهد ترامب عما هي عليه الآن.
وأظهرت بيانات حديثة نشرتها وكالة بلومبيرغ الأسبوع الماضي ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 25% مقارنة بمستواها قبل فترة الإغلاق التي صاحبت ظهور وانتشار فيروس كوفيد 19.
ومثل الارتفاع في أسعار المواد الغذائية خلال فترةٍ حَكَمَ بايدن تجاوزاً بخمس نقاط مئوية (5%) من ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين الأكثر شمولاً، وفقاً لبيانات الوكالة.
وتظهر أحدث بيانات لمكتب الإحصاء الأميركي وجود 37.9 مليون أميركي من الفقراء، بنسبة تقدر بنحو 11.5% من عدد السكان في 2022، وفقاً للمقياس الأكثر استخداماً في البلاد، والقائم على تقسيم فئات الدخل، وفق رؤية الحكومة الأميركية.
وفي 2023، اعتبرت الأسرة الأميركية، المكونة من أربعة أفراد، والتي يقل دخلها السنوي عن 30 ألف دولار، فقيرة، بينما اعتبر الفرد الذي يقل دخله عن 14.580 ألف دولار فقيراً
أما بالنسبة لمقياس الفقر التكميلي SPM، وهو مقياس أوسع للفقر، يأخذ في الاعتبار عوامل تتجاوز الدخل، مثل الموقع الجغرافي وحجم الأسرة، فقد أظهرت بيانات مكتب الإحصاء زيادة في عام 2022 مقارنة بعام 2021، ليسجل نسبة 12.4% من عدد السكان بأميركا، أي أكثر من 40 مليون أميركي.
وسجل معدل فقر الأطفال بأميركا، بحسب SPM نسبة 12.4% في نفس العام، وهو ما كان تقريباً ضعف مستواه في العام السابق 2021. وكانت معدلات الفقر بالنسبة للأفراد السود واللاتينيين أعلى مقارنة بالأفراد البيض، كما كانت الصورة صادمة في بعض الولايات على وجه الخصوص.
وعلى سبيل المثال، أوضح تقرير حديث، صادر عن مركز الفقر والسياسات الاجتماعية التابع لجامعة كولومبيا، زيادة عدد من يعانون من سكان ولاية نيويورك للحصول على الغذاء من عام 2021 إلى عام 2022، مرتفعة من 30% إلى 34% بين البالغين ومن 39% إلى 43% بين الأسر التي لديها أطفال.
ورغم صعوبة تحديد العدد الدقيق للمشردين في الولايات المتحدة، بسبب تحديات حساب أعداد غير المقيمين، أشارت تقديرات وزارة الإسكان والتنمية الحضرية (HUD) إلى وجود نحو 582.5 ألف شخص كانوا يعانون التشرد في الولايات المتحدة في عام 2022.
لكن "التحالف الوطني لإنهاء التشرد" قال إنه تم الإبلاغ عن أن أكثر من 653,104 أشخاص يعانون من التشرد في الولايات المتحدة في عام 2023، وبنسبة زيادة تقدر بنحو 12% مقارنة بعام 2022.
أيضاً يوجد عدد لا بأس به من الأميركيين غير قادرين على سداد ديونهم، أو تأخروا في سدادها، حيث يشير معدل التأخر في السداد، والذي يقيس النسبة المئوية للحسابات التي تأخرت مدفوعاتها فترة زمنية معينة (عادة 30 يومًا أو أكثر) إلى وجود نحو 29.6% من الأميركيين في أكبر 100 منطقة حضرية، من المتخلفين عن سداد دين واحد على الأقل، وفقًا لتحليل شركة الإقراض الأميركية "لندينغ تري LendingTree" في عام 2023.
وتظهر سجلات المحاكم الأميركية زيادة كبيرة في إجمالي طلبات الإفلاس في عام 2023 مقارنة بالسنوات السابقة. ووفقًا للمكتب الإداري للمحاكم الأميركية (AOUSC)، بلغت طلبات إشهار الإفلاس السنوية 452,990 في 2023، مقارنة بنحو 387,721 قضية في عام 2022، وبنسبة ارتفاع 16.8%.
وكانت الزيادة ملحوظة بشكل خاص في طلبات الإفلاس غير التجارية، والتي من المرجح أن تمثل حالات إفلاس المستهلكين الأفراد. وارتفعت هذه الطلبات بنسبة 16% إلى 434,064 في عام 2023 مقارنة بعام 2022.
ومع ارتفاع تكاليف العلاج في الولايات المتحدة، كان لإتاحة التأمين الصحي أهمية كبيرة عند الأميركيين. واستنادًا إلى أحدث البيانات المتاحة، كان لدى حوالي 92.1% من الأشخاص في الولايات المتحدة تأمين صحي في وقت ما خلال عام 2022، ما يعني أن نسبة 7.9% المتبقية، أو ما يقدر بنحو 26.73 مليون شخص، كانوا غير مؤمن عليهم.
لكن الرئيس بايدن حقق بعض النجاح في ما يخص برامج الرعاية الصحية، بعد أن تمكنت إدارته من التفاوض على خفض أسعار الأدوية لكبار السن. وتتفاوض الإدارة الحالية الآن على خفض أسعار الأدوية العشرة الأولى.
كما حصل بايدن أيضًا على سلطة وضع حد أقصى للتكاليف الشهرية للأنسولين لكبار السن عند 35 دولارًا شهريًا، بالإضافة إلى وضع حد أقصى للنفقات النثرية السنوية لكبار السن لجميع الأدوية بمبلغ 2000 دولار.
ومرر بايدن أيضاً إعانات مالية أكبر كثيراً لمساعدة تغطية "الشراء لغير المؤمن عليه" بموجب قانون مكافحة الفساد، مما دفع معدل الالتحاق بالبرنامج إلى مستويات قياسية. وقد قامت إدارته بفرض قوانين مكافحة الاحتكار بشكل أكثر قوة من أي وقت مضى في الآونة الأخيرة، واتبعت هجوماً تنظيمياً متعدد الجوانب ضد ما يسميه الرسوم غير المرغوب فيها.
وتضمن مشروع قانون تحفيز كوفيد-19 الذي تم إقراره في عام 2021 توسيع الإعفاء الضريبي للعائلات التي لديها أطفال بما يكفي لخفض فقر الأطفال إلى النصف تقريبًا.
وعلى الرغم من انتهاء صلاحية الائتمان عندما أصر السيناتور عن ولاية فرجينيا الغربية جو مانشين على إزالته في قانون الحد من التضخم. أيضاً أقر بايدن في هذا القانون حدًا أدنى جديدًا للضريبة بنسبة 15% على الشركات.
ومع ذلك، فإن التضخم، وتأثيره على قدرة الأسر العاملة على تغطية فواتيرها، أدى إلى تعقيد مهمة بايدن إلى حد كبير في الفوز بالحجة الشعبوية التقليدية ضد ترامب.
ورغم اعتدال التضخم بشكل كبير من ذروته بعد جائحة كوفيد مباشرة، حيث لم تعد الأسعار ترتفع بالسرعة نفسها، فإنها تظل أعلى بنحو 18% عما كانت عليه عندما تولى بايدن منصبه، وأعلى من ذلك بالنسبة للضروريات مثل البقالة والغاز والإيجار.
وبينما ارتفعت الأجور بشكل أسرع من الأسعار منذ ربيع عام 2023، فإن الزيادة التراكمية في الأجور لم تتجاوز بعد الزيادة التراكمية في الأسعار خلال فترة الرئيس الحالي، مما جعل العديد من العمال يشعرون بالضغط.
وتظهر استطلاعات الرأي ثقة واضحة في أن بايدن اليوم لا يخسر المقارنة الاقتصادية مع ترامب فحسب، بل يواجه شكوكا كبيرة بين الدوائر الانتخابية التي عادة ما تكون الهدف الرئيسي للرسالة الاقتصادية الديمقراطية الشعبوية.
وفي استطلاع للرأي أجرته قناة CNBC الاقتصادية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم يكن الناخبون البيض فحسب أفضل ماليًا في عهد ترامب مقارنة بعهد بايدن، بهامش يزيد عن 4 إلى 1، بل شعر بذلك أيضاً الناخبون غير البيض، وإن بهامش 2 إلى 1 تقريبًا.
وفي أحدث استطلاع وطني لشبكة NBC News، وثق الناخبون الذين تم تحديدهم على أنهم من ذوي الدخل المنخفض والطبقة العاملة بترامب أكثر من ثقتهم ببايدن في ما يتعلق بالاقتصاد، بهامش ساحق 61% إلى 25%.